الثلاثاء 14 مايو 2024
سياسة

ذ. محمد الهيني: وزارة العدل، هي سبب كل المصائب القضائية في المغرب عبر التاريخ

ذ. محمد الهيني: وزارة العدل، هي سبب كل المصائب القضائية في المغرب عبر التاريخ

اعتبر الأستاذ محمد الهيني، القاضي السابق، أن الذي يخاف على مركزه أو منصبه لا يليق به الحكم والفصل بين الناس. مضيفا في حوار مع "أنفاس بريس"، أن القاضي قاض بناصية الدفاع عن الحقوق والحريات، مهما اختلفت قوة أو ضعف مركز المتخاصمين فالقضاء أمانة ورسالة وليس وظيفة، "لكن مع كامل الأسف، أصبح البعض يتحدث عن محرري الأحكام وليس قضاة، في غياب شروط الاستقلالية..."

+ ارتفعت في الآونة الأخيرة، ملفات قضائية لأطراف سياسية، مما قد يخلق لدى القضاة نوعا من التأثر بالمحيط، في نظرك كيف ينبغي التعامل في مثل هذه المواقف؟

- بغض النظر عن خلفيات أي قضية، يجب على القاضي أن يتعامل مع القضايا المعروضة عليه بكل استقلال وحياد، وتبعا لذلك فعليه أن لا يتأثر بالخلفيات السياسية لبعض القضايا إما من زاوية طبيعتها أو اطرافها أو سببها أو من زاوية المقاربة الإعلامية لها، هذا من الوجهة النظرية، أما من الوجهة العملية فإن بعض القضاة، فعلا، يتأثرون بالخلفية السياسية لبعض الملفات لضعف نوازع الاستقلالية لديهم لا سيما أمام سيطرة السلطة التنفيذية في شخص وزير العدل على القضاء والقضاة في هذه المرحلة الانتقالية، تعيينا وترقية ونقلا وتأديبا وإشرافا على التدبير الإداري والمالي للمحاكم ورئاسته على النيابة العامة هده الصلاحيات المطلقة تجعل من العسير على المسؤولين القضائيين والقضاة عدم مسايرة اتجاهات وآراء السياسي الذي يوجد على رأس وزارة العدل ومرفق القضاء، وهذا لا يقتصر على وزارة العدل اليوم لأنه من باب الأمانة ارتبط تاريخيا بجل الوزارات مهما اختلفت مذهبياتها السياسية.

+ هناك أيضا البلاغات الحزبية والتصريحات السياسية في قضايا رائجة أمام المحاكم، كيف يتعامل معها؟

- بخصوص إصدار البلاغات وتنظيم الوقفات.. فهذا الأمر عادي جدا، ومن حق أي جهة أو جمعية أو شخص أن يحتج على خرق القوانين أو يحتج على بعض الأحكام الظالمة بالطرق القانونية المناسبة دون أن يصل للتجريح والسب والقذف والإهانة لكون القضاء غير محصن من النقد ومن واجب المواطنين والهيئات محاسبته مجتمعيا لأن القضاء شان مجتمعي..

ويجب الاعتراف أن بعض البلاغات والاحتجاجات شكلت نقلة نوعية في تغيير الفكر القضائي باتجاه دعم حماية القضاء للحقوق والحريات والدفاع عن استقلالية القضاء..

+ لكن هناك ارتفاع منسوب "تسييس الملفات القضائية"..

- التسييس مسألة عادية ومن حق أي فريق سياسي أن يدعم أطراف الملف القضائي المعنيين به، وفق الآليات القانونية الترافعية، لكن ذلك لا يجب أن يصل للتأثير على استقلالية القضاء وتوجيه اتهامات مجانية له بدون دليل لأنه يضعف الثقة في القضاء. لذا يتعين رفع الغطاء السياسي الحزبي عن المعنيين من طرف الفاعلين السياسيين إيمانا بدور العدالة كمحكم طبيعي بين الأطراف واعترافا باستقلاليتها، وهذا يبدو أقرب للخيال في الدول النامية كالمغرب، حيث يتسلح كل طرف في الدفاع عن منتسبيه ظالما أو مظلوما ولو في حالة التلبس مما جعل الانتماء الحزبي مظلة للحماية من المتابعة الجنائية أو المحاسبة ولهذا كثيرا ما تمت معاينة خلال حقب تاريخية معينة، أنه يتم غض الطرف عن الجرائم الانتخابية لصلة مرتكبيها إما بالحزب الحاكم أو بالمقربين به أو بمراكز الضغط والنفود أو بعالم المال أو الأعمال ويبقى جانب الفساد والرشوة أكثر تأثيرا في مجال العدالة عن قوة النفوذ السياسي.

+ هنا يطرح تحدي استقلالية القضاة..

- الاستقلال ليس مؤسسات وفصل السلط، أي الاستقلال المؤسساتي، وهذا واجب، لكن الأوجب هو الاستقلال الفردي لكل قاض لكي يحتكم لضميره والقانون وهذا يحتاج لتربية على مبادئ الاستقلالية بما تعنيه من تكوين وكفاءة وشجاعة فكرية وأخلاقية للانتصار للحق والقانون مهما عظمت التضحيات والتحديات، لأن الذي يخاف على مركزه أو منصبه لا يليق به الحكم والفصل بين الناس فالقاضي قاض بناصية الدفاع عن الحقوق والحريات، مهما اختلفت قوة أو ضعف مركز المتخاصمين فالقضاء أمانة ورسالة وليس وظيفة. لكن مع كامل الأسف، أصبح البعض يتحدث عن محرري الأحكام وليس قضاة، في غياب شروط الاستقلالية ومن بينها، بالإضافة لما قلناه رفع يد السياسي عن القضاء والاعتراف له باستقلال إداري ومالي وإلغاء وزارة العدل من خريطة القضاء، لأنه على مر تاريخها تشكل أسباب كل المصائب القضائية التي حلت بالبلاد وهي المسؤولة عن الفساد والتدخلات في الشأن القضائي وإضعاف الثقة في القضاة والقضاء.