الأحد 21 ديسمبر 2025
فن وثقافة

محمد شروق يفتح صندوق الذاكرة: امتيازات من العمالة.. سائق للتنقل الشخصي والغذاء بأحسن مطعم بالمحمدية (07)

محمد شروق يفتح صندوق الذاكرة: امتيازات من العمالة.. سائق للتنقل الشخصي والغذاء بأحسن مطعم بالمحمدية (07) محمد شروق بمناسبة عيد العرش سنة 1993 بعمالة المحمدية
تنشر جريدة "أنفاس بريس" حلقات من ذكريات ومذكرات الكاتب الصحافي محمد شروق، انطلاقا من قضائه للخدمة المدنية بوزارة الداخلية والإعلام (قطاع الإعلام) في 01 دجنبر 1986؛ إلى إحالته على المعاش في 25 مارس 2024، بعمالة الدار البيضاء أنفا كمسشار للعامل في الصحافة والاتصال.

في شهر شتنبر 1992، ستكون لي أول تجربة مع متابعة الانتخابات عن قرب ومن داخل المطبخ.
في شتنبر هذا، نظم المغرب الانتخابات الجماعية وكنت قد التحقت قبل أيام بعمالة المحمدية.
التحق بي بعمالة المحمدية إطار من وزارة الإعلام هو محمد فراح رحمه الله، لم تكن لي معرفة سابقة به. كان يقيم بفندق أفانتي على حساب العمالة. ثم موظفين اثنين من وزارة الداخلية هما عبد المجيد وأوزيدان، أخذا مباشرة سكنا وظيفيا،  لنصبح نحن الأربعة محسوبين على العامل بحكم أنه استقدمههم من الرباط. لكن أنا الوحيد بلا سكن وظيفي.
طلب منا في يوم الانتخابات أن نحضر مبكرا، لتنطلق بداية من  الساعة التاسعة صباحا حركة ذؤوبة داخل القاعة الكبرى للعمالة. متابعة لمجريات التصويت والتواصل مع رؤساء المكاتب والحصول على نسب التصويت وإرسالها على الفور إلى المصالح المركزية يوزارة الداخلية. 
المعروف أن يوم الجمعة هو يوم الانتخابات بالمملكة، فكانت وجبة الغذاء كسكسا مغربيا خالصا. تجمع الموظفون حول طاولات داخل القاعة الكبرى.
المتابعة لعملية التصويت ظلت مستمرة، علما أن عمالة المحمدية في 1992 كانت تتوفر على جماعة واحدة هي جماعة المحمدية ( 34 كلم مربع وحوالي 250 ألف من السكان).
بعد إقفال مكاتب التصويت، سيبدأ رؤساء المكتاب يصلون تباعا إلى مقر العمالة حاملين أظرفة كبرى بها محاضر التصويت؛ ليبدأ الحساب من طرف اللجنة المركزية داخل العمالة.
كنت أظن أن العملية ستنتهي مع منتصف الليل على أبعد تقدير، لأنني كنت مستقرا ببيت العائلة بسيدي البرنوصي.. لكن هيهات!!
وصلت الساعة الواحدة صباحا ثم الثانية ف الثالثة، إلى طلوع الشمس وبداية يوم جديد.
سينتهي الإحصاء وسيتم الإعلان عن فوز حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بأغلبية المقاعد، علما أن المحمدية كانت تعرف بأنها قلعة اتحادية بامتياز. 
سيتم بعد أيام انتخاب رئيس المجلس الجماعي في شخص عبد الرحمان العزوزي القيادي بالكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى جانب الزعيم محمد الأموي. ولأنه كان يتوفر على شخصية قوية، فإنه سيصطدم مرارا مع العامل حسن الرحموني الذي استقبل فوز الاتحاد الاشتراكي على مضض.
لابد من الإشارة إلى أن العمالة وفرت لي سيارة (رونو 4) وسائقا لنقلي من البرنوصي إلى المحمدية ذهابا وإيابا، مع تناول وجبة الغذاء أنا ومحمد فراح إما بمطعم جمينير (sans pareil) أو بفندق أفانتي (سامير سابقا). 
كان السائق يحملنا إلى هناك وفي الساعة الثانية والنصف نجده أمام المطعم أو الفندق للعودة إلى العمل.
للتوضيح، لم يكن لي سائق خاص، ولكن يتم تكليف السائق الذي يكون في المداومة بهذه المهمة. الحمد لله أنني نسجت مع جميع السائقين وجميع العاملين من إدريس الواقف أمام باب مكتبي إلى رؤساء الأقسام والمصالح ورجال السلطة، علاقات تقدير واحترام وهم شهوظ اليوم بعد سنوات طويلة  على ما أقول.
بالنسبة للتعاون مع جريدة "بيان اليوم"، بقيت مصرا على ترجمة مقالات وإرسالها إلى الجريدة حتى لا أفرط في التعويض، رغم تغيير الظروف واشتغالي بالديوان الذي لا يفرغ من الزوار ورؤساء الأقسام ورجال السلطة.
لكن أين الصحف الفرنسية التي سأختار منها المقالات للترجمة؟
كان هناك كشك لست أدري هل مازال أم لا، أمان فندق مريديان Miramar يبيع الكثير من الصحف والمجلات الأجنبية.
ذهبت عنده وقدمت له نفسي، فوجدت أنه يعرف أن أربعة موظفين جاؤوا مع العامل من الرباط.
قلت له: أنا واحد منهم..وعبرت له عن رغبتي في الاطلاع يوميا على المنشورات الأجنبية، فلبى الطلب.
اتفقنا على أن يعطيهم للمخزني إدريس على الساعة الخامسة ويردهم إليه بعد ساعتين.
هكذا صرت أتوصل بالصحافة الأجنبية وأختار بعض المقالات وأترجمها.
وحرصا مني على عدم إثارة انتباه من يكون بمكتبي، كنت آخذ نسخة من المقال وأقسمها على أجزاء صغيرة وأقوم بترجمة جزء تلو الآخر. 
ستستمر هذه العملية الى شهر يوليوز 1993 لأطلب إنهاء الاتفاق الشفهي مع المرحوم علي يعتة، علما أنني بقيت أنشر بعض المقالات من حين لآخر دون تعويض طبعا.