السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

الدكتور السقاط: الوعي بصحة الفم والأسنان ينتظره طريق طويل وتدخل عاجل للدولة

الدكتور السقاط: الوعي بصحة الفم والأسنان ينتظره طريق طويل وتدخل عاجل للدولة الدكتور محمد السقاط

تأسف الدكتور محمد السقاط، طبيب جراح الأسنان، على تدني مستوى الوعي بقيمة صحة الفم والأسنان لدى المواطنين المغاربة، مما يقود، بحسبه، إلى تداعيات أبسطها معقد. ويرجع السقاط في حوار مع جريدة "أنفاس بريس"، شدة هذا القلق إلى يقينه التام بمدى الكلفة المتربصة بالبلد ككل لما تعنيه من ضربات في مقتل أغلى ما يملكه العنصر البشري، الذي يعد ركيزة أي مجتمع. وإلا لما كان الإجماع، كما يقول، على أن الأوطان لا يرفعها سوى رجالها ونساؤها. وفي رده على التبرير المتداول بشأن ارتفاع فاتورة الأطباء، اعتبر الحجة غير بالغة القدر الذي يمنحها تلك المشروعية المزعومة، موضحا كون حتى وإن كانت القدرة الشرائية للبعض متقهقرة، فإن على الدولة القيام بواجبها في الجانب، ووضع في عين الإعتبار ما قد يغنيها من تلك الرعاية عن تكاليف أضخم، إن عاجلا أو آجلا.

+ بداية، كيف ترى ومن منطلق تجربتك المهنية مستوى وعي المغاربة بأهمية صحة الفم والأسنان؟

++ يؤسفني، صراحة، التأكيد على أن مجتمعنا لا يزال يعاني فقرا مقلقا بهذا الشأن. ولا أعتقد بأنه رأي يخصني كرجل الميدان فحسب، وإنما هو واقع يفرض نفسه على كل ملاحظ على أرض هذا الوطن. بحيث يسجل نوع من اللامبالاة لمجرد عملية التنظيف، كما اعتبار زيارة الطبيب المختص ضمن الكماليات التي قد يتم اللجوء إليها وقد لا يتم. بل حتى أن معظم الآباء يغفلون ما لهم من واجب اتجاه أبنائهم في أفق تربيتهم على تلك الثقافة، فتجدهم يوفرون كافة المتطلبات الأخرى إلا اقتناء فرشاة ومعجون إلى أن تستفحل حالة ما ويصبح معها العلاج حتمية لا بديل عنها.  وقتها نستقبل أطفالا بأسنان مكسرة أو على أعلى درجة من التسوس.

+ ما دمنا في الحديث عن صغار السن، ألا تستشف بأن لمعاناتهم تداعيات أبعد من الظاهر بالعين المجردة؟

++ صحيح، ولو أن إطار هذا السؤال ينعكس على الكبار أيضا. لكن إن أردنا التركيز على شريحة الأطفال، أقول بأن كشفي على الكثير منهم مكن من استشعار عقد نفسية وقد سيطرت على جانبهم النفسي. ومِن مرافقيهم من أسروا لي بما يواجهه أبناؤهم من صعوبات في أجوائهم الدراسية نتيجة الإحراج الذي يتسبب فيه مرض أسنانهم أمام زملائهم، إلى درجة يتحاشون معها الإبتسام أو المشاركة الألعاب الجماعية. الأمر الذي يلقي بهم في دائرة الإنطواء والعزلة. وأعود لأقر، كما أسفلت، بأن المشكل ذاته يحاصر البالغين كذلك سواء في مجال العمل أو ضمن العلاقات الزوجية أو الإجتماعية بشكل عام.

+ لا شك في عدم وجود من لا يزعجه الوقوع في مثل تلك المواقف، لكن وفي المقابل هناك الكثير ممن لا تسعفهم إمكاناتهم المادية لدفع فاتورة المتابعة الطبية المكلفة..

++ دعني أوضح أولا بأن ارتفاع الكلفة يجب أن يوضع في سياقه. ومن ثمة، الإشارة إلى أن الحديث عن الارتفاع يجد مبرره فقط قياسا بالقدرة الشرائية للمواطن المغربي، أما عالميا فيبقى المقابل أكثر من مقبول. علما أن حصص العلاج التي نباشرها لا تتم باليد فقط، وإنما بآلات غالية الثمن، نقتنيها بالضريبة على القيمة المضافة. فضلا عن لوازم أخرى أبسطها القفازات الواجبة التغيير باستمرار. ومع ذلك، أقر بأنه ليس من المنطقي المعقول ترك المواطن البسيط عرضة لمتاهات المصاريف، وعلى الدولة التدخل عبر الإلتزام بواجباتها.

+ لكن إذا كنا لم نصل بعد إلى هذه المرحلة والدولة لا تضعها في قائمة أولوياتها..

++ ومتى سنصل إذن؟ فالحاجة أمس الآن لثبوت ضمانة النتائج الإيجابية على المديين المتوسط والبعيد، بحيث لا نقاش في أن الجميع سيكون رابحا ماديا ومعنويا وصحيا، وستسلم البلاد من مجموعة علل خطيرة تتسبب فيها أمراض الأسنان، ومنها التهاب اللوزتين وضعف القلب والمعدة وشتى السرطانات المهلكة. أما إن لم يتم قطع الطريق على هذه المخاطر من المنبع، فستكون حتما النتيجة عبارة عن مشاريع مشاكل، وخسارات فادحة وبميزانيات أضخم.