الاثنين 29 إبريل 2024
سياسة

من عمق دكار إلى ضمير القارة الإفريقية.. خطاب ملكي واحد بثلاث دلالات

من عمق دكار إلى ضمير القارة الإفريقية.. خطاب ملكي واحد بثلاث دلالات

ثلاث اعتبارات توجز دلالات القرار الملكي غير المسبوق بتوجيه الخطاب من العاصمة السينغالية دكار تخليدا للذكرى الحادية والأربعين للمسيرة الخضراء:

1- رمزية المكان الذي يتقاسم من خلاله البلدان عددا من عناصر المشترك التاريخي والثقافي والروحي، بالإضافة إلى تقاسم رهان بناء إفريقيا الحرة والمستقلة. ومن ثم فالحديث من هناك بمناسبة المسيرة هو تثمين عال لمكانة السينغال، ولدورها في ذلك الرهان، وفي دعم قضيتنا الوطنية. كما هو تأكيد متجدد للاختيار الإفريقي الذي تبناه المغرب منذ الاستقلال، وعمقه محمد السادس منذ توليه العرش، الاختيار الذي يعبر عن وعي المغرب بأن نهضة المغرب كامنة في نهضة المحيط الإفريقي.

2- رمزية الزمن الذي تتخذ فيه هذه المبادرة، ذلك أن الخطاب يتوج المرحلة الأولى من الجولة التي قام بها الملك إلى دولتين من شرق إفريقيا: رواندا وتنزانيا، ثم إلى السينغال التي يدشن بها ابتداء من يومه الأحد زيارة رسمية. أي أن الزمن هنا يعني استمرار الورش الإفريقي الذي اغتنى بزيارات مماثلة  تجاوزت الهاجس السياسي، إلى الهاجس التنموي.

3- وأخيرا رمزية السياق المرتبطة بمكان الخطاب وزمنه، ذلك أن المغرب الذي اختار بوعي أن يستثمر في إفريقيا من زاوية الرهان على التنمية القارية، وعلى مستقبل محيطه الإفريقي، اختار أيضا في هذا الوقت بالذات أن يعود إلى منظمة الاتحاد الإفريقي. وفي هذا الإطار كان المغرب قد طلب رسميا في شتنبر الماضي العودة إلى هذا الاتحاد في خطاب موجه إلى القمة المنعقدة في العاصمة الرواندية كيغالي في يوليوز الماضي. وفي هذا الإطار كان محمد السادس قد وضح في خطاب 30 يوليوز بأن  "قرار المغرب بالعودة إلى أسرته المؤسسية الإفريقية لا يعني أبدا تخلي المغرب عن حقوقه المشروعة، أو الاعتراف بكيان وهمي، يفتقد لأبسط مقومات السيادة، تم إقحامه في منظمة الوحدة الإفريقية، في خرق سافر لميثاقها"، مؤكدا بأن رغبة العودة تعكس "حرصنا على مواصلة الدفاع عن مصالحنا، من داخل الاتحاد الإفريقي، وعلى تقوية مجالات التعاون مع شركائنا، سواء على الصعيد الثنائي أو الإقليمي".

لهذه الاعتبارات يمكن أن نلخص الرمزيات الثلاث المحيطة بخطاب المسيرة لهذه السنة بالقول إن من دلالات توجيه الحديث الملكي من دكار رغبة المغرب أن يخاطب ضمير القارة الإفريقية من عمق القارة ليضعه أمام مسؤولياته التاريخية إزاء ما يعيشه الأفارقة من مشاكل وتحديات تفرض الحاجة إلى إفريقيا جديدة لا سبيل لها للاستمرار قوية في عالم اليوم سوى عبر خيارات الحوار والشراكة والبناء المشترك.