السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الحميد جماهري: يا إلهي لماذا مات صاحب القلب الاصطناعي؟

عبد الحميد جماهري: يا إلهي لماذا مات صاحب القلب الاصطناعي؟

قرأت النبأ في صفحة الأخبار المتفرقة، عن مستجدات الطب، قرأت خبرا جافا وعاديا، مثل ما يكون موت فرد واحد عاديا وسط عدد الموتى الذين يملأون الأفق والنشرات وصفحات الفايسبوك.

لكنه لسبب ما بين الهاجس والترقب، مع ذلك، فتح أمامي بابا غامضا من الشعور المتلاطم: كيف يكون قلب اصطناعي، في المحيط الذي يبنيه العالم اليوم، سببا للموت؟

ليس صاحب القلب الاصطناعي هو الذي يجب أن يموت.. شيء ما غير مستو في منطق الحدث اليوم.

وأنا أنظر إلى ما تمنحه القلوب الاصطناعية لأصحابها من كم لا يحصى من حيوات تفوق عدد حيوات القطط والجن.. غير المتجاورة في الحب.. أستغرب فعلا أن يموت رجل بقلب اصطناعي، حتى ولو لم يكن هو الذي صنعه بيده، تبعا لضرورات العيش الراهن المنتشر..

القلب الاصطناعي لا يموت،

والذين يموتون بسبب عضلة المشاعر، عادة ما يكون لهم فائض من القلب..

فائض يشل الحياة مثل ارتفاع كمية الكوليسترول أو الدهون الثلاثية

ففي الترتيب الذكي للأنواع، بعد أن تركها داروين في.. درجة الإنسان المنحدر من شجرة الأنساب، مسكن القردة الأجداد: لم يعد الموت يأتي بسبب القلب الاصطناعي، المصطنع، الذي وصف وظيفته، منذ أزيد من أربعة عشر قرنا حكيم الجاهلية زهير بن أبي سلمي «ومن لم يصانع في أمور كثيرة، يدرس بأنياب ويوطأ بمنسم»… الموت يأتينا من القلب الحقيقي، ذلك الذي يثير سخرية الانتهازيين والفاسدين والجلادين وباعة الأوهام والمخادعين والمغتصبين وسادة الذهب المزيف وهواة القنص ..

إن البشرية الجديدة الذكية تختار دائما أن تخبئ قلبها الحي، الذي ينبض، الذي تخاطبه القصائد والكتب المقدسة والحبيبات والأصدقاء، في زاوية معزولة..

للغاية، كجزء من الأشياء التي يحسن إخفاؤها، بسبب ثمنها الباهظ أحيانا، ولكن بالأساس بسبب عدم التصريح بها كآلة بدون تأمين طويل الأمد، كفيلة بأن تجر على أصحابها التهمة.. وتشعر الذي يعرف بأن صاحبها ساذج للغاية ويصلح أن يكون ضحية في الانتفاع السريع للعالم الراهن..

القلوب التي تستعمل بجدوى وجدية، التي تدر الربح، التي تحفظ الحياة

القلوب الجيدة، والتي يمكنها أن تضمن قسطا وافرا من السعادة والعيش المشترك،هي القلوب الاصطناعية..

القلوب التي كانت في ما مضى تجد الصعوبة في مواجهة العقل، وتصنع الجدل المسرحي في نصوص كورناي»، السيد الذي كان يعرِّف العالم بأنه صراع بين القلب، أو الرغبة وبين العقل، الإرادة والمصلحة ، لم تعد صالحة للزمن الحالي..

فالقلب الاصطناعي أعفانا كثيرا من هذه المعادلة الصعبة.

وأصبح القلب بدوره ملحقة عضلية للمصالح التي يأتي بها العقل المدبر..

الحكيم في العرف الحالي.

وأمام كل الرصاص الذي يطلقه الساسة والكتاب والمنشطون الاجتماعيون للسفالة العامة، ومع ذلك، لم يمت أحد برصاصة: يا إلهي هل هناك قلب يمكنه أن يكون عاديا ولا يموت؟

يا إلهي، مرة أخرى، كيف يموت قلب اصطناعي في عالم أصبح له بالكامل؟