الأحد 5 مايو 2024
سياسة

المفاتيح الخمسة لفهم مخطط الأصوليين لتفتيت «إمارة المؤمنين»...

المفاتيح الخمسة لفهم مخطط الأصوليين لتفتيت «إمارة المؤمنين»...

كل عناصر المناعة المغربية وضعت تحت مجهر المتطرفين والغلاة في الحركة الأصولية لتفتيت الأمة المغربية:

 1 - لنبدأ بالرمز، وهي مؤسسة إمارة المؤمنين، حيث بدأ الأصوليون يقرأون تاريخ المغرب قراءة ماكرة في أفق نزع الخصوصية عن المغرب وجعله مجرد «دويلة» أو «إقليم» تابع لشيوخ الشرق.

التمرين على القراءة الآثمة انطلق من تطوان ، وتحديدا من مسجد منطقة الزيتونة (بضواحي تطوان) حيث استغل الخطيب فؤاد الدكداكي منبر الجمعة في فبراير 2016 ليصب اللعنة على المهدي بن تومرت وهو أحد علماء المغرب وأحد أشهر الشخصيات السياسية في تاريخ البلاد بحكم أنه مؤسس للدولة الموحدية صاحب الفضل في إدخال العقيدة الأشعرية للمغرب. فابن تومرت الذي بني مغربا قويا مستقلا عن الشرف، هو مجرد دجال في نظر فقيه تطوان لأنه ارتكب «السيئة الجارية»، ألا وهي إدخال العقيدة الأشعرية التي «مازلنا نعاني منها».

لماذا الهجوم على الأشعرية من طرف السلفين المتشددين؟

الجواب واضح، لأن العقيدة الأشعرية (وهي الركن الثالث للجينات التدينية للمغاربة مع المذهب الملكي والتصوف الجنيدي) تعتمد على العقل وتعتمد التأويل المتنور للنصوص عكس السلفيين المتشددين الذين لا يؤمنون إلا بالتحجر وبالانغلاق والإعتماد على ظاهر النصوص دون استحضار السياق والمقاصد.

ليس هذا وحسب، بل وقال الفقيه الدكداكي إن ابن تومرت «قضى على سلفية ابن تاشفين»، وكأننا بالأصوليين يحاولون إعطاء مشروعية لسلفيتهم عبر هذه القراءة الماكرة بإسقاط السلفية عن بعض السلاطين الذين تعاقبوا على المغرب (يوسف بن تاشفين سيدي محمد بن عبد الله ومولاي سليمان).

وهنا الخطورة، لأن منبر المسجد تحول إلى منصة لقصف العلماء من جهة وتحول إلى منصة لنسف العقيدة الأشعرية، وهي باتت من ثوابت الدولة المذهبية من جهة ثانية، ثم إن المنبر المسجدي تحول إلى منصة لضرب التدين المغربي بالنظر إلى أن الموحدين هم الذين تحققت في عهدهم استقلالية المغرب «دينيا» عن المشرق وأسسوا إمارة المؤمنين بعد أن كانت إمارة المسلمين.

واليوم يضربون كل هذا البنيان ليؤكدوا تبعية المغرب للمشرق!! ومن يدري فقد نسمع هذا الخطيب أوذاك بمبايعة «سيدنا» أبوبكر البغدادي في العراق والشام.

 2 - ضرب الأمازيغية واحتقارها: علما أن الأمازيغ هم من احتضن الشرفاء من أهل البيت.إذ أن الأمازيغ وضعوا ثقتهم في الأشراف لتعلقهم بالرسول الكريم، ولكونهم كانوا يتوجسون آنذاك من العرب القادمين من الشرق. فاحتضن الأمازيغ الأشراف في الجبال وتصاهروا معهم وأعطوهم المكانة التي تناسبهم فتقوت المؤسسة الملكية بالمغرب عبر التاريخ. وبالتالي فاستهداف الأمازيغ اليوم من طرف الأصوليين هو استهداف لهذه اللحمة.

 3 - الأفق الديمقراطي والحقوقي: لم يسلم هذا الأفق هو الآخر من التحرش على يد الأصوليين، علما أن المغاربة قدموا تضحيات كبيرة لتقعيد المكاسب المحققة ومازالوا يناضلون لاستكمال البناء الديمقراطي، وهذا الأفق هو الذي أعطى للمغرب في السنوات الأخيرة سمعة في المنتظم الدولي. وهو مالم يعجب الأصوليين الذين يريدون تحجيم المغرب وتقزيم حضوره في المجتمع الدولي.

 4 - التعبيرات المجتمعية الأخرى: كل ما يميز المغرب عن المشرق نجد الحركة الأصولية تجتهد لنسفه، تعلق الأمر بالزوايا أو بالأحزاب أو بالأشراف أو بالنقابات، وكان تاريخ المغرب تاريخا «أملس» لا توجد فيها نتوءات سوسيولوجية وثقافية ومذهبية نحتت حتى شكلت بروفيل المغربي.

 5 - العمق المذهبي: الرغبة في تفتيت الأمة المغربية لم تقتصر على العناصر المذكورة أعلاه، بل تشمل أيضا العمق المذهبي المتمثل في المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف الجنيدي.

وما كان للأصوليين أن يتطاولوا على موروث المغاربة وثوابتهم لو لم يجدوا البيئة الحاضنة والمشجعة على ذلك، بل ولو لم يجدوا الغطاء والحماية التي يوفرها لهم خطاب رئيس الحكومة عبدالإله بنكيران الذي لم يتردد في القول أمام أعضاء حزبه إن المغرب عاش مؤخرا، أخطر مؤامرة، ألا وهي تجفيف منابع الإسلام، لولا أن تدخل الوزير العلوي المدغري الذي انتفض ضد هذا التوجه. (يا سلام على الهذيان!). لا يهمنا هذيان بنكيران، ولكن ما يهمنا هو صفته كرئيس الحكومة والتوقيت الذي صرح فيه بهذه «المؤامرة» وكأني بعبدالإله بنكيران يشرعن للظاهرة الجهادية بالمغرب، لأن من يسمع كلامه سيفهم أن المغرب دولة مارقة وكافرة يحق فيها وفي سكانها ومسؤوليها الجهاد (!). والأخطر أن هذيان رئيس الحكومة لا يعطى مبررا للجهاد والإرهاب بمبرر أن الدولة تحارب الدين فقط، بل ويسعى لسحب المشروعية عن أمير المؤمنين ليزحف هو على الحقل الديني لإقامة ما يسميه إخوة بنكيران «إقامة الدين بالمغرب بلد جاهلية القرن 20 و21»!

تفاصيل أوفى تطلعون عليها في عدد أسبوعية "الوطن الآن" المتواجد حاليا في الأكشاك