في إطار الجهود الوطنية الرامية إلى تأهيل الموارد البشرية ومواكبة ورش الحماية الاجتماعية، أطلقت شعبة الدراسات الإسلامية بالكلية متعددة التخصصات بالرشيدية ماستر التميز “الرعاية الاجتماعية والمجتمع (ريادة المجتمع)”، كعرض تكويني أكاديمي جديد ينسجم مع التحولات الاجتماعية الراهنة ويستجيب لحاجيات سوق الشغل في مجال العمل الاجتماعي.
ويأتي إحداث هذا الماستر في سياق الدينامية المتواصلة التي تبنتها شعبة الدراسات الإسلامية بفريقها البيداغوجي ورئاسة د.محمد بن عبد الرحمان الحفظاوي، والتي عرفت خلال السنوات الأخيرة تطورًا لافتًا في بنيتها البيداغوجية، من خلال إغناء العرض التكويني بماسترات وإجازات تميز ومسالك متخصصة، ما مكنها من استقطاب شريحة واسعة من الطلبة من مختلف ربوع المملكة، إضافة إلى طلبة من خارج المغرب، وأسهم في ترسيخ موقعها كفضاء أكاديمي منفتح على قضايا المجتمع وتحولاته.
ويستند ماستر “الرعاية الاجتماعية والمجتمع” إلى الاتفاقية الإطار الموقعة بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، والخاصة بتكوين 10.000 مساعد اجتماعي في أفق سنة 2030، في انسجام تام مع التوجهات الاستراتيجية للدولة في مجالات التنمية الاجتماعية، والعدالة المجالية، وتعزيز الإدماج الاجتماعي.
ويُعد هذا التكوين امتدادًا طبيعيًا لإجازة التميز “المساعدة الاجتماعية والوساطة”، التي راكمت تجربة علمية وتطبيقية مهمة، سواء على مستوى التأطير النظري أو التكوين الميداني، خصوصًا في مجالات البحث الاجتماعي، والتواصل، والتحليل، والتدخل، مع اعتماد مقاربة بيداغوجية تجمع بين التأصيل العلمي والتطبيق العملي. كما يكتسي الماستر أهمية إضافية بالنظر إلى الاعتماد الرسمي الذي حظيت به هذه الإجازة، وفق قرار وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة الصادر سنة 2025، والذي يخول لخريجيها ولوج مهنتي المساعد الاجتماعي والوسيط الأسري.
ويشرف على تأطير هذا الماستر طاقم أكاديمي ومهني متخصص، تحت الإشراف البيداغوجي للدكتور عبد الواحد الحسيني، حيث يعتمد التكوين أسلوبًا مندمجًا يجمع بين المحاضرات النظرية، وورشات تطبيقية، وتداريب ميدانية، بما يتيح للطلبة الاحتكاك المباشر بواقع الممارسة المهنية، والاستفادة من خبرات أكاديميين وباحثين وممارسين في ميادين العمل الاجتماعي والإرشاد النفسي.
ويهدف التكوين إلى إعداد أطر عالية التأهيل قادرة على التفاعل مع الأفراد والأسر والجماعات، وتحليل السياسات العمومية الاجتماعية، والمساهمة في تحسين الرفاه الاجتماعي والنفسي، وتعزيز قيم العدالة الاجتماعية والتماسك المجتمعي، مع التركيز على قضايا معاصرة من قبيل الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي والهجرة.
ويذكر أن شعبة الدراسات الإسلامية بالكلية متعددة التخصصات بالرشيدية باتت تضم، إلى جانب ماستر “الرعاية الاجتماعية والمجتمع”، ماسترين أكاديميين آخرين يعكسان غنى وتنوع العرض التكويني. ويتعلق الأمر بماستر “الدرس الشرعي وقضايا المجتمع: التجديد والرقمنة”، الذي يشرف على تنسيقه البيداغوجي الدكتور عبد الكبير حميدي، ويهدف إلى تقديم تكوين علمي رصين في العلوم الشرعية قائم على استيعاب مقاصد الشريعة وربطها بواقع المجتمع، مع التركيز على قضايا التجديد والتقصيد والرقمنة، وتأهيل الطلبة لمجالات مهنية متعددة، من بينها التربية والتكوين، والعمل بوزارة الأوقاف والمجالس العلمية، والخطابة والوعظ والإرشاد، والتعليم العتيق، وتأطير الجالية المغربية بالخارج والدبلوماسية الدينية.
كما تضم الشعبة ماستر “العقيدة والفكر وحوار الأديان بالغرب الإسلامي”، تحت إشراف المنسق البيداغوجي الدكتور رشيد عمور، والذي يقدم تكوينًا أكاديميًا معمقًا يرتكز على الثوابت الدينية للمملكة المغربية، المتمثلة في العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي والتصوف الجنيدي وإمارة المؤمنين. ويسعى هذا الماستر إلى تأهيل باحثين متمكنين من أدوات التحليل العقدي والفكري، وقادرين على تفكيك الإشكالات الفكرية المعاصرة، وممارسة الحوار الديني والفكري، وتوظيف الوسائط الرقمية الحديثة في خدمة المعرفة، مع إعداد الطلبة لمتابعة البحث الأكاديمي المتخصص أو الاندماج في مجالات التدريس والتأطير العلمي والثقافي.
ويعكس هذا التنوع في التكوينات حرص شعبة الدراسات الإسلامية، على الاضطلاع بدورها الأكاديمي والمجتمعي، والمساهمة في تكوين كفاءات قادرة على خدمة قضايا الدين والمجتمع والتنمية، وتعزيز إشعاع الجامعة المغربية في محيطها الوطني والدولي.
