الاثنين 29 إبريل 2024
سياسة

بن يونس المرزوقي: حتى لا يسير المغرب نحو الباب المسدود بعد تعطل تشكيل الحكومة

بن يونس المرزوقي: حتى لا يسير المغرب نحو الباب المسدود بعد تعطل تشكيل الحكومة

على إثر كل انتخابات تشريعية، يعيش المغرب إشكالية تشكيل تحالف يُشكل الأغلبية البرلمانية والحكومية. وإذا كانت هذه المسألة عادية في مجتمعات تتبنى نظام الثنائية الحزبية أو القطبية، فإن مجتمعات أخرى تعيش مخاضا قد يطول أو يقصر حسب طبيعة المشهد الحزبي التعددي الذي عادة ما يكون سببا في التأخر في تشكيل الحكومة.

لقد عرف المغرب في هذا الصدد مرحلتين تمثلت الأولى فيهما في سرعة تشكيل الحكومة نتيجة التأطير الدستوري الذي كان يمنح الملك سلطة تقديرية في اختيار الوزير الأول والوزراء أنفسهم، أو تعيين وزير أول يقترح على الملك أعضاء الحكومة، فكان تشكيل الحكومة يتم في ظروف عادية وفترة زمنية معقولة. ورغم ذلك فإنه مع تجربة حكومة التناوب التوافقي للأستاذ عبد الرحمان اليوسفي بدأ تشكيل الحكومة يأخذ وقتا أطول من اللازم. ومع دستور 2011 بدأت طبيعة الحكومة تتغير، وأصبح رئيس الحكومة، المعين من قبل الملك باعتبار تصدر حزبه نتائج انتخابات مجلس النواب، هو الذي يتولى قيادة مفاوضات تشكيل الحكومة.

إن هذا التغير في التأطير الدستوري قد جعل مدة تشكيل الحكومة تطول نتيجة التعددية الحزبية الغير مبنية على قطبية معقولة أو حتى على معايير منطقية. لذا، فإنه من الطبيعي جدا أن تطول المفاوضات. إن المشهد الحزبي المغربي يسير بشكل غير قائم على أي تحالفات استراتيجية، بل فقط مواقف سياسية ظرفية مبنية غالبا على ردود الأفعال، وليس هناك تحالفات استطاعت أن تعمل بانتظام. فالكتلة الوطنية عرفت تصدعات نتيجة مواقف مكوناتها، وتكتل "الوفاق" كان رد فعل ظرفي... ومع صعود حزب العدالة والتنمية وتشكيل حزب الأصالة والمعاصرة ازدادت الأمور تعقيدا.

وعلى إثر نتائج استحقاقات 7 أكتوبر، أصبح واضحا أن رئيس الحكومة المعين، سيجد أمامه إمكانيات واحتمالات كثيرة، تسمح له من ناحية من الاختيار ضمن كل هذه الإمكانيات (وهي نظريا تتمثل في 18 إمكانية) لكنها تُعرقل عمله بسبب مواقف وتعامل الأحزاب السياسية مع الحكومة السابقة. إن تغير قيادة حزب من الأغلبية السابقة في هذه الفترة الانتقالية، وإمكانية تحالف الأحزاب ضد حزب العدالة والتنمية، ووجود إمكانيات لعرقلة أو تعطيل تشكيل الحكومة، كلها عوامل تُصعب من عمل رئيس الحكومة المعين.

وأعتقد أن مسألة المدة اللازمة لتشكيل الحكومة غير مطروح من الناحية الدستورية أو القانونية، لكنه يطرح إشكاليات من نوع آخر. فكل تعثر يؤدي إلى عرقلة انتخاب هياكل مجلس النواب، ويُجمد عمل مجلس المستشارين، ويُعطل صدور الميزانية السنوية القادمة أو يؤدي إلى صدورها دون نقاش مُعمق، بل يُمكن أن يسير بنا إلى الباب المسدود نتيجة عدم اتخاذ أي احتياطات في النص الدستوري الذي لم يُحدد ما العمل في حالة عدم التمكن من تشكيل الحكومة. فهل المغرب قادر على الدخول في مسلسل غامض من قبيل تعيين رئيس حكومة جديد من حزب العدالة والتنمية، أو إجراء انتخابات جديدة، أو حتى التفكير في تعيين رئيس حكومة من الحزب الموالي في الترتيب ما دام أن النص الدستوري حرص على التنصيص على أن الملك يُعين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وأضاف "وعلى أساس نتائجها" وهي الجملة التي ربما سيكون لها معنى معين وليس مجرد إضافة لغوية.