تبعا لقرار المركزيات النقابية الخمس المرتبط بتنظيم مسيرة عمالية ذات بعد وطني يوم 10 أبريل الجاري، واستحضارا للمسار النضالي الذي وسم فترة حكومة بنكيران بالعديد من التراجعات على جميع المستويات، ولملامسة أهمية الصيغ النضالية التي سطرتها الحركة النقابية المغربية لتحصين مكتسبات الشغيلة المغربية والدفاع عن حقوقها أجرت "أنفاس بريس" حوارا مع محمد البهيج، عضو المجلس الوطني للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بخصوص هذا الموضوع.
+ تجد الحركة النقابية المغربية نفسها مطالبة مجددا بتنظيم مسيرة عمالية ذات بعد وطني يوم الأحد 10 أبريل الجاري، ما هي الدواعي والاسباب التي جعلت المركزيات النقابية الخمس تحتكم مرة أخرى للشارع المغربي؟
- هي نفسها الدواعي والأسباب التي أدت إلى اندلاع أزمة الحوار الاجتماعي بين الحكومة والنقابات، فالعلاقة بين الحكومة والنقابات تتسم بسوء الفهم الكبير، الذي تسبب في انهيار الحوار الاجتماعي بشكله المعهود والمتعارف عليه مع باقي الحكومات السابقة. العلاقة بين الطرفين اليوم تسير نحو المجهول ولا أحد يعلم ما قد ستأتي به الأيام القليلة القادمة.. القرارات الحكومية الأخيرة تسببت في تزايد حدة الاحتقان الاجتماعي، تزامنا مع مرور أربع سنوات من حكم حزب العدالة والتنمية وقيادته الفعلية لأشغال وتدبير الحكومة، وهو التدبير الذي فرض قرارات كانت وستكون لها تداعيات سلبية على القدرة الشرائية للمواطنين. فتحرير أسعار المحروقات بعد رفع دعم صندوق المقاصة عنها والتقليص من ميزانيات الاستثمار الداخلي والإذعان بشكل أعمى لإملاءات صندوق النقد الدولي وتنفيذ توصياته... كل هذه القرارات ذات التدبير الفرداني والمتعالي في تغييب تام للشركاء الاجتماعيين، ساهم بشكل كبير في توحيد المركزيات النقابية وخوضها لأول مرة أشكال نضالية وطنية شاركت فيها جميع النقابات، باستثناء نقابة حزب العدالة والتنمية.
فبعد وقوف الحركة النقابية على عدم قدرة الحكومة على استخلاص الدروس والعبر من الحركات الاحتجاجية السابقة، خاصة منها مسيرة يوم 29 نونبر 2015 والإضراب الوطني العام ليوم 24 فبراير 2016، إضافة إلى أشكال احتجاجية أخرى، بل تمادت في سياسة التهرب من تحمل مسؤوليتها السياسية والاجتماعية، والتنكر لكل التزاماتها ووعودها السابقة، وإصرارها على تجاهل مطالب الطبقة العاملة وعموم المأجورين.... أمام كل ذلك تجد الحركة النقابية نفسها مضطرة لمواصلة النضال في إطار برنامجها النضالي. فبعد تنفيذ وقفة يوم الأربعاء 30 مارس أمام البرلمان لمناهضة مشروع التقاعد المشؤوم والذي حاولت الحكومة تمريره خارج الحوار الاجتماعي، ستنظم مسيرة وطنية حاشدة يوم الأحد 10 أبريل 2016 بمدينة الدار البيضاء للتعبير عن غضب واستياء وتنديد الطبقة العاملة وعموم المأجورين والجماهير الشعبية ومختلف فئات الشعب المغربي المتضرر من سياسة حكومة بنكيران.
+ ما هي الأسباب التي جعلت حكومة بنكيران تتنصل من كل التزاماتها تجاه الحركة النقابية المغربية؟
- هذا السؤال يجب أن يُطرح حقيقة على السيد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، وأنا أعرف مسبقا جوابه الذي قد يُخرصك بقوله أنه لم يتنصل من أية التزامات أو عهود سابقة مع النقابات، بل هو دائما في حوار مستمر معهم وأن مقر رئاسته مفتوح في وجه الجميع، إلى غير ذلك من الأجوبة المعهودة والمتكررة على لسانه كل سنة متجددة من عمر حكومته.... أما الحقيقة اليوم، فهي ظاهرة للعيان وأصبحت مكشوفة يعرفها الداني والقاصي، من خلال تتبعنا لتصريحات الوزراء العاملين والمُطبلين لسياسة بنكيران، ولعل أخطر تصريح سمعناه مؤخرا وكانت تتم الإشارة إليه سابقا وبشكل محتشم، هو قرار الدولة التخلي عن قطاعين أساسين ومحوريين، هما قطاعي الصحة والتعليم باعتبارهما يشكلان عبئا على ميزانية الدولة، وهو كلام خطير وذو أبعاد استراتيجية تقضي وتهدف إلى رهن البلاد لرؤوس الأموال الداخلية والأجنبية وفتحها على تجار الصحة والتعليم وإفراغها من كل مضمون وطني وأخلاقي، وهو الشيء الذي لن تقبله النقابات وبالخصوص منظمتنا الكونفدرالية الديمقراطية للشغل.. فالأسباب التي جعلت حكومة عبد الإله بنكيران تتنصل من كل التزاماتها اتجاه الحركة النقابية المغربية، هو إذعانها وبشكل فج لإملاءات دهاقنة صندوق النقد الدولي وتعايشها الودي مع التماسيح والعفاريت وانصياعها للرأسمال الذي لا يعرف عن الوطن إلا ما سيجنيه من أرباح وفوائد من عرق مواطنيه... ببساطة.
+ هل هناك أمل يلوح في الأفق للعودة لطاولة الحوار وحلحلة الملف المطلبي للشغيلة المغربية في شموليته؟
- لقد تمت الدعوة، حسب علمي، يوم الخميس 31 مارس من طرف رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، إلى كل الأمناء العامين للمركزيات النقابية لحضور اجتماع بمقر رئاسة الحكومة يوم الثلاثاء 12 أبريل 2016، لكن دون تحديد واضح لجدول أعمال هذا اللقاء الذي يبدو غامضا وفاقدا للبوصلة التي ينبغي أن تتوفر في حكومة تدعي أنها عملت على استقرار المغرب والمغاربة.. وفي اعتقادي الخاص أن هذا اللقاء جاء كردة فعل على الأجواء التي عاشتها لجنة المالية داخل غرفة المستشارين يوم الأربعاء 30 مارس 2016، وتصدي الفريق النقابي البرلماني الذي نجح في تأجيل مناقشة مشروع التقاعد المشؤوم والذي استمر النقاش فيه طيلة 10 ساعات.. حوار بهذا الشكل لن يعالج الملفات العالقة والتي تزداد يوم بعد يوم، كلما كان هناك تأخير أو تماطل في حوار شمولي للملف المطلبي والذي وضعت النقابات مطلب الرفع من الأجور على رأس مطالبها الموجهة إلى الحكومة، ومأسسة الحوار الاجتماعي مع الحكومة في النقطة الثانية بعد مطلب الرفع من الأجور، وإعطاء الاهتمام للجانب الاجتماعي للأجراء وتحسين وضعية المتقاعدين، مع التشديد على تجويد السياسة التسعيرية بما يستجيب والظرفية الاقتصادية، ومطالب أخرى، مثل ضمان التشريع الاجتماعي والعلاقات المهنية، واحترام المطالب الفئوية بما فيها المهندسين والتقنيين والاساتذة المتدربين والممرضين والحريات العامة، إلى غير ذلك من المطالب التي تضمنتها المذكرة المطلبية المشتركة للنقابات.