الأحد 19 مايو 2024
فن وثقافة

الكوميدي جواج : الصدقات تنخر قطاع التلفزيون والفن لم يعد موجودا

 
 
الكوميدي جواج : الصدقات تنخر قطاع التلفزيون والفن لم يعد موجودا

يُعاتب العديد من الفنانين وكتاب السيناريو ومُقترحو الأفكار التلفزيونية الدرامية والكبسولات الكوميدية والتحسيسية، وزارة الاتصال وإدارات قنوات القطب العمومي، على عدم فتح الباب للإيداع المباشر، والاحتكام إلى المرور عبر شركات تنفيذ الإنتاج، التي يصفها أغلب المنتمين للعملية الإبداعية  التلفزيونية على الورق، بالجشع والحصول على نصيب الأسد مع تقديم الفتات للفاعلين المباشرين في عملية الإنتاج التلفزيوني على مستوى "الفكرة والسيناريو".

"أنفاس بريس" اتصلت بالفنان الكوميدي الشاب "خالد جواج"، الذي أكد أن في ظل ما وصفه بالعراقيل التي وقفت أمامه في تنفيذ أفكاره التلفزيونية، اختار التفكير في إنشاء شركة إنتاج، لكي يتمكن من إنجاز الكثير من الكبسولات والبرامج تلفزيونية، إذ يقول أنها ظلت حبيسة داخل الورق، مع تعذر إيجاد ظروف مناسبة وتعويضات مُلائمة لإخراجها إلى حيز التنفيذ تحت إدراة شركات تنفيذ الإنتاج.

بعد بروزك في برنامج كوميديا بالقناة الأولى، شاهدك الجمهور في سهرة الأولى في التنشيط وفي كبسولة تلفزيونية "الشاف جواج" في التمثيل. تم التحقت بلائحة "مختفون" عن برامج القنوات. ما السبب في ذلك؟

ليس من عادتي الشكوى. وأستغرب كثيرا لدعوة العديد من البرامج لنا للمشاركة "فابور" دون أي تعويض، خصوصا وأن طابع هذه البرامج ليس خيريا ووراءها ميزانية مرصودة، ولا يكون الجواب سوى الرفض لأنه ليس من المعقول استغلال واستغباء فنان شاب والضحك عليه بكلام فارغ وحصد الأموال من وراء ذلك. الحمد لله أعترف أني المستفيد رقم واحد من ثمار برنامج "كوميديا"، بحكم أني قدمت بالقناة الأولى رفقة المنشط رشيد الإدريسي 33 حلقة من "سهرة الأولى" وحصلنا على الجائزة الأولى أحسن برنامج ترفيهي عربي (الميدالية الذهبية والتتويج كان بدولة البحرين) وقد انتهى بث هذا البرنانج في موسم 2012 - 2013، كما سجلت حضوري قبل ذلك سنة 2009 في حلقات كبسولة "الشاف جواج" في برامج رمضان، وأشكر بهذه المناسبة القناة الأولى وشركة الإنتاج التي كانت وراء هذه البرامج. حاليا لا زلت أشتغل في المجال الفني الفكاهي واخترت مواصلة تطوير إمكانياتي، وتلقيت في السنتين الأخيرتين تكوينا في الـ "ستاند آب" ببلجيكا، بالموازاة مع عملي في المجال الكوميدي ضمن السهرات والمهرجانات، التي تتم دعوتي للمشاركة في فقراتها داخل وخارج الوطن، أفكر في إنشاء شركة إنتاج، تحتضن أعمالي. لدي الكثير من المقترحات والأفكار "مكتوبة ومحفظة" خصوصا الكبسولات التلفزيونية.

أصبح الآن العمل وفق بنود دفتر التحملات في القطب العمومي يستوجب إيداع أفكار البرامج التلفزيونية بناء على تاريخ محدد لإعلان طلبات العروض مع التقيد بملف إداري وتقني وفني يودع عن طريق شركة تنفيذ إنتاج بشروط مُسطرة .. هل سبق لك أن اقترحت على القنوات المغربية مشاريع أفكار تلفزيونية بشكل مباشر؟.

اليوم انفتحت القنوات قليلا على اقتراحات برامج متعلقة بسد خصاص معين داخل القناة على مستوى الشكل والنوعية، سواء برنامج "اجتماعي أو ترفيهي أو اقتصادي..". في هذه الحالة تُرحب بك القناة، لكن تطلب منك جلب "مستشهر" معك، أي أن القناة لن تؤدي ثمن المادة التلفزيونية بشكل مباشر، أتكلم عن القناة الأم "الأولى"، لم يسبق لي التعامل أو التواصل في هذا الإطار مع القناة الثانية أو غيرها، كان المشكل أصعب بكثير قبل ذلك، إذ كان لابد من شركة إنتاج ومن المفروض أن تكون ذات سنتين من التجربة في مجال تنفيذ الإنتاج، بمعنى أن "الشاب الذي سيُقدم على تأسيس شركة"، يجب عليه الانتظار سنتين وبعدهما سوف تتم مطالبته بالتجربة في الإنتاج، عندها سوف يجيب : "لابد أن تمكنوني من فرصة "برنامج" أولى وثانية لكي أكوَّنَ هذه التجربة وفي الأخير سنجد نفسنا أمام سؤال :"شكون سبق البيضة ولا الدجاجة؟". والخلاصة هي أن الشركات القديمة هي التي ستشتغل والجديدة لن تتمكن من الحصول على برامج.

ولماذا لا تختار المرور عبر شركة إنتاج معروفة ولديها تجربة في مجال تنفيذ الإنتاج؟

الجواب سيكون بسؤال : لماذا من الضروري المرور عبر شركة إنتاج؟. أنا أرفض أن تستغلني شركة إنتاج. القنوات "تبارك الله" لديها وسائل ومعدات لا تملكها الشركات. ستخصص القناة فريقا تقنيا لإنجاز العمل بمعداتها وسيتم حينها تنفيذ البرنامج المُقترح بتكاليف أقل. بما أن "دفتر التحملات" جاء لترشيد الميزانية ويتم الحديث كثيرا عن تسخير أقل الإمكانيات المادية لإنجاز البرامج فهذا في رأيي هو الحل الأنسب لتحقيق ذلك. وحينها سوف تؤدي لي القناة مستحقاتي، ونخرج من العملية برابحين (صاحب الفكرة والقناة)، إذ سينعكس ذلك بشكل منطقي على ميزانية البرنامج وسوف لن يُكلف العمل القناة إمكانيات مادية (فلوس) كثيرة، وبطبيعة الحال لن يؤثر ذلك على الجودة المُفترضة في العمل منذ تقديمه أول وهلة للإيداع.

تقارن بين شركة تنفيذ الإنتاج والقناة وتـُشير بشكل مباشر إلى مسألة حرمان الشركات الأخرى من العمل في القطاع باستثناء شركة يُمكن أن تؤسسها أنت. ألا ترى أنك تضرب مصلحة الشركات الخاصة لصالح استفادتك لوحدك؟.

لا يجب أن تبخسني شركة الإنتاج حقي، ليس فقط لأن لديها "اعتماد" وأربع كاميرات من حقها أن تحصل على نصيب الأسد وأضيع أنا في مستحقاتي المشروعة، هذه المسألة بالنسبة لي غير منطقية ولا "تدخل للدماغ" وصراحة أنا أرى و"أتمنى أن أكون مُخطئا" بأن الفن  لا وجود له. لم يعد موجودا. في رمضان الماضي مثلا لم نر فن التلفزيون والإبداع، رأينا فقط "صدقات تلفزيونية" وهذا ما يحزُّ في نفسي. بعض الناس ينسلخون من الفن ويتجهون إلى الجانب المادي بشكل مكشوف وغير مقبول، مع التماس كل العذر للفنان في هذه الحالة لكون الأمر مرتبط بقوت اليوم والضحية دائما هنا هما "الفنان والفن". يجب أن يتوازن الجانب المادي مع الإبداع والجودة في قطاع التلفزيون.

هناك من سينعتك أنت أيضا بالاتجاه للجانب المادي، بحكم أنك لا تريد اقتسام مداخيل الأعمال التلفزيونية مع شركات خاصة ستتكلف بتنفيذ الإنتاج. فكيف ترد؟

لماذا سيقتسمها مدير الشركة معي وهو لا يملك سوى أربع كاميرات وتقني مُكلف بالمونتاج، ومكلف بالصوت، مستخدمين براتب 3000 درهم للشهر، واضح جدا أن الفن أو الإبداع بالنسبة لمثل هؤلاء المنتجين ليس هدفا ولا علاقة لهم به، هم فقط مستثمرون "مالين الشكارة".

لكن الأمور لازالت كما هي، باب الإيداع المباشر لا زال مغلوقا على الجميع أو لنقل على البعض ومفتوح للبعض الآخر في نوعية معينة من البرامج.. هل من اقتراحات من جانبك لتجاوز هذا الوضع؟.

الاقتراح هو ما قلته سابقا، ومرتبط بتأسيس الشاب الذي تكلمت عنه شركة ويدخل في المنظومة بالشكل المُتعارف عليه حالا. مع التسجيل بأن القنوات انفتحت شيئا ما على الفنان. يجب على الذي يفكر في اقتراح الأفكار التلفزيونية أن يؤسس شركة وينتظر مدة ويجمع رأس المال للتمكن من تقديم caution  أو مبلغ الضمانة عند الإيداع.

بهذا الجواب تأكد بأنه يلزم فقط شركة إنتاج ورأس مال معين وتجربة وفكرة جيدة وتقديم المشروع في فترة فتح باب الترشيح لطلبات العروض ثم النتيجة مضمونة للحصول على صفقة برنامج تلفزيوني هكذا.. خلافا للعديد من الذين يرون بأن العملية معقدة ولا تخضع للشفافية وتكافؤ الفرض.

لا أحبذ الطعن في أية منظومة أو شخص، أنا من الناس الذين يؤمنون بمقولة "ليس من رأى كمن سمع"، إذا كانت هذه التفاصيل والمساطر التي تحدثنا عنها هي الطريقة القانونية، سأتبعها شأني شأن كل الناس. الحمد لله لدي مكانة جيدة مع المسؤولين في القناة الأولى، واحترمهم كثيرا، وحتى ولو تعرضت للحيف والظلم، أفضل الابتعاد والعزلة، ولا أتكلم من فراغ أو ضعف أو استجداء. أنا من الناس الذين يبتعدون عند تكاثر العراقيل، حتى تهدأ الأمور ويهدأ بالي، ثم أحاول مرة أخرى لأجرب حظي، دون أن أتجه إلى فقدان الأعصاب والقيام بأشياء غير مقبولة بالنسبة لي، أنا أنتظر الوقت المناسب للدخول في ترتيبات الترشيح لطلبات العروض، وليس عيبا أن أبدأ بشركتي بمشروع صغير (كبسولات مثلا) إلى حين التمرس إداريا في عملية تنفيذ الإنتاجات التلفزيونية.