Wednesday 14 May 2025
مجتمع

إدريس سالك: حكومة بنكيران فشلت في القضية الثانية بعد قضية الصحراء المغربية

إدريس سالك: حكومة بنكيران فشلت في القضية الثانية بعد قضية الصحراء المغربية

على هامش الدخول المدرسي الكارثي لموسم 2016/2017 ، جراء تراجع المنظومة التربوية والإجهاز على مكتسبات الشغيلة التعليمية، فتح موقع " أنفاس بريس" نقاشا في الموضوع مع  عضو المكتب الوطني المكلف بالإعلام والتواصل للنقابة الوطنية للتعليم " فدش" الأستاذ إدريس سالك.

"أنفاس بريس" تنقل لقرائها رأي وموقف ذات المسؤول النقابي الذي حمل المسئولية لحكومة بنكيران من خلال إجراءاتها و قراراتها اللاشعبية التي مست عمق قضية التعليم ومدرستنا العمومية والتي تعرف أزمة وصفها البعض ب " السكتة القلبية " على جميع المستويات.

++ الموسم التعليمي الحالي سيعرف عدة مشاكل تربوية واجتماعية ودراسية، نتيجة ضرب مقومات المدرسة العمومية، فالكل يتحدث عن تراجع خطير على مستوى البرامج التعليمية، زد على ذلك النقص المهول على مستوى البنيات الاستقبالية للكم الهائل للمقبلين على التمدرس، دون الحديث عن النقص الخطير في الموارد البشرية ( رجال ونساء التعليم / الأطر الإدارية/ الأعوان ) بصفتكم فاعل نقابي ما هي أبرز سمات الدخول المدرسي لهذا الموسم ؟؟ من يتحمل مسئولية أزمة التعليم العمومي بالمغرب ؟

ــ مند تعيين حكومة بنكيران سنة 2011 وإلى حدود الدخول المدرسي الحالي 2016/2017 عرفت المنظومة التربوية تراجعا كبيرا، بحيث تم تعيين وزيرين وهما محمد الوفا وبلمختار لتدبير قطاع التعليم المدرسي، وبالتالي لقد فشلت الحكومة فشلا ذريعا في القضية الثانية بعد قضية الصحراء المغربية،لأول مرة في تاريخ المغرب سيتم تأجيل الدخول المدرسي إلى 19 شتنبر 2016 لتزامنه مع عيد الأضحى، لكن دول مجاورة للمغرب سيكون الدخول المدرسي هو يوم 7 شتنبر 2016 ، لكن غالبا سيؤجل الدخول إلى بعد الانتخابات التشريعية ليوم 7 أكتوبر 2016 ، وبالتالي فإن الحكومة هي المسؤولة الوحيدة على هذا الاضطراب وهذه الفوضى في الدخول، في حين أن الشغيلة التعليمية قد وقعت محضر الدخول يوم 2 شتنبر 2016 وستبقى في عطالة لأكثر من 17 يوما؟؟؟.

لقد أوقفت الوزارة مشروع البرنامج الاستعجال 2009-2012 في سنة 2011 رغم استنزاف المال العام والذي وصل إلى 43 مليار درهم ورغم تقارير المجلس الأعلى للحسابات والذي وقف على خروقات وتجاوزات مالية خطيرة ولم تتخذ الوزارة أي قرار في الموضوع اللهم إعفاء 60 مسؤولا على المستوى الوطني بدون متابعة قضائية للوقوف على حقائق الاختلاسات المالية الخطيرة ،  وتم تعويض ذلك البرنامج ببرنامج آخر والذي أعده المجلس الأعلى للتعليم وهو برنامج الإستراتيجية ذات الأولوية 2015-2030 وبقيمة مالية باهظة وبقرارات وزارية جائرة وبدون استشارة مرة أخرى النقابات الأكثر تمثيلية وبتنفيذ الوزارة، وتبين بعد تنفيذه تناقض كبير ما بين النظري والواقع المرير للقطاع .

  لقد أصدرت النقابة الوطنية للتعليم ف د ش بيانان في الموضوع تشجب فيه تلك القرارات المجحفة في حق المدرسة العمومية والشغيلة التعليمية وذلك في غياب كلي لإصلاح المنظومة التربوية وإشراك الفاعلين الاجتماعيين والتربويين والإداريين وطالبت من الوزارة بتنظيم لقاء وطني للتشاور بدل المنتديات الجهوية للتنفيذ ، ولحد الساعة مازالت الفوضى العارمة هي شعار الوزارة في تدبير القطاع ،وحسب آخر تقرير لليونسكو في شهر يوليوز الماضي بأن عدد المكررين بالأقسام الدراسية من قسم الأول إلى مستوى البكالوريا وصل إلى مليون تلميذا وتلميذة وخسر المغرب حوالي 9 مليار درهم، كما لازال شبح الهذر المدرسي في المغرب في ارتفاع مستمر، رغم كل المليارات التي تم ضخها في ميزانية أكاديميات وزارة التربية الوطنية ، و كشفت معطيات رسمية حديثة أن حوالي 440 ألف طفل بالمغرب خارج منظومة التعليم، والتي ترجح أن نصفهم انقطع عن الدراسة في 2016، وهو ما يعكس تردي واقع منظومة التربية والتكوين ببلادنا، وخلال هذا الموسم كلفت الوزارة عمال وولاة الأقاليم والولايات بتوزيع مليون محفظة على التلاميذ والتلميذات تحت ذريعة الانتخابات وكأن جميع المدراء سيترشحون للانتخابات التشريعية، والسؤال المطروح كيف ستتم العملية ومن سيستفيد؟ وهل الوزارة فقدت مصداقيتها وسلمت مهامها إلى وزارة الداخلية؟ كما أن المجلس الوزاري المنعقد بمدينة العيون والذي ترأسه جلالة الملك، وأقر بتدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية ، ولحد كتابة هذه السطور لم يتم التطبيق ولم يتم إعادة تكوين أساتذة المواد العلمية ولم يتم إعداد الكتب المدرسية المخصصة لذلك، واتخذت الوزارة عدة مرات بعدم الترخيص للأساتذة العموميين بالتدريس في المؤسسات التعليمية الخاصة ثم التراجع عنها مرات عديدة، والآن مازال المشكل مطروحا، كما أن القطاع الخاص الرافض للتنظيم المدرسي الحالي يرفض تاريخ الدخول المدرسي في 19 شتنبر 2016 وقرر ذات القطاع لوحده تاريخا آخرا دون موافقة الوزارة، فهل القطاع الخاص خارج الدولة. ؟

++ ماهي أخطر المكتسبات التي أجهزت عليها حكومة بن كيران في نظركم ؟

 مازالت حكومة بنكيران تجهز على المكتسبات التي ناضلت الشغيلة التعليمية عليها مند عشرات السنين، منها بالخصوص حرمان رجال ونساء التعليم من متابعة دراستهم الجامعية وخاصة وأن الوزارة حرمتهم من التكوين المستمر وإعادة التكوين ، كما أن الحكومة أيضا وهي أول حكومة في التاريخ السياسي للمغرب والتي تجرأت واقتطعت من أجور المضربين ، كما أنها مددت عمل المتقاعدين والمتقاعدات في قطاع التعليم لوحده بدعوى الخصاص، علما أن الخصاص هي السمة الأساسية في جميع القطاعات بالوظيفة العمومية، دون مراعاة الجوانب النفسية والمرضية والاجتماعية لضحايا القرار اللاشرعي، ناهيك عن اقتطاع التعويضات عن المهام الإدارية للإداريين المقبلين على التقاعد. كما انفرد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران وقرر لوحده وبتواطؤ مع بعض النقابات بتمرير إصلاح نظام التقاعد في غياب إشراك النقابات الأكثر تمثيلية في الوظيفة العمومية منها الفيدرالية الديمقراطية للشغل ومحاولة تمرير نظام التعاضد بإزالة علاج المرضى المنخرطين من التعاضديات والمصادقة على نظام التعاقد عوض التوظيف. وذلك من أجل ضرب العمل النقابي الجاد والمسؤول، وإشكالية تدبير الزمن المدرسي وبعد التخلي على المذكرة 222 دون بديل وبعد اقتراح لجنة التدبير ساعات العمل في الابتدائي 24 ساعة واشتغال التلاميذ في الابتدائي 5 ساعات يوميا و 6 ساعات في الإعدادي التأهيلي والعطلة في نصف يومي الأربعاء والجمعة من أجل الأنشطة الثقافية والرياضية ، إلا أن الوزير أعلن توقيف اقتراح اللجنة وأمر بالعمل بنفس توقيت الموسم الماضي وبالتالي ذهبت مجهودات اللجنة سدى مما يذل على الفوضى الذي تشتغل بها الوزارة والحكومة على حد سواء ، كما أن الوزارة قررت بالسماح لكل من تجاوز 30 سنة عمل بالقطاع وطالب بالتقاعد النسبي، ووصل عدد المستفيدين خلال هذه السنة لوحدها ما يقارب 15 ألف من أفراد الشغيلة التعليمية من التربويين والإداريين دون تعويض هذا الخصاص المهول ودون تعويض المتقاعدين حد السن والذين تعرضوا للعزل والمتوفون ، وبالتالي سيعرف الدخول المدرسي أكبر خصاص في تاريخ القطاع ، وحسب المعلومات التي تتوفر عليها النقابة الوطنية للتعليم "ف د ش" من مسؤولي النقابة بمختلف الجهات النقابية أن كل النيابات والأكاديميات تعيش خصاصا مهولا في جميع الأسلاك وفي جميع المواد، وأن الوزارة  مقبلة على قرارات جائرة في حق الشغيلة التعليمية والتي ستؤدي ثمنها غاليا وعلى حساب صحتهم ووقتهم، وهكذا قررت الوزارة بحذف الفرعيات التي يصل عدد تلاميذها أقل من 20 تلميذا وحذف التفويج وخاصة في المواد العلمية وحذف مجموعة من المواد منها: الترجمة والتربية الأسرية والتكنولوجيا والانجليزية في الإعدادي والفلسفة في الأقسام المشتركة وتخفيض ساعات اللغة الفرنسية والعربية وخاصة بالإعدادي ، كما أن الوزارة مقبلة على تنفيذ الأستاذ المتحرك أي الأستاذ الذي سيعمل في مؤسستين تعليميتين، بالإضافة إلى الاكتظاظ في الأقسام. كما سيرتفع عدد الأقسام المشتركة في العالم القروي من خلال عملية ضم الأقسام أو ما يسمى في لغة التعليم ب " السمطة" أي من القسم الأول إلى القسم السادس عربية وفرنسية؟؟؟ وهكذا ستعيش الشغيلة التعليمية ضغوطات كبيرة خلال هذا الموسم.

++ بصفتكم مسؤول بالقطاع نقابيا ، حدثنا بالأرقام عن أبرز سمات الدخول المدرسي المقبل .؟

من المنتظر أن يشهد الدخول المدرسي المقبل اكتظاظا غير مسبوق بعدد من المؤسسات التعليمية العمومية، وهو الأمر الذي يصادف نهاية الولاية الحكومية الحالية، وأرجعته العديد من الفعاليات التعليمية والنقابية لنسب التقاعد المهول الذي عرفته نهاية الموسم الحالي، والذي حددته مصادرنا في حوالي 22 ألفا من المتقاعدين بالقطاع (7 آلاف متقاعد نظامي و حوالي 15 ألف تقاعد نسبي) وهو الأمر الذي أرجعته ذات المصادر للمشروع الحكومي لإصلاح التقاعد والذي دفع هذا العدد المهول من المدرسين لهجرة الوظيفة خوفا على مكتسباتهم،ذات المصادر عبرت عن استيائها من مآل القطاع، خصوصا وأن الحديث عن الجودة المرجوة يبقى بعيد المنال في ظل أقسام قد تصل إلى 60 وربما 70 تلميذا، وهي أرقام تم تسجيلها بالعديد من المديريات الإقليمية الموسم الفارط وستتسع دائرتها برسم الموسم الحالي، خصوصا وأن الوزارة الوصية لم تعمل على تعويض المغادرين، وستكتفي بتعيين أقل من 10 آلاف أستاذ ما يجعل العجز يتفاقم ليصل لحوالي لأكثر من 20 ألف أستاذ وفقا لذات المصادر دائما ، كما أن الوزارة ورغم قناعاتها بمجموعة من الملفات وخاصة ، ضحايا النظامين الأساسين 1985 و 2003 وهيئة الإدارة التربوية والمجازون والمساعدون التقنيون والمساعدون الإداريون والدكاترة والمتصرفون وأصحاب الماستر، فإنها تتلكأ في تنفيذ الاتفاقات مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية في الموضوع والبحث عن الأعذار والمبررات الواهية، لقد عرفت الحركات الانتقالية الوطنية والجهوية عدة خروقات منها استفادة مجموعة من المشاركين والمشاركات من الحركتين وبأقل النقط ، ورغم تقديم طعون كما أكدت ذلك الوزارة، إلا أنه ولحدود الساعة لم يتم معالجة ملفات أصحاب الطعون ، أما الحركة المحلية فكانت نتائجها جد هزيلة ،بل منعدمة ، مما ترك استياء في نفوس ضحايا الحركات الانتقالية ، أما القانون الأساسي لموظفي التعليم والذي طال انتظاره والحوار المارطوني ما بين النقابات التعليمية والوزارة والأيام الدراسية المنظمة حوله ومئات الساعات التي استنزفت والتوصيات التي تم الاتفاق عليها، فإن الجميع ينتظر إخراج ذلك النظام وخاصة أن القانون السابق 2003 قد انتهت مدة صلاحيته وتم تجاوز بنوده ، وبالتالي فإن الشغيلة التعليمية تنتظر القانون الجديد لعله يستجيب لانتظاراتها. إن حكومة بنكيران قد تنكرت لاتفاق 26 أبريل 2011 وخاصة في الجانب المتعلق بتنفيذ الدرجة الجديدة المتفق عليها والتعويضات عن المناطق النائية والصعبة، رغم التوقيع عليها من طرف الوزير الأول ووزيري الوظيفة العمومية والمالية والكتاب العامين للمركزيات النقابية الخمس الأكثر تمثيلية منها الفيدرالية الديمقراطية للشغل 2007- 2011 ، ولم يتم تنفيذ ما تبقى من الاتفاق بدون مبرر قانوني.

لم ينج من جبروت حكومة بنكيران حتى الأساتذة المتدربين والذي خاضوا معارك نضالية تاريخية من أجل إسقاط المرسومين المشؤومين والخاصين بالتوظيف والمنحة، ولولا النقابات التعليمية الست الأكثر تمثيلية ، والمجتمع المدني وتدخل والي الرباط لما تم حل المشكل ، وتم بالفعل تركيع رئيس الحكومة والذي أقسم بأغلظ إيمانه بعدم التراجع عن المرسومين.

خلاصة القول وبالرغم من خطابات جلالة الملك لعدة مرات سواء بمناسبة ثورة الملك والشعب أو في عيد العرش أو أثناء اجتماعات المجالس الوزارية أو من خلال التقارير الدولية والتي وضعت تعليم بلدنا في الصفوف الأخيرة أو من خلال بيانات النقابات التعليمية العديدة أو من خلال مواقف مجموعة من الجمعيات المهنية أو جمعيات هيئة الادارة التربوية أو هيئة التفتيش ، فالجميع وقف على ضعف المنظومة التربوية وعلى فشل الإصلاح وعلى الإجراءات المستعجلة من أجل النهوض بالمدرسة العمومية، وذلك من خلال إشراك الجميع من الفعاليات التربوية والإدارية والنقابات التعليمية وجمعيات أباء وأمهات وأولياء التلاميذ ، لأن التعليم هو شأن وطني وليس حزبي ، وذلك من خلال توفر الإرادة السياسية للدولة وليس مكاتب الدراسات والتي أبانت عن فشلها بسبب عدم ارتباطها بالشأن التعليمي.