الأحد 19 مايو 2024
مجتمع

"لحبيبة مي" ونسبة المشاهدة التي تفوق 5 ملايين:البرنامج الحدث الذي رد الاعتبار لمؤسسة الأم

 
 
"لحبيبة مي" ونسبة المشاهدة التي تفوق 5 ملايين:البرنامج الحدث الذي رد الاعتبار لمؤسسة الأم

صرحت أرقام المتابعة والمشاهدة التلفزية وفق التقييس للبرامج التلفزية المغربية بأن نسمة 5 ملايين وما يزيد تابعوا البرنامج الاجتماعي الوثائقي "لحبيبة مي" الذي قدمته القناة الثانية 2Mليلة الاثنين 12 أكتوبر 2015 في الساعة 9 و45 دقيقة والذي سيقدم كل يوم اثنين. فتساءلت عن السر في نجاح هذا البرنامج ووصوله إلى هذه النسبة المحترمة، فإذا بأحد الأصدقاء يطلعني عن تسجيل الحلقة التي جعلتني أبحث بكل شوق عن الخبايا والسر الذي أوصل البرنامج إلى هذه النسبة المحترمة التي تصرح بأن إنتاجنا الوطني يصارع الانتاجات الدولية والعربية باحترافية ومهنية كبيرتين أكسبته الرهان..

من أهم أسرار نجاح هذا البرنامج اعتماده على جانب موضوعاتي جد هام انطلاقا من العنوان العاطفي الأخاذ الذي بدأ بمفردة الاحساس والشعور الجمعي "لحبيبة"، التي غالبا ما تقال إلى الأم، وتلته الصفة "مي" بضمير المتكلم، وبلغة الأم لغة الرضاعة والنطق الأول، وكأن هذا المتكلم بصيغة الجمع هو نحن المتلقين والمتفرجين، الذي يصدح بـ"لحبيبة مي" سأرى برنامجا عنها ومن تم يتأسس أفق الانتظار. ولتأكيد نجاعة هذا البعد الموضوعاتي اتصلت بأسرتي أسألها هل شاهدوا برنامج "لحبيبة مي"، فما كان من أمي إلا أن بدأت تحكي وهي تبكي، سألتها عن السبب فصرحت لي أن البرنامجأشعرها بإحساس غريب وذكرها بمجموعة من صديقاتها وقعوا في نفس الاشكال، وبدأت ترسل رضاها لي حولتني به إلى طفل يبكي بين دراعيها الرحيمتين.

وأنا أتطلع على البرنامج "لحبيبة مي" وقفت على جوانب فنية رائعة، بدأت من الصوت القادم من وراء الصورة، يقال عنه صوت الراوي أو صوت التاريخ ولربما الصوت الجواني وصوت الضمير الذي يبكي حكيا ليوصل العبرة التي حركتنا وجدانيا وتتبعنا من خلالها خيوط الحكاية التي دبجت بتقنيات سردية عبر متواليات ناظمة بدأت بحكي واقعي بصوت الأم صاحبة القصة وبطلتها، وصوت ممثلة مركز الإيواء خيرية عين الشق كبيت بديل إلى حين، ويأتي الرجع الزمني باللونين الأسود والأبيض وبتشخيص تمثيلي يقارب الواقع بمنظور الخيال من تم أرىأن المجال التقني استحضر بمهنية عالية جمالياته وموسيقاه وديكوراته وفضاءات التصوير الخارجية منها والداخلية الأمر الذي خلق الفرجة وروح عنا صدمة النكران الذي عانته من كان من المنتظر أن تخاطب بـ"لحبيبة مي" قولا وفعلا وتواصلا، فإذا بها هي من تخاطب الغائب "حبيبي ولدي" عبر احتفاءها بلحظات من ذاكرتها عن ابنها الوحيد، المهمل الهارب من الجنة، ولسان حالها يقول: لماذا هذا النكران، في رأيي هذا هو سر التقابل والمفارقة الدرامية الذي أنجح فكرة البرنامج ومضمونه الاجتماعي.

بهذه المميزات نجح البرنامج في حلقته الأولى وحقق مطلب برنامج الأسرة الذي تحضره كل أفراد الأسرة لتجدد تعلقها ببعضها البعض واحساسها بمحيطها، من تم كانت نسبة المشاهدة التي انطلقت بما يزيد عن 5 ملايين تصويت بنعم لبرنامج جاء من عمق واقعنا ومن جوهر مجتمعنا، برنامج يشبهنا ولم يقتبس موضوعه لا من محيط عربي ولا إفريقي ولا دولي بل من واقع مغربي محض وإن طرأ  أي تشابه فالطاقم الفني والتقني لا يتحمل أي مسؤولية والأمر يرجع للبعد الاجتماعي للقضية والبعد الانساني الذي بدأت بعض تجلياته التمدنية تأثر على الأصول المغربية الخالصة التي تصف وتنعت الجنةبعلوها وقداستها بأنها تحت أقدام الأمهات.