عاشت أوروبا ظروفا عصيبة بسبب توالي الأزمات التي كادتتعصف باتحادها، خاصة بعد تعرض دولها الجنوبية لأزمات اقتصادية متتالية في كل من إسبانيا، البرتغال وإيطاليا.. وقبل متم العام، انطفأت اليونان التي كادت إن تؤدي إلى انهيار العملة الأوروبية بعد التهديد بالانسحاب من الاتحاد والعودة إلى دراغما الإغريقية.وقد تم تمكنت دول الاتحاد بصعوبة من تجاوز كريكسيت..
لم تمض سوى أسابيع قليلة على العام الجديد، حتى كان الموعد الأوروبي مع بريكسيت أزمة جديدة متمثلة في بريطانيا التي مطالب منها أن ترد على شروط ومطالب الدول الأعضاء. فهل ستفلح أوروبا في الحفاظ على بريطانيا داخل أسرتها وتجنب بريكسيت؟ هذا ما ستعرفه بروكسيل خلال اجتماع الرؤساء في القمة الأوروبية التي ترأسها هولندا.
هناك أسئلة لابد من طرحها للجواب عن أية انعكاسات يمكن أن تقع إن تحقق بريكسيت، وغادرت بريطانيا الاتحاد:
- هل تحتاج أوروبا بريطانيا؟
الآراء تختلف بخصوص السؤال المطروح، حنى وإن كان الجميع في دول الاتحاد يرغب في الحفاظ على مكانة بريطانيا ضمن المجموعة. وهذا ما تحاول أوروبا القيام به من أجل تجاوز بريكسيت بمحاولة استبعاد شعور الدول الأوروبية التفاوض في وعلى كل شيء، من خلال وضع الشروط والمطالَب الموضوعة فوق طاولة المفاوضات بهدف تحقيق التوازن داخل المنظومة الأوروبية.
- ما الفرق بين الأزمة اليونانية والبريطانية؟
اليونان عرفت أزمة اقتصادية خانقة وتطورات سياسية جديدة، وكان هم الاتحاد الأوروبي الحفاظ على استقرار الاقتصاد اليوناني لإنقاذ اليورو من الانهيار وتجنب كريكسيت.. أما بالنسبة لبريطانيا، فإن الأمر مختلف. ذلك أن الأمر يتعلق ببقاء بريطانيا من عدمه ضمن الأسرة الأوروبية، خاصة وأن أصوات من داخل بريطانيا بدأت تطالب بضرورة توجيه الاقتصاد البريطاني إلى بقية دول العالم عن طريق تحريره من التبعية لأوروبا، في حين تنادي أصوات أخرى بضرورة ربط التجارة البريطانية بأوروبا لأنه لا يمكن أن تقوم بمعزل عنها.. ويقول أصحاب هذا الرأي إن الاقتصاد البريطاني، وبمختلف قطاعاته الحيوية، بإمكانه أن يستفيد وينمو بالشراكة لأن العالم الآن يتطلب ذلك. أضف إلى ذلك أن في الشراكة يمكن تجاوز العراقيل الجمركية وغيرها، بالاستفادة من المعاهدات التجارية التي يتم التوقيع عليها في بروكسيل.
وهناك رأي آخر يقول بأن البريكسيت، قد يضع بريطانيا في وضعية غير مريحة في تعاملها مع دول الاتحاد الأوروبي التي تعاني تحديات اقتصادية وسياسية جديدة.. وخروج بريطانيا من الاتحاد سيجعلها لا تستفيد منتبادل المعلومات، خاصة أمام نزوح الملايين من اللاجئين وآلاف المهاجرين السريين.. وسيزيد من عزلة بريطانيا وشعبها. وهناك خطر آخر يهدد سلامتها لأن من يزرع العزاء سيحصد الحقد والكراهية، وهذا ما يجب تجنبه، خاصة وأن الأفكار المتطرفة بدأت تجد طريقها في العديد من المجتمعات الأوروبية.