الأحد 5 مايو 2024
سياسة

ردا على حركة التوحيد والإصلاح: الاستفهام التاريخي حول الشيعة بالمغرب

ردا على حركة التوحيد والإصلاح: الاستفهام التاريخي حول الشيعة بالمغرب

الدافع لكتابة هذه السطور هو ما كتب عن التشيع في المغرب في الاونة الاخيرة حتى يعتقد المرء ان شيئا خطيرا سيحدث. حيث تعالت الصيحات من اليمين و من اليسار يتحدثون عن الخط الرسالي دون أن يستوعبوا أبجدياته و أهدافه. و لم ينتهي الأمر حتى خرجت شبيبة مطيع و حشرت أنفها في الموضوع تحت عنوان المغرب يبتز الخليج بالشيعة معتمدة في ذلك على تفاسير باطلة .

فالسلطات المغربية لم تظهر أي انفتاح ازاء شيعة المغاربة وانما أعطتهم الرخصة بفاس كمركز للدراسات و الابحاث أمام المحكمة التجارية بفاس، وهذا داخل أولا فيالاختصاص النوعي لهذه المحكمة التي تكون ملزمة الفصل في طلب الحصول على الرخصة، و التي تستغرق وقتا طويلا نوعا ما وهذا يجعلنا نقول استنادا على هذه المعطيات على أن طلب الرخصة دفع قبل اعادة العلاقة الدبلوماسية بين المغرب وايران، وإذا كان القضاء قضى بما قضى به فكلام الشبيبة كانه يلوم أجهزة الدولة عن عدم تدخلها لتوجيه القضاء وهذا يتناقض مع مبادئ الديموقراطية. و لقد قيل سابقا عندما قطع المغرب العلاقة الدبلوماسية مع ايران و قيل أن المغرب يجامل دول الخليج من أجل الحصول على الإعانات المالية من الدول النفطية هاهو الان بعدما أعاد علاقته مع ايران نسمع أن المغرب يستعمل الشيعة لابتزاز دول الخليج .

إن الندوة التي نظمتها حركة التوحيد و الاصلاح بينت أن الشعارات الدفاعية و الحقوقية التي رفعتها بعد أحداث ماي 2003 لاتعني شيئا باستعمالها الإقصاء ضد الخط الرسالي عندما فتحت نارها عليه من خلال ندوتها الاقصائية و العنصرية و الغريب. لحد الان لم يعطينا اي أحد فهم حقيقي لأهداف الخط الرسالي الذي أراد الدخول إلى الحياة الاجتماعية و الثقافية والساسية المغربية واعطاء قراءة جديدة للاسلام مبني على مرجعية شاملة بعيدا عن الاسلام الوهابي المتطرف الذي تتبناه الحركات الاسلامية السياسية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وذلك عندما تستعمل الخطاب السلفي الوهابي في مرجعياتها السياسية و مغازلة هدا الفكر ضد فكر محبي ال البيت الذي لا يرون في المذهب المالكي أي تعارض و لا أي اختلاف مع المذهب الجعفري إلا في الفروع  لاسيما وأن الامام مالك تلميذ الإمام جعفر الصادق عليه السلام ، الاخلاف بينهما لا يبغي أحق و انما يكمله و يتممه .

إن الخط الرسالي في الواقع يمتلك خطابا متنورا عقلانيا فهولا ينفي السلطة القائمة ولا يعارضها، و مركز قوته هو تحويل الخطاب الدي ينطوي على الحقد و الضغينة الى خطاب مفتوح على الانسان مهما كانت عقيدته و فكره، و لا يمكن فهم الخط الرسالي دون معرفة قبلية بمضامين هذا الخط .

و قد دخلت حركة التوحيد و الاصلاح مدخلا صعبا حين نفى أحد محاضريها نفيا جازما ان لا مجال للتقارب بين المذهب السني و المذهب الشيعي. قطعا ان هذه الجراة في طرحه العدمي لم نجد له أي سند في التاريخ، والمحاضر أراد أن يقيس التعايش المسيحي الاسلامي و الاسلامي اليهودي في المغرب على المذهبين السني و الشيعي، وأن لا قياس مع وجود الفارق. إذ أن الذي يجمع بين السني و الشيعي هو الدين الاسلامي و وحدة الاتفاق حول الأصول و الاختلاف حول الفروع، و قد كان لنا في التاريخ تجربة كادت ان تفضي الى التقارب السني و الشيعي عندما أشرف على ذلك الازهر الشريف في مصر.و لولا تدخل السلفية الوهابية و نسفه لكان بين المذهبين شأن اخر، فاذا كان الاقتراح التعايشي الدي قدمته الندوة لا يمثل شيئا بالنسبة للمذهب السني و الشيعي و لكن يظهر عدم إحاطة المحاضر على ضعف احاطته بالموضوع. فلنحيل صاحب النفي المطلق للتعايش على تاريخ الغرب والصراع المذهبي فيه بين الكاثوليك والبروتيستانت سيجد فيه عبرة ليجعل التقارب بين المذهب السني والشيعي ممكن حدوثه لوحدة الدين الاسلامي الذي يجمعهم كما جمع بين البروتيستانت والكاثوليك وحدة الدين المسيحي.