Wednesday 18 June 2025
سياسة

مصطفى المانوزي : فشل شعار القطبية التي تحكمت في توجيه الكتلة الناخبة

مصطفى المانوزي : فشل شعار القطبية التي تحكمت في توجيه الكتلة الناخبة

في هذا الحوار الشيق لـ " أنفاس بريس " مع الأستاذ مصطفى المانوزي، كشف عن فشل مخطط القطبية التي تحكمت في اقتراع السابع من أكتوبر، حيث يقول أن " انفتاح الدولة عبر تعبيراتها الحزبية والاجتماعية والثقافية لم يبلغ المستوى المطلوب، بحكم المنافسات الشديدة والمفتوحة حول المواقع والشرعيات، من هنا يطرح سؤال فشل القطبية الثنائية، وهي مفترضة بقوة، كشعار تحكم في توجيه الكتلة الناخبة، هذه القطبية غير المهيكلة، أثرت على العلاقات البينية داخل المربع .." وأضاف في حديثه مع الموقع قائلا " طبعا الدولة ستظل حاضرة بوزارات السيادة، وغالبا ما تسند لتكنوقراطيين، تدبر ما تراكم من أزمات، وهنا لابد من التذكير بأن منطق المعارضة والموالاة هو شكلاني، لأنه لا أحد يعارض مؤسساتيا السلطة التنفيذية الحقيقية، بغض النظر عن حجم وقوة اليسار « البديل » أو الديموقراطي".

++ هل لخطاب الملك بمناسبة الذكرى 41 للمسيرة الخضراء علاقة مع "شطحات " مشاورات رئيس الحكومة المعين طبقا لأحكام  للدستور وطريقة تدبيره للملف بعد نتائج 7 أكتوبر ؟

يبدو لي أن المقصود من سؤالكم هو علاقة محتوى وليس علاقة مناسبة، فقد جاء الحديث عن المشاورات حول الحكومة في سياق الحديث عن الحاجة إلى حكومة قوية ونوعية تهتم بأولويات ملف الصحراء والامتداد الإفريقي، لأن المناسبة هي عيد المسيرة الخضراء وتم اختيار العاصمة الروحية لإفريقيا « داكار » كمكان للتواصل من خارج المغرب، وباعتبار أنه لا يعقل تدويل القضية دون الاستفادة من الإمكانيات التي توفرها العلاقات الإفريقية في ضوء التحولات الجديدة إقليميا، وبذلك أوكد على أن الكلام عن تشكيل الحكومة والمنهجية كان بمثابة جملة خبرية لما هو أساسي في الخطاب، وإن كانت العبارات كثيفة الإشارات،

++ قبل التفصيل في الإشارات ، طبعا مر أكثر من شهر على استحقاقات 7 أكتوبر، وما زال الرأي العام يتابع مشاورات بن كيران بما لها وعليها، كيف تفسرون هذا التأخير في تشكيل الحكومة المغربية برآسة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ؟

لا أعتقد أن هناك تأخير مقصود، لأن الأسباب موضوعية، فالحزب الأغلبي يحتاج إلى أكثر من حزبين لاستكمال نصاب تشكيل الحكومة على أساس الأغلبية المريحة، والصعوبات لا تتعلق فقط بشروط كل حزب على حدة، ولكن رئيس الحكومة متوجس من تداعيات نتائج انتخابات السابع من أكتوبر، فالحزب المنافس حصد أكثر من مائة مقعد، وهو حزب غير عادي بزعامته للمعارضة، ورغم ترتيبه الثاني فهو ممتد من الناحية السياسية والمذهبية والمصالحية، وعبر شبكته العلائقية، في عدد من الأحزاب هنا وهناك، والحسابات والمخططات ما قبل الاقتراع لم تستنفذ بعد، وبذلك فالتريث مفيد لزعيم الحزب الأغلبي، مادامت نفس مخاوف التجربة الحكومية السابقة تطوق الأفق الحكومي الجديد ، خاصة بعد دخول الرئيس الجديد لحزب التجمع الوطني للأحرار على الخط، فبعثرة الأوراق يتطلب إعادة المشاورات وفق منطق جديد، منطق يراعي الرسائل التي وردت صراحة أو ضمنا في الحطاب الملكي .

++ إذن ما هي الاسباب الحقيقية في اعتقادكم التي وقفت حجرة عثرة أمام تشكيل حكومة بن كيران ؟ وما هي التحالفات المنطقية التي تحترم نتائج صناديق الاقتراع ل 7 أكتوبر ؟

لقد كان زعيم حزب العدالة والتنمية مرتاحا لمنطق ما يسمى « حكومة التكتل التاريخي » ، ولكن منطق الدولة والتوازنات يقتضي مراعاة « مقتضيات التعاقد » المبرم ضمنيا منذ قبول الدولة بدخول الإسلاميين إلى سدة تدبير شؤون الحكم إلى جانب الرأس الثانية للسلطة التنفيذية ، فالدستور لا يقول بغير « تعيين رئيس الحكومة من الحزب الفائز أولا في الانتخابات » ، وهذا قد حصل في التجربة السابقة ووفق توازنات متوافق حولها وتحت إشراف ضمانات « موثوقة » من داخل المربع وخارجه، وفي التجربة الحالية، لا زال الحسم بعيدا زمنيا ، ثم إن العقل الأمني يستحضر الشارع المغربي والاحتقان الاجتماعي، وبالتالي لابد، حسب نفس المنطق، من توفر « حزام حزبي » يوفق بين دور المعارضة من داخل المؤسسات ودور المعارضة من خارجها، ويبدو أن الأمر صعب جدا، في ظل تفكير يروم إعادة النظر في شكل ومحتوى الحقل السياسي المحيط بالمربع ، صحيح أن المجال السياسي لم يعد مغلقا بنفس الحجم والحدة كما كان سالفا، ولكن انفتاح الدولة عبر تعبيراتها الحزبية والاجتماعية والثقافية لم يبلغ المستوى المطلوب ، بحكم المنافسات الشديدة والمفتوحة حول المواقع والشرعيات ، من هنا يطرح سؤال فشل القطبية الثنائية، وهي مفترضة بقوة، كشعار تحكم في توجيه الكتلة الناخبة، هذه القطبية غير المهيكلة، أثرت على العلاقات البينية داخل المربع ، وبالتالي ستظل تداعياته حاضرة، باعتباره جزء من المخطط العام، وما يهم الدولة في آخر التحليل هو التوازن الذي يضمن الأمن والاستقرار في الالتزامات والمعاملات و المراكز القانونية وغيرها، لذلك فالخطاب نبه وحذر الجميع من مغبة الاستهتار بما يحصل في هذه المرحلة العصيبة، مستحضرا الاحتجاجات والحراك الاجتماعي الجاري .

++ ما هي عناوين الحقائب الجديدة التي تقترح بصفتكم متتبع للشأن السياسي والحقوقي ؟

أحيلكم إلى مقالاتي السابقة والمنشور أغلبها في منشوراتكم الورقية أو الالكترونية " أنفاس بريس" أو " الوطن الآن " ، فاحتراما للمنهجية الديموقراطية، على علتها، ينبغي مواصلة زعيم الحزب الأغلبي، مشاوراته على أساس اقتراح حكومة سياسية مكونة من أحزاب متقاربة نوعيا، وطبعا الدولة ستظل حاضرة بوزارات السيادة، وغالبا ما تسند لتكنوقراطيين، تدبر ما تراكم من أزمات، وهنا لابد من التذكير بأن منطق المعارضة والموالاة هو شكلاني، لأنه لا أحد يعارض مؤسساتيا السلطة التنفيذية الحقيقية، بغض النظر عن حجم وقوة اليسار « البديل » أو الديموقراطي، وأعتقد أننا كحقوقيين واعون بأن العدالة الاجتماعية والحكامة الأمنية لا زالتا، بمنطق الأشياء وقوة الواقع، مطلبين استراتيجيين وحيويين، ليس بمقدور علاجهما سوى ضمن المجال المحفوظ للمجلس الوزاري، حيث الاختصاصات الدستورية تتجاوز السقف المحفوظ لمجلس الحكومة، والمشكل مرتبط بمدى قدرة المسؤولين على جلب الإمكانيات والاستثمارات في ظل ظرفية محفوفة بالمجهول واللايقين .

++ هل تقصد بأنه يمكن أن تفشل مشاورات رئيس الحكومة في تكوين حكومته الثانية بعد فضيحة تسريب محتوى لقاءه مع الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار؟ وما هي انعكاسات فشله انطلاقا من مضامين الدستور المغربي ؟؟

أظن أن الحكومة ستعين، بعد أخذ ورد ومحاولات الاشتراط ولي الذراع، ووفق توافقات فوقية، كما تم تفصيله سابقا، غير أنه لابد من الإشارة إلى أن هناك محاولات إعادة تأثيث الحقل السياسي، من باب الحاجة إلى حزام حزبي للدولة، في ضوء المعطيات التي سبقت و أخرى رافقت الحراك الفبرايري واللاحقة أيضا على الهندسة الدستورية الجديدة، وليس مستبعدا أن يتم استنساخ بعض التجارب « كنماذج » ، ولعل التحولات التي تعرفها بعض الأحزاب تدخل ضمن التمرين المتطلب لتفادي الاحتكاك اليومي للملكية التنفيذية مع اليومي والشارع والصراع الاجتماعي، في ظل هشاشة المشهد الحزبي واضمحلال التمايزات الايديولوجية، بين اليسار واليمين أو الوسط وتماهي القيم .