Friday 16 May 2025
مجتمع

حميد حليم: وزارة الصيد البحري لا تتحمل أية مسؤولية في مأساة محسن فكري بالحسيمة

حميد حليم: وزارة الصيد البحري لا تتحمل أية مسؤولية في مأساة محسن فكري بالحسيمة

اعتبر حميد حليم، كاتب عام النقابة الوطنية لموظفي وزارة الصيد البحري بطانطان (إ.م.ش)، أن ما قامت به السلطات المينائية بالحسيمة من شرطة ومصالح مندوبية الصيد البحري والمصالح البيطرية هو تطبيق القانون، وبالتالي فالمسؤولية  القانونية والإدارية سليمة. مشددا على أن المراقبين بمندوبيات الصيد البحري، لهم نفس الدور الموكول إلى أجهزة الأمن لحماية الثروات الوطنية المادية والطبيعية والبشرية. وأبرز الكاتب العام، أن أي تنكيل أو محاولة للتضحية بمندوب الصيد البحري بالحسيمة أو أي موظف في ملف الحسيمة سيعتبر من العبث السياسي قبل القانوني.

+ ما تعليقك على اعتقال عدد من موظفي وزارة الصيد البحري في ما يعرف بقضية "محسن فكري"؟

- في اعتقادي أن معرفة القانون وخاصة قانون الصيد البحري، والقرب منه سيفك شيفرة القضية.. واعتقال مندوب الصيد البحري ورئيس قسم الصيد التابع لنفس الإدارة بالحسيمة، نعتبره من الحياد عن الموضوع المهم الذي هو التحقيق في وفاة شخص، بغض النظر عن مهنته ونشاطه، باعتبار أنه انسان ومواطن. والرأي العام الوطني وحتى الدولي لم يتحرك إلا بعد تفاعل مع الطريقة المؤسفة لوفاة المرحوم، ولو وقف الرأي العام وقفة تأمل بملء العقل لراجع مواقفه ولما بلغت الاحتجاجات ما بلغت إليه من مدى، ولما تم اعتقال مندوب الصيد البحري ومساعده، في ملف نؤكد أنه هامشي.

وطبعا لأننا في بلد لا يزال يتلمس طريق الديمقراطية أو يمارس الديمقراطية بمفهوم خاص، سننتظر العديد من الرؤوس التي ستطحن، لتبرير "طحن مو" بعد تحرك عجلة المخزن، فالرأي العام وجه اتهاماته وغضبه إلى الدولة، وبالتالي لا بد من ضحية ينتمي إلى جسد الدولة، أي من رجال الدولة.. والتحقيقات كما تتبعنا شملت موظفي الدولة، ومنهم مندوب الصيد البحري ومساعدة بالحسيمة. وللتوضيح، فلابد أن نؤكد أن المحجوز الذي تم ضبطه ممنوع، أي أنه مادة ممنوعة من التداول خارج القانون، بغض النظر إن كانت سمكا أو وقودا أو مخدرا. وهنا سأخاطب الرأي العام الوطني والدولي الذي يدعي الدفاع عن الحقوق، وينادي بتطبيق القانون، فالأمن عندما يضبط ممنوعات، كيفما كان نوعها، لم نسمع عن صاحب المحجوز أو المهرب -حتى نسمي الأسماء بمسمياتها- أن قام بالاحتجاج ضد الأمن، أو تعرض لتفعيل مسطرة الإتلاف، ولم تقم قائمة الشعب لتدافع عن مهرب أو تاجر مخدرات...، بدعوى أنه مقهور أو محكور أو أن مصدر عيشه هو نشاط الاتجار وتهريب الممنوعات.

وما يجب التأكيد عليه كذلك، أن الأسماك المحجوزة هي ممنوعات، وبالتالي لا جدال في القضية ولا تتحمل وزارة الصيد البحري أية مسؤولية، في نهاية محسن فكري الأليمة، وحتى الدولة.ومن يتحمل المسؤولية هو الضحية نفسه الذي تبين أنه ينشط في تجارة السمك خارج القانون، وله سوابق في ذلك، إذ تمكنت مصالح المراقبة من ضبط وحجز وإتلاف كمية من التونة الحمراء، لا تتوفر على وثائق.الضحية حاول تهريب البضاعة، وتمكنت مصالح الأمن من توقيفه وحجز الشحنة السمكية غير القانونية، كذلك الضحية اعترض على تطبيق مسطرة إتلاف المحجوزات، بكل بساطة ودون الالتفاف على الموضوع أو محاولة تغطية الشمس بالغربال.

+ هناك من يقول إن قرار إتلاف المحجوز لا يدخل ضمن صلاحيات وزارة الصيد البحري، ما ردك على ذلك؟

- كما قلت في البداية معرفة القانون، وخاصة قانون الصيد البحري، والقرب منه، سيفك شيفرة القضية، وهناك قاعدة قانونية في الفصل الثاني من القانون الجنائي المغربي "لا يعذر أحد لجهله بالقانون"، ونبقى دائما مع القانون المنظم للصيد البحري.. المغرب قد اعتمد، على غرار العديد من الدول، مكافحة الصيد غير القانوني العشوائي وغير المبين، وينص هذا القانون على أن أي نوع من المنتوجات البحرية، لا يتوفر على وثيقة المصدر، يعتبر صيدا غير قانوني. والحكمة من هذا القانون الدولي -وليس مغربيا فقط-هو حماية المستهلك بالدرجة الأولى، أي أن هذا القانون يمكن من تتبع مصدر المنتوجات البحرية، في حالة ظهرت أعراض على المستهلك، ثم معرفة مصدرها، أي الدولة المنتجة  له، حيث أن هناك دولا لا تحترم أدنى شروط الإنتاج والتصنيع الغذائي، وقد تكون هذه الدول غير صديقة أو تحت عقوبات دولية... إلخ.

ولأن الشحنة السمكية التي تم حجزها واتلافها، هي أسماك لا تتوفر على وثائق فمصدرها غير مبين ومجهول، وبالتالي القانون جازم ولا يحتاج إلى التأويل أو تعدد القراءات. كما أن المشرع لم يحدد وسيلة الإتلاف ومكانه، لا في شاحنة أزبال ولا في فرن مصنع ياجور، أو في حفرة...

وهذا النوع السمكي ممنوع صيده في الفترة الراهنة لأنه يخضع لنظام الراحة البيولوجية بموجب قرار وزاري قرار لوزارة الصيد البحري عدد 13-6-117 الصادر بتاريخ 08/04/2013 يحدد فترة منع صيد الأسبادون أو أبو سيف مرتين في السنة من فاتح أكتوبر إلى نهاية نونبر، ثم من منتصف فبراير إلى منتصف مارس. ثم نأتي إلى طرف مهم في قرار إتلاف المحجوزات الغذائية كانت سمكا أو مادة غذائية أخرى وهو البيطري، الذي قال كلمته، وبالتالي لا يمكن مجادلته حول سلامة المستهلك.. يبقى هناك استثناء، إن قدر الطبيب البيطري أن المحجوزات الغذائية قابلة للاستهلاك الآدمي، عندها تتوجه المحجوزات إلى الجمعيات الخيرية، مزاد العلني في سوق السمك. إلا أنه، ومع قانون مكافحة الصيد الغير القانوني، فالمشرع كان صارما، بسد الطريق على أية مزايدة، خاصة وأن هناك مافيات التهريب يمكنها بوسائلها الخاصة استرداد المحجوزات من النافذة بعدما تلج المرافق الاجتماعية، بتعويضها الأسماك مقابل دعم سخي، ليس رشوة وإنما مقايضة، في ظل محدودية الدخل ومحدودية الدعم وأشياء أخرى.

وما لا يجب تجاوزه هو أن هناك فئة ممن أسميهم المشجعون على التهريب من يناقشون المسطرة، وهم يعلمون أن المحجوز سمك ممنوع صيده في الفترة الحالية.. فلماذا مناقشة المسطرة وتفاصيلها؟ والافتاء بعدم إتلاف المحجوز وتوجيهه إلى الخيريات؟ فهل يعقل أن يكون منتوج غير قابل للاستهلاك الآدمي بشهادة بيطري، أن يوجه إلى جمعيات خيرية فيها نزلاء من أطفال متخلى عنهم وعجزة، ومسنين ومعاقين.

+ أين تتجلى في نظرك مسؤولية مندوبية الصيد البحري في هذه العملية؟

- مندوب الصيد البحري قام بمسؤولياته على أحسن وجه، وقام بواجبه في ضبط أسماك ممنوعة ومعاينتها، وتم التبليغ عنها لدى مصالح الأمن، وما تم التبليغ عنه هو ممنوعات أي أسماك ممنوعة مجهولة المصدر، دون الحديث عن صلاحيتها الغذائية، فيكفي ذلك أن يشفع له أمام القضاء والراي العام، الذي يجهل قطاع الصيد البحري وخصوصيته. ومن هنا سيكون رأي العديد من موظفي الصيد البحري التخلي عن مهام المراقبة، والاكتفاء فقط بمعالجة المعطيات داخل الإدارة وتكليف القوات العمومية المسلحة من أمن ودرك وقوة مساعدة لمراقبة الصيد، ومواجهة المهنيين، ما دام المهنيون خاصة مافيات التهريب لهم من القوة والنفوذ ما يطيح بمناديب الصيد البحري، ومنهم مندوب الصيد البحري بالحسيمة، الذي للإشارة هو شخص غير مرغوب فيه لأنه فقط إنسان نظيف اليدين، ويقوم بواجبه .

وما ينبغي التسطير عليه أن دور المراقبين بمندوبيات الصيد البحري، لهم نفس الدور الموكول إلى أجهزة الامن لحماية الثروات الوطنية المادية والطبيعية والبشرية، فالأمن الاقتصادي من الأمن الوطني، وإذا كانت مصالح وزارة الصيد البحري هي الموكول إليها حماية المخزون السمكي، ومراقبة المصطادات، ومكافحة التهريب، فيجب أن تكون ذات سلطة وقوة وهيبة، وإمكانيات مادية ولوجيستيكة ومعززة بالموارد البشرية، ولما لا حتى حمل السلاح لمواجهة مافيات التهريب. لنعد إلى أصل الحكاية، إن اي تنكيل أو محاولة للتضحية بمندوب الصيد البحري بالحسيمة أو أي موظف في ملف الحسيمة سيعتبر من العبث السياسي قبل القانوني. فالملف ملف تهريب واضح المعالم، اتخذت فيه الإجراءات القانونية، مع وجود قانون ونصوص منظمة، ومنفصل تماما عن نهاية محسن فكري. كما أن ادعاء المتابعة بتهمة التزوير، فالتزوير يكون في مضامين الوثيقة، وحيثياتها، بتغيير وتحريف الوقائع من أجل إلحاق ضرر بالغير.. وما علاقة التزوير بموت محسن فكري، فهل كان مندوب الصيد البحري ومن معه سيتابعون بتهمة التزوير إذا كان محسن فكري لا يزال على قيد الحياة؟

+ نفهم من كلامك أن مندوبية الصيد البحري لا تتحمل أي مسؤولية قانونية لاسيما أن السمك المحجوز غير قانوني؟

- لا اجتهاد مع النص. هناك كذلك قانون مكافحة الصيد العشوائي غير المبين، أو ما يعرف اختصارا بـ INN، وهناك قانون الراحة البيولوجية.. كما أسلفنا، إذن لا اجتهاد مع هذين النصين، وهذا رد صريح بسيط ومباشر، خاصة الحقوقيين. وما قامت به السلطات المينائية من شرطة ومصالح مندوبية الصيد البحري والمصالح البيطرية هو تطبيق القانون، وبالتالي فالمسؤولية القانونية والإدارية سليمة. ولا يعقل في دولة تتوفر على ترسانة قانونية ونصوص قانونية منظمة عندما يطبق فيها القانون تثور ثائرة الشعب، وتستغله العديد من الجهات السياسية والحقوقية وحتى المهنية للركوب عليه والمزايدة به. ما يجب الكشف والتمحيص فيه، هو مصدر هذا المنتوج، أي الجهة التي عمدت إلى صيده خارج القانون، ثم الجهة التي كانت ستورده، خاصة مع وجود شبكات منظمة في الصيد الممنوع، والاتجار بأسماك أبو سيف والتونة، وأهل الريف، خاصة بالحسيمة، أعلم بها.