Monday 9 June 2025
سياسة

عبد الرحيم التوراني : ترويض الإسلاميين المتطرفين هو أطروحة أمريكية خالصة

عبد الرحيم التوراني : ترويض الإسلاميين المتطرفين هو أطروحة أمريكية خالصة

تبعا للصدمة التي أحدثها ترشيح الشيخ السلفي المتطرف حماد القباج باسم حزب العدالة والتنمية، بمدينة سبعة رجال السياحية، وطلب الاستغاثة الذي وجهته فعاليات متنورة باسم مدينة مراكش مركز الحضارة والتاريخ والانفتاح، وجه موقع " أنفاس بريس " سؤالا للكاتب والإعلامي الأستاذ عبد الرحيم التوراني، الذي قال " إن ترشيح أشخاص معروفين بتطرفهم و وهابيتهم ورفضهم للديمقراطية، ممن يعتبرون "الديمقراطية كفرا ورجسا من عمل الشيطان"، ليدخل في إطار لُجّة هذا الترهيب الخطير ، كما يراد به استعراض قدرات خارقة، مفتقدة، وادعاء أن المتطرفين المتشددين الدينيين بإمكان زعيم حزب "اللامبة" ترويضهم وإقحامهم في اللعبة الديمقراطية، وبالتالي نزع الفتيل من رؤوسهم الملغمة، وبالتالي من عقول أتباعهم ومناصريهم البسطاء. "
++ نحن لا ننكر على أي كان حقه في الترشيح ، لكن رمزية و ترشيح شيخ سلفي متطرف على رأس لائحة حزب العدالة والتنمية بدائرة كيليز بمراكش،( حماد القباج ) همه الوحيد تكفير المخالفين لرأيه، شيخ لا يؤمن بالديمقراطية وحقوق الإنسان، فبالأمس القريب كان يعتبر الديمقراطية كفرا ورجسا من عمل الشيطان، بل أنه مازال ينشر على موقعه الإلكتروني الخاص، كتابات راسخة و نابعة من قناعاته الفكرية والدينية المتزمتة ( الوهابية ) مؤكدا على أن " ترشيحه لا يعني إيمانه بمفاسد الديمقراطية ". ألا يمكن اعتبار هذا الترشيح المسموم بمثابة بداية افتراس للمؤسسات الوطنية ( التشريعية والتنفيذية والقضائية والإعلامية ..) وفسح المجال لشيوخ السلفية الجهادية لتشويه صورة المغرب المنفتح والمتسامح المؤمن بالقيم الديمقراطية الكونية ؟
- هناك أكثر من قراءة ممكنة لهذا الحادث الذي يبدو عرضيا، وهو ليس كذلك ، بعجالة، قد يدخل هذا الترشيح ضمن "مناورة ترهيبية"، من طرف من يتحكمون في دواليب حزب العدالة والتنمية ، مناورة واضحة تؤكد ما لوّح به عبد الإله بنكيران أكثر من مرة وفي مجالات مختلفة، من تهديد مباشر وتهديد مضاد، ومن تبجح بأفضال وكرامات افتراضية، على المغرب والمغاربة.
فلولاه، ولولا حزبه العتيد لاجتاحت الفوضى وعمّت البلاد، ولعجلت انتفاضة "حركة 20 فبراير" بإسقاط النظام في سبعة أيام ، من هنا إصرار بنكيران على تدوير الكلام الغليظ الذي يملأ به أوداجه، ويزرع في الفراغات التي بين أسطره معنى واحدا، يمكننا أن نختزله بعنوان مسلسل مكسيكي مدبلج قديم : " أنت .. (يا سيدنا بنكيران) أو لا أحد".
إن ترشيح أشخاص معروفين بتطرفهم و وهابيتهم ورفضهم للديمقراطية، ممن يعتبرون "الديمقراطية كفرا ورجسا من عمل الشيطان"، ليدخل في إطار لُجّة هذا الترهيب الخطير ، كما يراد به استعراض قدرات خارقة، مفتقدة، وادعاء أن المتطرفين المتشددين الدينيين بإمكان زعيم حزب "اللامبة" ترويضهم وإقحامهم في اللعبة الديمقراطية، وبالتالي نزع الفتيل من رؤوسهم الملغمة، وبالتالي من عقول أتباعهم ومناصريهم البسطاء.
كما أن ترويض المتطرفين الإسلاميين، ربما هو أطروحة أمريكية خالصة، طالما رماها مفكرون أمريكيون عتاة، ممن يديرون ويسيرون مراكز الأبحاث والدراسات التي تنتج السياسات والسيناريوهات والأفكار التي تطبقها الإدارة الأمريكية، حين تسعى إلى تجريب أسلوب المهادنة والتعايش بدل المواجهة والاستئصال مع المتشددين، وجعلهم يستفيدون من "كعكة" النظام الديمقراطي، ومحاولة العمل على "أنسنتهم"، من خلال إقحامهم في المجتمع السياسي الديمقراطي ، وبعد فترة سيتحولون إلى أصحاب مصالح مادية ملموسة على الأرض، يدافعون على استمرارها بدفاعهم على النظام ، ونموذج وزراء وبرلمانيي ورؤساء ومستشاري البلديات البيجديين خير مثال.
فمصطفى الرميد قبل الاستوزار ليس هو نفسه، لكن ترشيح المسمى حماد القباج ضمن لوائح حزب المصباح، لم تسبقه إضاءات تنويرية تفيد الرأي العام بكون " الوافد الجديد" قد قام بمراجعة فكرية، واتخذ مسافة بينه وبين رفض الفكرة الديمقراطية ونظام الدولة المدنية، ونزع من دماغه التهم التي ما فتئ يساهم في ترويجها من خلال تدويناته، تلك التهم القائلة بكون الديمقراطية والانتخابات هي مجرد انحلال يصيب المجتمع ويؤذي الأخلاق ويرفض الدين.
إن الموضوع لأكبر مما يتصوره البعض، ويحتاج إلى مناظرات ونقاشات أوسع وأشمل، تتطلب من النظام الديمقراطي الحذر من طموحات التيارات الإسلاموية المتطرفة التي تسعى لمراكمة نجاحات في وقت وجيز للإجهاز على الديمقراطية من خلال اقتناص اللحظة التاريخية " للتمكين".