الجمعة 3 مايو 2024
سياسة

العربي البغدادي: الأزمة الاجتماعية بقطاع العدل نتيجة للتوجه الليبرالي المتوحش للحكومة ونزعتها التحكمية

العربي البغدادي: الأزمة الاجتماعية بقطاع العدل نتيجة للتوجه الليبرالي المتوحش للحكومة ونزعتها التحكمية

في حوار مع العربي البغدادي، عضو التنسيقية الوطنية للنقابة الوطنية للعدل المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية، أكد هذا الأخير لـ "أنفاس بريس" أن هيئتهم النقابية  طالبت من خلال  بلاغاتها وبياناتها "بإعفاء المدير العام للمؤسسة المحمدية للأعمال الاجتماعية لقضاة وموظفي العدل بعد ضبط مجموعة من الاختلالات، وتم الاستجابة فعلا إلى نداء النقابة الوطنية للعدل المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وذلك بإعفاء المدير العام الحالي". معتبرا "الأزمة الاجتماعية بقطاع العدل هي نتيجة التوجه الليبرالي المتوحش للحكومة ونزعتها التحكمية وفرض الرأي الواحد، وهي أهم مميزات اليمين المتطرف"...

+ عرفت الحركة النقابية داخل قطاع العدل والحريات مجموعة من الانشقاقات، أي موقع للنقابة الوطنية للعدل من هذا؟؟

- النقابة الوطنية للعدل كانت ولا تزال النواة الصلبة المؤسسة للفعل النقابي داخل القطاع وقلبه النابض رغم مرحلة الكمون والتي عرفتها خلال توالي وزراء تنظيم سياسي معين على سياسة الوزارة، إضافة إلى ما عرفته المركزية من تصدع جزئي نتيجة الاملاءات السياسية بتأسيس الفدرالية الديمقراطية للشغل،، والتي رفعت شعارات مخادعة التف حولها مجموعة من مناضلين الشرفاء لكن القيادة (ف.د.ش) كانت تجسد التوجه البيروقراطي التابع للقيادة السياسية لحزب الاتحاد الاشتراكي خدمة لأجندة سياسية انتخابية محضة.

+ ما هو تقييمكم للمرحلة بعد الأزمة الاجتماعية نتيجة توقف الحوار الاجتماعي؟؟؟

- أولا، الأزمة الاجتماعية هي نتيجة التوجه الليبرالي المتوحش للحكومة ونزعتها التحكمية وفرض الرأي الواحد، وهي أهم مميزات اليمين المتطرف، وهي بطبيعة الحال ستقود إلى نوع من عدم الاستقرار الاجتماعي وتقويض أركان السلم  الاجتماعي، لكن لا يمكن التنبؤ بنتائجها وأثارها على السلم الاجتماعي.. ثانيا فعلى المستوى القطاعي نعتقد أن عملية القمع الممنهج التي تعرض لها موظفو القطاع لم يسبق لأي قطاع بالوظيفة العمومية أن تعرض له رغم ذلك وفي ظل استمرارية الاعتداء المادي على أجور الموظفين ومحاولة تبرير الاقتطاع غير الدستوري وإيجاد مصوغات قانونية للأجر مقابل العمل من خلال مصادقة الحكومة على مشروع قانون الإضراب بالرغم من رفضه من كل الاطياف، مازال عموم الموظفين لهم الثقة في العمل النقابي رغم تجريمه وتصنيفه ضمن المنكر ضدا على قيم ومبادئ دستور المملكة لسنة 2011 خاصة فيما يتعلق بحق الإضراب، وكذا الاتفاقيات الدولية وتوصيات منظمة العمل الدولية.. إننا نؤدي اليوم ضريبة الدفاع عن الحق في ممارسة الحرية النقابية في النقابة الوطنية للعدل، وذلك بفرض الحصار على إطارنا النقابي، وذلك بمقتضى قرار سياسي للحكومة، وهذا لن يزيدنا إلا إصرارا على بناء قواعد نقابتنا وتحت نيران العدو الطبقي .

+ بعد مصادقة مجلس المستشارين على مشروع إصلاح التقاعد ألا تعتبرون ذلك نكسة للعمل النقابي  بالمغرب؟؟

- إن تمرير مشروع إصلاح التقاعد كان منتظرا اعتبارا للكيفية التي تم فيها انتخاب ممثلي المأجورين والتي كانت الحلقة الأولى لعملية التهييء لتمرير المشروع، ولن يزيدنا ذلك إلا قناعة في محدودية ودور هاته المؤسسة في الدفاع عن قضايا الطبقة العاملة المغربية، ويؤكد بالملموس فشل شعار التغيير من الداخل.. وبالمناسبة ندعو إلى مراجعة الموقف بشأن هذه المؤسسة والتي تحول بعض ممثلي النقابات بها إلى عبء على الطبقة العاملة. إن معركتنا الحقيقية هي عند تنزيل مشروع إصلاح التقاعد والذي يستهدف بالأساس جيوب الموظفين في العمق، وليتحمل كل من عمل على تمرير المشروع مسؤوليته السياسية في ذلك وتحت غطاء آلية إعلامية تضليلية لم يسبق لها مثيل، لكن حبل الكذب قصير وذاكرة الشعوب لا تنسى، حيث تم تحويل أصحاب المشروع إلى أبطال الإصلاح والقوى الممانعة إلى خونة لقضايا الموظفين. إننا كنا ومازلنا نعتبر أن المكان الحقيقي لمعركة مواجهة المشاريع الحكومية هو الساحة النضالية، ويمكن أن تكون المعارك القطاعية أداة دعم وتأسيس لإنجاح المعارك الوطنية على أساس ملف مطلبي واضح وشامل بعيدا عن الأجندة السياسية للأحزاب الإصلاحية، مع التأكيد على أن تبقى هذه المعارك مفتوحة وطويلة الأمد حتى إسقاط كافة المشاريع التصفوية للوظيفة العمومية  وللطبقة الوسطى بما فيها مرسوم الكونطرا أو التوظيف بالعقدة .

+ ما موقع هيئة كتابة الضبط ضمن مخرجات الإصلاح والمصادقة الأولية على مشروع التنظيم القضائي؟

- يمكن أن أؤكد لكم أن هيئة كتابة الضبط أدت الثمن غاليا من خلال نتائج حوار إصلاح منظومة العدالة ونتائجه الأولى من خلال مضامين مشروع التنظيم القضائي والذي عبرنا في مجموعة من بلاغاتنا في إطار النقابة الوطنية للعدل المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أنه مشروع لا دستوري وأنه يحمل بين ثناياه مجموعة من الأغوار الدستورية لم تستطع القراءة الاولى معالجتها بالرغم من أننا كنا نعول على المحامين البرلمانيين لتدارك ما يمكن تداركه، لكن توقيت المناقشة إضافة إلى مرسوم المساعدة القضائية فعلا فعلتهما لصالح الدفاع عن تجويد النص التشريعي، وحتى الفريق المعول عليه من بعض الأطراف التي دفعت كتابة الضبط إلى مقاطعة الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة بقرارات سياسية وإضرابات عبثيه لم يكلف نفسه تقديم ولو تعديل فريد لصالح هذه الهيئة التي حصدت في مرحلة الحوار الاستبعاد والاستعباد الاداري و التحكم الوظيفي عند تنزيل مضامينه.

+ ما موقفكم من المؤسسة المحمدية للأعمال الاجتماعية لقضاة وموظفي العدل؟

- أود أن أذكر في هذه النقطة بأن المؤسسة المحمدية جاءت بعد قرار غريب ساهمت فيه أطراف تحت الطلب قضى بتجميد جمعية الأعمال الاجتماعية في مخالفة لمضامين القانون الأساسي للجمعية الذي يقضى بالحل.. وبخصوص المؤسسة المحمدية، وبالرجوع إلى قانونها الأساسي، نجد التعيين في جهازها التقريري، مما نؤكد معه موقفنا المبدئي حول الدعوة إلى دمقرطة المؤسسة المحمدية للأعمال الاجتماعية. أضف إلى ذلك، فالخطاب الملكي لسنة 2003 الداعي إلى تأسيس المؤسسة المحمدية للأعمال الاجتماعية لقضاة وموظفي العدل وكذا التسمية، يتناقض معهما واقع الحال بتواجد طرف ثالت يستفيد من المؤسسة بالرغم من توفره على جمعية أعمال اجتماعية .

+ من هو هذا الطرف الثالث؟

- موظفو إدارة السجون .

+ ما تأثير عدم دمقرطة المؤسسة؟

- في أي مجال جمعوي أو سياسي هناك اختلاف في النتائج ما بين الأجهزة المنبثقة عن الانتخاب وبين الأجهزة المعينة، وبالتالي تكون النتيجة هي مجموعة من الأعطاب على مستوى الهياكل والخدمات التي تقدمها المؤسسة .

+ ما هي هذه الاعطاب؟

- يمكن القول أن هناك شبه إجماع على تردي كل الخدمات الاجتماعية التي تقدمها المؤسسة من نقل واصطياف ودعم للسكن ومنح الأعياد والحج، وازداد الوضع استفحالا بتعيين المدير العام من خارج منخرطي المؤسسة مما يشكل معه استثناء عن باقي المؤسسات الاجتماعية وطريقة تدبيره وتبذيره لمقدرات المؤسسة تحت عنوان تهريب المؤسسة من خلال استبعاد اطارات المؤسسة ومجموعة من التوظيفات لا طائلة منها وعلى المقاس تزيد من أثقال ميزانية التسيير، إضافة إلى التوظيف بالعقد يمكن الاستعاضة عن كل هذا بالمهندسين والتقنيين والمحاسبين وباقي الإطارات التي تزخر بها هيئة كتابة الضبط في كل المجالات حفاظا على مالية المؤسسة خاصة وأن بعض الأعمال والأشغال وقتية وتسند لمكاتب دراسات.. إضافة إلى هذا وذاك دخول المدير العام في عمليات الهدم وإعادة البناء في الإدارة المركزية للمؤسسة، وعقد صفقات تخص مركب الرباط والسعيدية بمبالغ خيالية، فضلا عن استمرار تعثر ملف دعم السكن والذي أصبح مزمنا منذ محضر 2010 الموقع مع المرحوم الناصري ودون أن يلامس الحاجيات الحقيقية لعموم المنخرطين .

+ ما موقفكم من هكذا تدبير؟

- لقد كنا في النقابة الوطنية للعدل أول من نبه إلى الوضعية الكارثية التي وصلت إليها الخدمات المقدمة عبر مجموعة من البلاغات المتتالية والتي طالبنا فيها بإعفاء المدير العام للأسباب المومأ إليها أعلاه، وتم الاستجابة فعلا  إلى نداء النقابة الوطنية للعدل المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وذلك بإعفاء المدير العام الحالي.

+ هل تعتقد أن الإعفاء سيجود من الخدمات المقدمة؟

- صحيح جدا أن الاعفاء غير كاف، لكنه في المقابل يشكل خطوة أساسية وهامة من أجل بداية تصحيح الأوضاع داخل المؤسسة وإيقاف هدر ماليتها بناء على قاعدة ربط المسؤولية بالمحاسبة وليس فقط الإعفاء وعفى الله عما سلف.

+ ما الخطوات التي يتعين اتخادها في هذه المرحلة الانتقالية والدقيقة؟

- أظن أن هناك إجراءات يتعين اتخادها بشكل استعجالي قبل أن يتسلم الكاتب العام السلط من المدير العام المقال كما ينص على ذلك القانون الاساسي المؤسسة في هكذا وضع عند غياب المدير العام، وهي دعوة موجهة لمجلس التوجيه والمراقبة بشكل استعجالي مادام القانون الأساسي يخول له تشكيل لجان لكل غاية من أجل فتح تحقيق في التوظيفات التي قام بها السيد المدير ومجموع الصفقات التي تم إبرامها منذ توليه إدارة المؤسسة.. ونحن مستعدون كنقابة وطنية للعدل أن نكون طرفا في هذه اللجنة. ثم في خطوة ثانية تعديل القانون الأساسي للمؤسسة في اتجاه دمقرطتها وتحديد منخرطيها بناء على مضامين الخطاب الملكي 2003 واستحضار النقاش حول استقلال السلطة القضائية، فمنطق الأشياء يقضي كذلك استقلال تدبير الشأن الاجتماعي القضائي عن السلطة التنفيذية .