Wednesday 14 May 2025
مجتمع

"بوهيروس" أو " سبع بولبطاين": الطقس الشعبي الذي يهدده التمدن بالاندثار

"بوهيروس" أو " سبع بولبطاين": الطقس الشعبي الذي يهدده التمدن بالاندثار

" بوهيروس " من الألعاب الشائعة بين القبائل المغربية خلال عيد الأضحى ، ويصنف ( بوهيروس ) في إطار الألعاب الشعبية  كثقافة تراثية مغربية ، ويتم تنظيم هذه اللعبة بعد إقامة مساء يوم العيد لعبة أخرى لها من الإحالات والرموز والطقوس والدلالات المرتبطة بعدة معتقدات وتمثلات ، وهي لعبة شخصية ـ السبع بو لبطاين ـ وشخصيات أخرى لها دلالاتها في المخيلة الشعبية .

زمن هذه اللعبة الشعبية ( بوهيروس ) يحدد عند أغلب المغاربة وخصوصا في البادية بحلول اليوم الثاني بعد نحر كبش العيد ، وتمارس اللعبة بشكل جماعي بين تجمعين سكنيين ، ( بين دوارين ) أو ( قبيلتين ) ، تربطهما عدة خصوصيات و روابط اجتماعية واقتصادية ( المصاهرة / الفلاحة / تقاسم المياه ...... ) ، ويعتمد في هذه اللعبة الشعبية على بقايا عظام / رأس الخروف والكتف، التي يتم جمعها بعد وجبة شهية داخل الدوار، إما على شكل أطباق يتم طهيها بواسطة بخار المياه الممزوجة بالتوابل والبصل والقليل من القزبر والمقدونس ، أو إعداد لحمة الرأس بالكسكس . بقايا تلك العظام هي سر اللعبة الشعبية ـ بوهيروس ـ بحيث يتم صرها داخل قماش أبيض كنفايات عظمية وجب التخلص منها، ويتكفل أحد شباب الدوار / القبيلة برميها داخل التجمع السكاني / الخصم في اللعبة، والذي يكون سكانه على علم بالمكيدة .

الاستعداد للعبة "بوهيروس " .

يتم استقرار الرأي، على الاختيار الصائب بالنسبة لأقوى شاب، من طرف أبناء منطقته، حيث يكون على دراية كبيرة بمداخل ومخارج ، ومسالك وطرقات الدوار / القبيلة / الخصم في اللعبة ، تلك المسالك التي تكون في غالب الأحيان محاطة بنباتات الصبار ، وتوضع فيها كمائن للإيقاع بالعدو المفترض، ولأن المكلف بمهمة التخلص من بقايا العظام فارس بطل وشجاع حيث يتم تجهيزه بأفخم الألبسة التقليدية ( العمامة / الجلابة / البلغة / التشامير / الشكارة / الخنجر / الدليل.....) ، بعد اختيار أحسن وأسرع الخيول وأجودها بالمنطقة ، وتلجيمها ، ووضع أفخم السروج المرصعة بخيوط الصم المزركشة ، والحبال الحريرية ذات الألوان الزاهية ( سرج العود ) ، ويقام حفل على شرفه من طرف فتيات و نساء الدوار، يتخلله الغناء والنظم والإنشاد ، تمجيدا لشجاعة فارسهم المقدام الذي يستعد للمواجهة وتحمل مسؤولية رفع رأس القبيلة ، من خلال رمي صرة العظام داخل القبيلة الأخرى ( مول العود الطرفاني في إيدو لعشارية ).( شكون الدايز في لمراح مول البركيوالسناح )

قوانين لعبة "بوهيروس " .

في يوم المواجهة، يتم اصطحاب الفارس المغوار، بالغناء والنظم والتهليل والتكبير، من طرف جميع سكان القبيلة / الدوار، إلى حدود ديار القبيلة الأخرى ( أو الدوار ) ، ويتم توديع البطل المفترض على إيقاع الزغاريد والدعوة له بالنجاح في مأموريته، حتى يعود للقبيلة بعد أن يقذف بصرة العظام ويطلق العنان لفرسه دون أن يتم القبض عليه من طرف أبناء القبيلة الأخرى، والتي من المفترض أن يكون كل سكانها قد تجندوا للإيقاع بحامل تلك العظام ووضعوا خطط وتكتيكا حربيا لمنعه من بلوغ هدفه .

التخلص من صرة العظام ...... انتصار .

فما دامت الصرة بين أيدي الفارس وهو يتجول بين دروبالدوار / القبيلة ، ولم يقذف بها داخل ديارها، فلن يتجرأ عليه أي أحد، أو يعتدي عليه ، الأهم أن عيونهم على الصرة وما دامت معه فالاحترام واجب ، لكن بمجرد أن تفارق صرة العظام يدي الفارس / البطل المفترض ، حتى ينطلق شباب القبيلة المعتدى عليها للإمساك به، منهم من يمتطي الخيول أو البغال أو جريا على الأقدام ويتم محاصرة كل منافذ القبيلة للقبض على الفارس والتنكيل به . قإذا نجح في المهمة ، من خلال اجتيازه حدود القبيلة المنهزمة ، وعاد إلى قبيلته سالما، احتفل أهل الدوار احتفالا باذخا بالنصر، يتم تمويله من لحوم أضحيات عيد القبيلة المندحرة وانصياعها لجميع طلبات أهل القبيلة المنتصرة وتوفير كل شروط الاحتفال بالنصر ( رقص غناء / خدمات اجتماعية....).أما القبيلة المنهزمة فالمفروض فيها أن تستعد في السنة المقبلة لطقوس اللعبة الشعبية واختيار فارسها الذي سيتحمل مسئولية رمي صرة العظام داخل ديار القبيلة المنتصرة .

القبض على الفارس ....... انتصار .

أما لا قدر الله، وتم القبض على فارس القبيلة ، الدوار التي رمت بصرة العظام فتلك طامة كبرى، حيث يتم تكبيله، وجرجرته أمام الملأ ، وطلي وجهه وكل ملابسه التقليدية البيضاء بسواد أدخنة قدور الطهي من طرف فتيات ونساء الدوار الذي تعرض للهجوم، أكثر من هذا أن الفارس المنهزم يتم تكبيله فوق صهوة الجواد مقلوبا في الاتجاه المعاكس لطريق الدوار مصحوب بغناء ونظم وإنشاد يقلل من شجاعة القبيلة وفرسانها، ويتم تسليمه لأهله مدلولا صاغرا ، كما يتم تسليم كبير القبيلة صرة العظام التي كان ينوي رميها بالديار على أساس إعادة الكرة في السنة المقبلة ، فتقام مراسيم الاحتفال بالهزيمة داخل قبيلة المنتصرين وبالطبع على نفقت قبيلة الفارس المنهزم مع الانصياع لجميع طلباتهم في حدود الإمكانيات المتوفرة لكن دون التنازل عن تمويل الحفل من لحوم أضحيتاهم !

Bas du formulaire