Wednesday 17 December 2025
سياسة

مأساة طرد المغاربة من الجزائر.. ادريس اليزمي يسلط الضوء على التراث التاريخي والهجرة المغربية للجزائر(مع فيديو)

مأساة طرد المغاربة من الجزائر.. ادريس اليزمي يسلط الضوء على التراث التاريخي والهجرة المغربية للجزائر(مع فيديو) ادريس اليزمي، رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج
قدّم ادريس اليزمي، رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج خلال الندوة التي نظمها التجمع الدولي لدعم الأسر ذات الأصول المغربية المطرودة من الجزائر ، بدعم من مجلس الجالية المغربية بالخارج و بشراكة مع المنظمة المغربية لحقوق الإنسان اليوم الأربعاء 17 دجنبر 2025 بمقر المجلس بالرباط (قدم) لمحة عن العمق التاريخي لتواجد المغاربة في الجزائر، مستعرضاً أعمال البحث التي توثق الهجرة المغربية منذ منتصف القرن التاسع عشر، والتراث الشعبي اللامادي الذي يعكس حياة المهاجرين، مؤكداً على أهمية تذكير الجميع بالمأساة ومواصلة الدفاع عن حقوق الضحايا وجبر أضرارهم.
جريدة "
أنفاس بريس" تنشر ترافع ادريس اليزمي:

 
مساندة المغاربة ضحايا التهجير من الجزائر طبيعية، نظرا لأدوار مجلس الجالية المغربية بالخارج، أذكر أنه وفق الظهير الشريف الذي تأسس بموجبه مجلس الجالية المغربية بالخارج، فإحدى المهام الأساسية للمجلس هي الدفاع عن حقوق مغاربة العالم في إطار القانون الدولي وقوانين دول الإقامة كما ينص على ذلك الدستور المغربي.
محمد الشرفاوي، سيقدم الخلاصات الأساسية للتقرير الذي نعتبره مرحلة أساسية، ومنعطفاً محورياً في هذا العمل الذي انطلق منذ سنوات عديدة، وذلك لتذكير الجميع بهذه المأساة، لمحاربة النسيان، وللتأكيد على حقوق الضحايا وضرورة جبر أضرارهم.
ولكن ما يزيد في عمق هذه المأساة، حسب وجهة نظري، هو العمق التاريخي لتواجد المغاربة في الجزائر. هناك أعمال تاريخية، أبرزها ما أنجزه الأستاذ ميمون عزيزة من جامعة مكناس، التي توضح أن الهجرة من شمال المغرب، خصوصاً من مناطق الريف، إلى غرب الجزائر (وهران والمناطق المحيطة بها)، بدأت منذ منتصف القرن التاسع عشر.
وقد لعبت هذه الهجرة دوراً أساسياً، كما تظهره الأبحاث التاريخية للمؤرخين حول الاستعمار الفرنسي في الجزائر، في تنمية المنطقة، إذ استُخدمت العمالة المهاجرة، بما في ذلك الهجرة الأندلسية وشمال المغرب، استعملها الاستعمار الفرنسي لتنمية المنطقة.
وتظهر مصادر جديدة أخرى العمق التاريخي لهذه الهجرة من خلال التراث الشفهي في شمال المغرب، وبخاصة الريف، والمعروف باسم "أزران" (Izran)، وهو نوع من الأغاني النسائية التي توثق للواقع الاجتماعي، والتاريخي للهجرة المغربية إلى الجزائر.
وقبل معرض الكتاب المقبل، سيتم إصدار كتاب للأستاذ أحمد زاهد يجمع ألف "إزري"، حيث تبرز إحدى النقاط الأساسية فيه الهجرة المغربية إلى الجزائر. ولأغراض التوضيح، سأستعرض ستة مقاطع رئيسية من هذا التراث، توضح العمق الإنساني لهذه الظاهرة.
على سبيل المثال، تناول قصيدة حول موضوع "الطيور المهاجرة"، حيث تقول: "في ربوع الجزائر اجتمع الريفيون كما تجتمع الطيور في رحلتها، يتبع أحدهم الآخر، توحدهم الخطى وتجمعهم الرغبة في العمل"، في إشارة إلى أنهم كانوا يسافرون للعمل من أجل أسرهم.
وقصيدة أخرى تتناول أخبار العائلة، إذ تقول: "من وسط بلعباس في الجزائر، وصلت رسالة من زوجها يسأل عن أخبارها وأخبار أبنائها".
كما تتناول بعض القصائد المخاطر التي واجهها المهاجرون، خصوصاً أن الأغلبية كانوا يسافرون سيرا على الأقدام، وكان عبور ملوية خطيراً في بعض الأوقات، مع توقع وفيات محتملة. يقول أحد "الإزري": "احترق قلبي يا أمي ألما وحزنا حين رأيته يأخذ جواز سفره بيده، كانت وجهته شرق الجزائر"، في إشارة إلى المعاناة التي عاشتها الأم بعيداً عن ابنها.
وتتناول قصيدة أخرى دور أبناء الريف في الجزائر: "من منحك هذه المكانة يا أرض الجزائر إن لم يكونوا أبناء الريف الذين وفدوا إليكِ أفواجاً أفواجاً للعمل، لما خلت جبالك من سكانها".
وهكذا، هناك عشرات الأمثلة في التراث الشعبي اللامادي التي تعكس العمق التاريخي لتواجد المغاربة في الجزائر، لذلك، فإن الطرد لم يكن مجرد عملية، بل كان اقتلاعا لسكان ساهموا في الحياة الاجتماعية والاقتصادية على مستويات عدة.
ويشهد على ذلك أيضاً أحد أبناء مغاربة العالم، رحمة المدني، مخرجة سينمائية، التي أخرجت الوثائقي "Le pacte de sel"، حيث عادت بعد أكثر من عشرين عاماً إلى الدوار الذي نشأت فيه أسرتها، موضحة كيف كانت العلاقات الحميمية موجودة، وكيف أن الذاكرة الجزائرية المحلية ما زالت تتذكر هذا التعايش الإنساني المتميز.
وهذه هي الأسباب التي أردت أن أذكرها، بالإضافة إلى العمق التاريخي للمأساة، الذي يبرز بفضل أعمال الجمعية والتجمع والمؤرخين والعاملين على الثقافة، ليصبح النسيان صعباً أو مستحيلاً.