Wednesday 18 June 2025
سياسة

أحمد القاري: لا أعتقد أن علاقة أمريكا مع المغرب ستكون ضمن أولويات الرئيس المنتخب

أحمد القاري: لا أعتقد أن علاقة أمريكا مع المغرب ستكون ضمن أولويات الرئيس المنتخب

في هذا الحوار مع أحمد القاري، المتتبع للشأن الأمريكي، يتحدث عن خلفيات فوز ترامب في رئاسيات أمريكا، وانعكاس ذلك على علاقات بلاد العم سام على المغرب. ويضيف القاري الذي تابع هذه الانتخابات ميدانيا في عدد من الولايات الأمريكية، أن هناك موجة من الحكومات الشعبوية تسود العالم من أوروبا إلى أمريكا.

+ كيف تفسر صعود رئيس أمريكي كان واضحا في حملاته الانتخابية ضد عدد من القضايا؟

- لم يكن انتصار ترامب مستبعدا، بل كان ضمن التوقعات بالنظر للشريحة التي استهدفها في حملاته الانتخابية وعبر عن قلقها ومشاكلها، وهي شريحة البيض المسيحيين الذين مازالوا يشكلون أغلبية وسط المواطنين الأمريكيين، حيث بشعرون بحنق من الواقع الحالي، ويرغبون في تغيير حقيقي يعيدهم لحكم الولايات المتحدة الأمريكية، بينما ركزت الديمقراطية هيلاري كلينتون في حملاتها الانتخابية على الأقليات بما فيها "الهيسبانيك" والأفارقة الأمريكيين.. لكن الذي فاجأني هو حجم الانتصار الذي حققه "ترامب" على غريمته "كلينتون"، من حيث عدد الأصوات التي حصل عليها، والولايات التي استطاع كسب أصوات ساكنتها، مما حقق فيها اختراقا كان مستبعدا، من قبيل ولايتي مشيغن وبنسلفينيا وهي ولايات كانت تشكل حصنا للديمقراطيين، مما يشير إلى أن سكان الضواحي والأرياف من البيض والمسيحيين خرجوا بكثافة للتصويت على ترامب..

+ هل سنكون أمام ولاية رئاسية أمريكية يطبعها فعلا ما وعد به ترامب؟ أم أن هناك فرقا بين الخطاب والممارسة؟

- من الصعب على ترامب أن ينفذ كل ما وعد به ناخبيه.. والمرشح ترامب الذي بدا متهورا ومندفعا في حملاته الانتخابية، سيختلف كثيرا عن ترامب الرئيس الحالي للولايات المتحدة الامريكية.. ومع ذلك فهو سيسعى إلى تنفيذ جزئي لوعوده، وستكون أمريكا أقل انفتاحا على العالم الخارجي، من حيث مسألة المهاجرين واللاجئين العرب والمسلمين. ولابد من التأكيد أن أي رئيس أمريكي، سواء كان ديمقراطيا أو جمهوريا، ورغم الصلاحيات الواسعة الممنوحة له، فإنه سيشتغل ضمن مؤسسات ذات تقاليد عريقة وهي شريكة في صناعة القرار الاستراتيجي للبلد، وكل قرار سيتخذ سيعرض على ميزان الربح والخسارة، بناء على توافقات دقيقة..ثم لا ننسى أن مستويات من الحكومات في الولايات المتحدة الامريكية، وكلها لها اختصاصات من حكومة الولاية والفيدرالية إلى الحكومة المحلية، وهو ما يجعل تنفيذ أي سياسة يتطلب توافقا بين هذه الحكومات.. ومن غير المستبعد أن نكون أمام حالات رفض حكومات ولائية لقرارات الحكومة الفيدرالية في قضايا الهجرة وغيرها من القضايا المثارة، من بينها حكومات نيويورك وفيلادلفيا ولوس أنجليس وسان فرانسيسكو.. وهي مدن تعد ملاذا للمهاجرين..

+ كان المغرب يعول كثيرا على فوز الديمقراطية كلينتون، إلى أي حد سينعكس ذلك على مستوى العلاقات بين الرباط وواشنطن؟

- الواضح أن هيلاري وعائلة كلينتون على العموم نسجت علاقات عميقة مع المغرب، واستطاع بيل وزوجته هيلاري تحويل المغرب لمصدر مالي كبير لفائدة مؤسسة كلينتون.. والمغرب كان يعول مثيرا على فوز الديمقراطيين بزعامة هيلاري الفوز بالانتخابات، بينما كان الأجدر اتخاذ مسافة في هذه الانتخابات، مادام أن النظام الانتخابي الأمريكي دائما يخلق المفاجآت.. وعلى المغرب أن تكون علاقاته متوازنة مع كافة الأطراف. ومع ذلك لا أعتقد أن علاقة أمريكا مع المغرب ستكون ضمن أولويات الرئيس الحالي، كما أنها لم تكن ضمن أولويات الرئيس أوباما.. ولا أتوقع أن تطبعها تغييرات كبيرة بالنظر للدعم الذي حظيت به كلينتون، فأمريكا بالنظر لمصالحها تحرص على خلق توازن في علاقاتها مع المغرب والجزائر، وبالتالي فلا ينتظر أن تكون لها تدخلات قوية في قضية الصحراء لصالح هذا الطرف أو ذاك.. وعلى المغرب أن يكون في موقع قوة بتوظيف لوبياته في واشنطن من أجل الحفاظ على مكتسباته السابقة وكذا خدمة مصالحه الاستراتيجية بطريقة صحيحة من خلال تنظيم ندوات ولقاءات وتوفير معلومات لفائدة اعضاء الكونغريس وأصحاب القرار في السلطة التنفيذية، وذلك حتى يتم توفير قاعدة بيانات مهمة حتى تتسم جهود المغرب بالكفاءة والفاعلية وعلو المردود على خلاف ما كان معمولا به في السنوات الأخيرة، حيث تم الاعتماد في السابق على أشخاص لا يتمتعون بالكفاءة اللازمة، مما جعل المغرب في موقع حرج تراجع معه تأثيره في مراكز القرار الأمريكي.

+ هل يمكن إدراج فوز ترامب رئيسا لأمريكا ضمن موجة جديدة من الرؤساء والحكومات عبر العالم يتسم خطابهم احيانا بالتطرف؟

- إذا أخذنا بعين الاعتبار نجاح شخص مثل "دوتيرتي" في رئاسة الفلبين ونوع التصريحات والمواقف التي يطلقها، وكذا مخلفات انتخابات النمسا واحتمال عودة رئيس يميني بعد إعادة الانتخابات، ووصول "ترامب" المتسم بخطاباته القوية والمستفزة للمهاجرين والنساء وذوي الأصول اللاتينية ومن الحزب الديمقراطي والمسلمين.. كل هذا يشكل فعلا مؤشرا على الحظوظ الاقوى لحاملي هذه الخطابات مادام أن المرشح يتحدث لغة فيها قوة ومواجهة وتحدي، هذه موجة جديدة، ونترقب انتخابات في الدول الأوروبية، وكل التوقعات أن يكون لمرشحي الخطابات الشعبوية حظوظ أوفر في تولي السلطة. ومع ذلك ينبغي احترام هذه الديمقراطيات، وتحترم إنتاجاتها الانتخابية ولو أتت بمتعصب أو متطرف، عكس ما يتم ممارسته في بعض البلدان من محاولات لتحكم مسبق في نتائج الانتخابات.