الأربعاء 15 مايو 2024
سياسة

محمد الهزاط: الكويت لها حسابات خاصة مع المغرب لهذا لم تنسحب من القمة العربية الإفريقية

محمد الهزاط: الكويت لها حسابات خاصة مع المغرب لهذا لم تنسحب من القمة العربية الإفريقية

يرى محمد الهزاط، أستاذ باحث بجامعة المولى اسماعيل بمكناس، أن المواقف التي يتخذها المغرب تجاه التهديدات الأمنية التي تتعرض لها دول الخليج تتسبب له في مشاكل ، مشيرا في هذا الصدد الى إقدام المغرب على قطع العلاقات مع إيران بسبب التدخل الإيراني في شأن البحرين:
+كيف تقرؤون الموقف الكويتي بعدم الإنسحاب من القمة العربية – الإفريقية والذي لايتناغم مع الضوابط المشتركة بين المجموعتين والتي تم تكريسها في القمم السابقة والتي تقوم على احترام الوحدة الترابية للبلدان وقصر المشاركة على الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة الأمر الذي دفع وزارة الخارجية المغربية الى إصدار بلاغ تنتقد فيه موقف الكويت ؟
++أعتقد أن انتقاد وزارة الخارجية المغربية للموقف الكويتي القاضي بعدم الإنسحاب من القمة العربية – الإفريقية انتقاد مشروع، فلا حاجة للتذكير أنه إبان الإحتلال العراقي للكويت أن أول دولة نددت بهذا الإحتلال هو المغرب، ويقال أن الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله جمع الوزراء ليلا لإصدار بيان لإدانة الإحتلال العراقي للكويت وربما قبل أي دولة من دول الخليج، علما أن علاقة المغرب بالعراق، آنذاك، كانت افضل من علاقته بالكويت، حيث كان المغرب يستفيد من النفط العراقي بأسعار تفضيلية، ويبدو لي أن الأشقاء الكويتيين لديهم حسابات خاصة في هذا الإطار.
ثانيا، المغرب تاريخيا كان متضامن مع الكويت وخصوصا عندما تتعرض هذه الدولة لمجموعة من القلاقل الداخلية بفعل التيارات التي يقال إنها كانت تابعة للنفوذ الإيراني، وأعتقد أن الموقف الكويتي يشكل خروج عن الإلتزامات المتبادلة بين كل من المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي، ولهذا السبب فالموقف المغربي تجاه الكويت يبقى مشروع ومنطقي، فاشتراطات التحالف مع مجلس التعاون الخليجي واضحة، فالكل للفرد والفرد للكل.
+يعني هذا يفرض تضامن مع الموقف المغربي من طرف الكويت كعضو في مجلس التعاون الخليجي ؟
++بطبيعة الحال..فالمواقف التي يتخذها المغرب تجاه التهديدات الأمنية التي تتعرض لها دول الخليج تتسبب له في مشاكل أحيانا، ويكفي الإشارة الى إقدام المغرب على قطع العلاقات مع إيران بسبب التدخل الإيراني في شأن البحرين، هذا في الوقت الذي لم تقدم فيه بلدان خليجية على قطع العلاقات مع إيران..

+يعني أن التضامن المغربي مع قضايا بلدان الخليج كان الى أبعد الحدود ؟

++تماما..المغرب تميز بمصداقيته فيما يتعلق بالتضامن مع بلدان مجلس التعاون الخليجي، علما أن أهم شيء في العلاقات الدولية هو كون التضامن يبنى على المصلحة، فالتضامن المغربي مع حلفائه الخليجيين كانت له خصوصيات وحتى إن اقتضى الحال التضرر نتيجة هذه المواقفن وأعتقد ان الموقف الكويتي يحمل تنكر للأعراف التي تم تكريسها في القمم العربية – الإفريقية السابقة والتي لم تكن تحضر فيها " البوليساريو " كما يحمل تنكر للوقوف المغربي الدائم الى جانب دولة الكويت في عدد من المحطات الحاسمة والمفصلية من تاريخ دولة الكويت ، فأن تتضامن الصومال التي لا تربطها بالمغرب أية علاقة ولا تتضامن الكويت فهذا يطرح علامة استفهام كبرى .

+اذن هذا يفرض إعادة ترتيب الأوراق فيما يخص العلاقة مع الكويت ؟

++أكيد..إعادة ترتيب الأوراق والكيفية التي ستتخذها لا ندري كيف ستتم، ولكن ماهو مؤكد هو أن المغرب فاعل عقلاني ولايسعى الى توثير الأجواء، والدليل على ذلك هو تصريحات بان كي مون في المؤتمر العالمي للمناخ بمراكش، والإستقبال الذي حظي به من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس كانت له دلالات معبرة، لدرجة جعلته يصاب بالخجل، حيث نوه بالشعب المغربي بالحكومة المغربية وبالجهود المبذولة من قبل المغرب.
+وماذا عن الموقف المتذبذب لدولة مصر في التعاطي مع القضايا المصيرية للمغرب ؟
++دولة مصر هي من الدول المؤسسة للإتحاد الإفريقي، وانسحابها قد يعرضها للعديد من المشاكل بالنظر للتوثرات التي تعاني منها في علاقة مع بعض القوى الإقليمية ومنها دولة إثيوبيا، فمصر تدافع عن مصالحها الخاصة، فالعامل المحدد في العلاقات الدولية هو الملصحة، وانسحاب مصر من القمة العربية – الإفريقية وهي في حاجة الى تأييد بلدان أخرى من قبيل جنوب إفريقيا، نيجريا، بخصوص قضية سد النهضة على وادي النيل فهذا سيؤثر على مصالحها الخاصة ، اذن كل طرف يبحث عن المواقف التي ستخدم مصالحه بشكل أفضل. والنقطة الثانية وهي أنه مؤخرا شهدت العلاقات المصرية – الخليجية نوع من الفتور والدليل على ذلك هو وقف شحنات النفط التي كانت تمنحها المملكة العربية السعودية لفائدة مصر، حيث أن مصر تعيش حاليا مايمكن أن نصطلح عليه ب " بيريسترويكا " بسبب فقدانها دعم دول الخليج، أي إعادة بناء اقتصادها وتوجيه اختياراتها السياسية والإقتصادية، فمصر ربما تعتقد أنها تتعرض لحرب خفية من قبل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ولا ننسى أن المملكة العربية السعودية خصصت استقبالا كبيرا مؤخرا لرئيس الوزراء الأثيوبي علما ان اثيوبيا توجد حاليا في حالة خصام وفي حالة توثر مع مصر. اذن يمكننا تفسير الموقف المصري بكونه يندرج في إطار البحث عن تحالفات جديدة، وإن كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سبق له أن اعلن أن مصر لاتعترف ب " الجمهورية الصحراوية " وإن كان الموقف المصري الداعم للقضية الوطنية لم يكن بنفس الحدة التي كان ينتظرها المغرب، فمصر تعاني من ضغوطات وإكراهات في الساحة الإفريقية دفعتها الى إتخاذ موقفها بعدم الإنسحاب من القمة العربية – الإفريقية، فلما قطعت السعودية شحنات النفط عن مصر قامت بتعويضها من الجزائر وليبيا ونحن نعرف أن قضية الصحراء هي أحد الأجندات التي يتم توظيفها من طرف السياسة الخارجية الجزائرية. اذن مصر كان لزاما عليها اتخاذ موقف لايرضي هذا الطرف ولا الطرف الآخر.

+يعني في المحصلة، ما حصل في القمة العربية – الإفريقية لايؤثر على الموقف المغربي فيما يتعلق بقضية الصحراء ؟

++ما ينبغي التأكيد عليه هو أن مايسمى ب " الجمهورية الصحراوية " لم يتم الإعتراف بها من قبل منظمة الأمم المتحدة، وهذا مكسب كبير للمغرب، كما أنها لم يتم الإعتراف بها من قبل جامعة الدول العربية ومن طرف منظمة المؤتمر الإسلامي، والإعتراف تم فقط داخل الإتحاد الإفريقي، وصناعة القرار وحل المشاكل الدولية لاتتم داخل الإتحاد الإفريقي بل داخل هيئة الأمم المتحدة ونقصد أساسا مجلس الأمن الدولي، ومجلس الأمن الدولي موقف واضح بهذا الخصوص فجميع قراراته في السنوات الأخيرة تتحدث عن الإقتراح المغربي بالحكم الذاتي للصحراء كحل معقول وقابل للمناقشة، يعني أن مجلس الأمن انتصر لمعادلة رابح/ رابح، فلن تكون هناك سيادة مطلقة للصحراء كما لم يكون هناك تقرير للمصير انفصالي، رغم التقارير والتصريحات المنحازة للأمين العام لمجلس الأمن الدولي، فالدول الخمس الكبرى هي التي تتحكم في صنع القرار داخل مجلس الأمن الدولي وهو القرار الذي تتداخل فيه المصالح الجيوسياسية والمصالح الإستراتيجية واستحضار كون المغرب كفاعل إقليمي و استراتيجي في مكافحة الإرهاب وكفاعل إقليمي ودولي في مجال الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وكدولة خاضت تجربة مهمة في اتجاه الإنتقال الديمقراطي وتكريس الديمقراطية وكدولة مشهود لها تاريخيا كدولة للتسامح والحوار والتعايش المشترك، اذن هناك مجموعة من الأوراق المهمة التي يمكن للمغرب استثمارها من طرف الدبلوماسية المغربية، واختراق المغرب للساحة الإفريقية والساحة المشرقية يخدم مصالحنا الإستراتيجية في اتجاه اختراق دوائر مازالت مستعصية من قبيل نيجيريا وجنوب إفريقيا ، فالسياسة مثل الفلاحة كما قال الملك الراحل الحسن الثاني، فالنتائج لاتظهر بمجرد بذر البذور بل لابد من انتظار مزيد من الوقت، ولابد أيضا من تطوير الدبلوماسية المغربية بإدخال فاعلين آخرين في إطار ما يسمى بالدبلوماسية الموازية، وأعتقد ان هذا هو المسار الذي سلكه صاحب الجلالة الملك محمد السادس .