Friday 16 May 2025
مجتمع

د.الطيب حمضي: حتى لا تذهب روح محسن فكري وتضامن واحتجاجات المغاربة سدى...

د.الطيب حمضي: حتى لا تذهب روح محسن فكري وتضامن واحتجاجات المغاربة سدى...

حديثي اليوم إلى المغاربة الدين ألمهم ما حدث الجمعة الماضية بالحسيمة، واشمئزوا واحتجوا...

المغاربة نزلوا لتحقيق أهداف واضحة، علينا أن نبتكر لها آليات متابعة حتى نقوم بتقييم ما تم العمل به وما تم تجاهله. وحتى نكون مدركين في المستقبل لدرجة الجدية التي يتم التعامل بها مع الاحتجاجات. وحتى نعرف هل أتت احتجاجاتنا أكلها من اجل جبر الضرر، والمحاسبة، واتخاذ التدابير الضرورية لكي لا يتكرر مثل ما وقع أم فقط اتخذت تدابير لإخماد الغضب وتعود بعدها الأمور لسابق عهدها.

كلامي موجه اليوم للمغاربة وللملك مباشرة دون المرور عبر الحكومة ورئيسها. وسأشرح في آخر حديثي لماذا.

وحديثي اليوم هو لتقديم مقترح قد يصلح لنا اليوم وكلما كانت هناك حاجة لدلك مع أملي أن لا نعيش مستقبلا مآسي مثل ما عشناه لحد الجمعة الماضية.

الجريمة فظيعة ومستفزة لا محالة.

خروج المغاربة إلى الشارع للاحتجاج ليس فقط رد فعل آني وعاطفي ناتج عن هول ما رأوه.

الناس من مختلف الجهات والطبقات الاجتماعية استهجنت ما وقع، وخرجت للتنديد بما وقع ولكن كذاك من أجل أهداف أخرى:

ـ نريد ويريد المغاربة أن يتم تقديم المسئولين عن هذه الجريمة للعدالة لتقول كلمتها فيهم وترتب عليهم العقوبات المنصوص عليها قانونا.

ـ نريد من خلال المحاكمة أن نعرف ما وقع يوم الجمعة 28 أكتوبر بالحسيمة لتكون نظرتنا لما وقع مبنية على معطيات حقيقية وليس أقاويل وإشاعات متضاربة.

ـ نريد ويريد المغاربة إجراء تحقيق يتجاوز الجريمة في حد ذاتها والتي هي موكولة للقضاء، نريد التحقيق في تفرعات وأسباب ما وقع:

نريد أن يتم إجراء تحقيق قضائي و إداري و وحقوقي في ما يقع داخل ميناء الحسيمة، في ملف الصيد البحري بالحسيمة وفي باقي الموانئ المغربية. هدا قطاع يعرف الخاص والعام أن بارونات كبار متغلغلين فيه يهضمون حقوق رجال البحر، حقوق المدن، حقوق البلاد، بل يدمرون المخزون السمكي للبلاد و لا يحترمون أية ضوابط لا قانونية ولا تجارية ولا بيئية.

ـ نريد تحقيقا في كيفية اتخاذ القرارات بالتوقيف والحجز والإتلاف ومدى مطابقتها للقوانين.

ـ ونريد ويريد المغاربة مقاربة للقوانين والنصوص والإجراءات المعمول بها في هدين الميدانين: الصيد البحري والموانئ من جهة، وقوانين ومساطر مواجهة المخالفات في مثل هده الحالات، حتى يمكن العمل على تجويدها وتطويرها إن تبينت الحاجة لدلك.

محسن فكري انتقل إلى عفو الله بعد حادث مأساوي كان من الممكن تجنبه، ويجب أن لا يتكرر مستقبلا.

لذلك فان من شان العمل على تحقيق هده الأهداف أن:

ـ لا تمر الجريمة بدون عقاب

ـ لا يتكرر هدا في الحسيمة أو غير الحسيمة

ـ ننظف البيئة الموبوءة التي أدت لهدا الحادث

ـ نطور النصوص والمساطر نحو الأفضل.

في مقابل ما نريده، هناك أشياء لا نريدها:

ـ لا نريد متابعات قضائية مفتعلة ومحاكمات متسرعة للاستجابة لضغط الشارع: المغاربة المحتجون دعاة عدل للجميع.

ـ لا نريد محاكمات غير عادلة تحشر أبرياء وسط المشتبه بهم لتقديم أكباش فداء. الاحتجاج كان من اجل تفعيل العدل والحق وليس الانتقام.

ـ لا نريد أن يفهم أحد أن المغاربة خرجوا للشارع حتى لا يُحاسَب غدا أي مغربي خرق القوانين: أساس الاحتجاجات هو المطالبة بتطبيق القوانين على الجميع: من قام باصطياد سمك خلال فترة الراحة البيولوجية يجب أن يحاسب. الذي يهرب السمك من الموانئ يجب أن يحاسب. الذي يأخذ الرشاوى لإغماض العين على استنزاف الثروة السمكية يجب أن يحاسب. الذي اتخذ قرارا بإتلاف السمك في ظروف ووفق مساطر معيبة يجب أن يحاسب. الذي أمر بتشغيل آلة الفرم بالشاحنة يجب أن يحاسب...

رسالتنا واضحة: القانون فوق الجميع.

ـ لا نريد من أجهزة الدولة والحكومة أن تقف خصما للشارع وهو يطالب باحترام المواطنين وكرامتهم ورفع الحڭره عنهم، بل مُنصِة لهم ولمطالبهم ومتجاوبة معها.

ـ لا نريد أن يتوهم أحد أن المغاربة خرجوا للشارع لاحتلاله للأبد، أو أنهم سيستعملون جثة الفقيد والركوب عليها لأغراض غير تلك نحن متفقون عليها ضمنا وتصريحا: الحقيقة كل الحقيقة حول ما وقع مع ما يترتب عنها من مسئوليات. هكذا نضمن أن لا تكون حياة الفقيد قد ذهبت سدى، ونضمن للمجتمع عدم تكرار هدا.

المغاربة الأحرار لا يقتاتون على الجثث. حين يقررون النزول للشارع لمحاربة الاستبداد يقولون ذلك، أو لمحاربة الفساد ورموزه يعلنون دلك، أو للمطالبة بالملكية البرلمانية يكتبون دلك بخط عريض في لافتاتهم...
لدلك وحتى لا تذهب كداك حتى هده الاحتجاجات في مهب الريح مع توالي الأسابيع، وبالموازاة مع ما تقوم به أو ما يجب أن تقوم به المؤسسات الأخرى (حكومة، برلمان، مجلس وطني لحقوق الإنسان..)، لابد من التفكير في لجنة ولو صغيرة من عشرة أفراد من المعروفين ب دفاعهم عن حقوق الإنسان ومشهود لهم بالنزاهة والمصداقية، ومن ضمنهم نشطاء من المنطقة نفسها. هده اللجنة لن يكون دورها لتقصي والبحث، بل:

ـ متابعة الإجراءات التي اتخذتها أو ستتخذها الدولة جراء ما وقع والاحتجاجات التي تلته من محاكمات، وتحقيق قضائي وإداري في ملف الموانئ والصيد البحري، ومقاربة النصوص القانونية.

مهمة هده اللجنة المدنية هو تجميع هده المعطيات وتقديمها للرأي العام في اجل لا يتعدى 100 يوم بعد الحادث.
الهدف من دلك هو خلق آلية للمتابعة لتشعر الدولة أن الموضوع لم ينسى وان هناك حساب يجب أن يقدم.
والهدف هو أن يعرف الرأي العام هل تم سماع صوته أم فقط كانت هناك وعود لا غد لها.
والهدف هو كداك أخد الدروس من تعامل الدولة مع ما وقع حتى يعرف الشارع مستقبلا كيف يتعامل مع التزامات الدولة ووعودها.

ألان ارجع لشرح موقفي من انعدام الجدوى من مخاطبة السيد عبد الإله بنكيران في هدا الموضوع.
شخصيا أنا حريص المطالبة بالتنزيل والتفعيل الديمقراطي للدستور، وإعطاء الحكومة ورئيسها الدور الذي يجب أن تلعبه في الحياة السياسية. لكن في هده القضية بالذات، لا يمكن للسيد بنيران أن يكون مُخاطَبا لسببين:
السبب الأول شكلي وهو كونه رئيس حكومة تصريف أعمال، ورئيس حكومة معين وليس ممارسا
والسبب الثاني وهو الأهم هو الموقف المسبق للسيد بنكيران من القضية حين منع أعضاء حزبه والمتعاطفين معه من الاحتجاج بأي شكل من الإشكال ضد ما وقع. وثانيا موقف الرجل الثاني في حزب رئيس لحكومة المعين السيد سعد الدين العثماني والذي اعتبر ان ما وقع في الحسيمة بمثابة الشيء العادي وبالنسبة له تلك جريمة يحقق فيها الأمن والقضاء في الحسيمة وانتهى الأمر.

إذا كان ما وقع عاديا بالنسبة لهما فمن المؤكد أن هده الصيرورة لا تعنيهم، ولا تعني إلا المغاربة الدين اعتبروا ما وقع جريمة لا يجب أن تتكرر، واعتبروا أنها ليست جريمة عادية بل محاطة ببيئة يجب البحث والتقصي فيها لتجنب تكرار ما وقع.

د.الطيب حمضي