يبدو أن لعنة القرصنة تطارد "سعد لمجرد" النجم المغربي المتألق محليا وعربيا في مجال الغناء، خصوصا في أغنياته الخفيفة التي تتماشى مع الموضة الحالية في الغناء بالوطن العربي، التي يتزعمها بأرقام خيالية على مستوى المتابعة، لكن يرى البعض أنها تعتمد تقنية "الدوباج" وشراء "اللايكات"، إذ بعد اتهامات سابقة حول قرصنة أغنية "إنتي باغية واحد"، توجهت الأصابع من جديد إلى آخر فيديو كليب أصدره سعد لمجرد بعنوان "غلطانة"، مستعينا مرة أخرى بأسلوب "جلال الحمداوي" في اللحن والتوزيع الموسيقي والكلمات، وعلى مستوى الإخراج والفكرة بمخرج "الكوبل" مع حسن الفذ "أمير الرواني"، وفي السينوغرافيا "عبد الرفيع عبديوي" حسب جينيربك هذا "الفيديو كليب"، الذي يتشابه كثيرا على مستوى السينوغرافيا والتصور، مع فيديو كليب بعنوان (هايْ ماما HEY MAMA ) للمنتج الموسيقي المزداد بباريس (دفيد كيتا)، بمشاركة ثلاث نجوم من بينهم نجمة الراب الأمريكية ذات الأصول الإسبانية (نيكي ميناج) واسمها الحقيقي "أونيكا تانيا ماراج"، وقد بلغ فيديو كليب (هاي ماما) أكثر من 800 مليون مشاهدة منذ إدراجه على موقع "يوتيوب" في 19 ماي 2015 في حين بلغ فيديو كليب "غلطانة"، أكثر من مليون مشاهدة بعد إدراجه على موقع "يوتيوب" بتاريخ 25 غشت 2016.
ويظهر من خلال فيديو كليب "غلطانة" لسعد المجرد تشابه كبير مع فيديو كليب "هاي ماما" على مستوى المحتوى البصري، الذي استعلمت فيه تقنية (incrustation) التي تمكن خلال التوضيب والمونتاج من دمج مشاهد خيالية انطلاقا من الحاسوب (الماك) مع مشاهد حقيقية يتم تصويرها بالكاميرا، ليتم الإيهام داخل المرحلة المختبرية بأن الصور متناغمة وحقيقية كأسلوب لإضفاء الغرائبية على المنتوجات السمعية البصرية المسايرة للعصر، ومنذ بداية فيديو كليب "غلطانة" يقرأ المشاهد عبارة (سعد لمجرد رحالة العصر الحديث) وتليها عبارة (الصحراء المغربية)، لكن لا يجد المتلقي أية علاقة بين العنوانين والمحتوى سوى في بعض المشاهد التي تبرز من خلالها فضاءا صحراويا ( تربة رملية منبسطة)، لكن يجد المتلقي العلاقة واضحة بين كليب (هاي ماما) و(غلطانة) من خلال بعض الصور المتشابهة على مستوى الفضاء واستعمال دراجات نارية غريبة الأحجام وسيارات تم تعريضها للعملية المعروفة في اللغة والثقافة الغربية بعبارةTUNING أي "تعديل ألوان السيارات وأشكالها"، وتظهر هذه السيارات والدراجات النارية كما في فيديو كليب "هاي ماما" في رحلة غير مفهومة المقاصد والإتجاهات. كما يلاحظ المشاهد لفيديو كليب "غلطانة" توظيف ديناصور بطريقة الرسوم الكارطونية ذات الأبعاد الثلاثية، إذ يُفهم من خلال بعض اللقطات أن الديناصور تم إقحامه عنوة لكي يظهر وهو يقول "غلطانة" بصوت ضخم ويُواجه بصيحة "شبه غرائبية "من بطلة "الفيديو كليب" التي يبدو من خلال متابعة أول مشهد أنها هي "الغلطانة" بعد نظرات من لمجرد، وتظهر بلباس وماكياج قريب جدا من ملابس فيديو كليب (هاي ماما) مع فارق عدم الاعتماد على اللقطات الخادشة للحياء، كما في فيديو كليب (هاي ماما) إذ يمكن اعتبار "فيديو كليب غلطانة" "النسخة الحلال" لفيديو كليب "هاي ماما"، حيث تطابق معه على مستوى الأجواء العامة للمشاهد بصريا.
ويشير العديد من المشتغلين في مجال الإنتاج السمعي البصري، أن بعض المنتمين لعالم الأعمال التلفزيونية والسينمائية والديجيتال، يستأنسون قبل أي إصدار بمشاهدة الأفلام والفيديو كليبات عبر اليوتيوب، لكن لا يفهم أغلبهم أنها لدى المحترفين، طريقة للوقوف فقط على المستوى العالمي في هذا المجال والانفتاح على تقنيات متنوعة، وليست طريقة لـ "الكوبي كولي" ووسيلة لتكريس مقولة "من نقل انتقل"، لأن الاستئناس بأعمال الآخرين ليس رخصة للنقل الكلي أو الجزئي غير المشار إليه في الجينيريك وغير الحاصل على إذن مالك الحقوق للعمل الإبداعي الأصلي المستنسخ، فتجد العديد من المنتمين للمجال يسقطون في فعل السطو على حقوق الملكية الفكرية، خلال عدم تغيير التصور والفكرة والمشاهد والملابس إلخ.. ومنهم من يتعمد تغيير بعض المعالم الأصلية، لكي ينأى بنفسه عن الانتقادات والمتابعة، خصوصا وأن عالم الإنترنت أضحى وسيلة لفضح كل مستور، والاستدلال على كل عملية تطاول على أفكار وأساليب وسيناريوهات وديكورات وملابس إبداعات الآخرين داخل وخارج الوطن.