الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

لحسن العسبي: "كيف نحتفي بسنة ذهبت من عمرنا؟"

لحسن العسبي: "كيف نحتفي بسنة ذهبت من عمرنا؟"

هل سيودع العشاق المنتشون بعشقهم، بذات الذبذبات، 2014، كما يودعها الحزانى؟. واضح الجواب، الذي لا يحتاج لكثير عناء، لأن المسافر في علياء الفرح، ليس أبدا مثل النازل في سحيق الألم. فعشاق ريال مدريد، مثلا، الذين كما لو أنهم قد اكتشفوا المغرب والمغاربة لأول مرة، مثلما تكتشف جزيرة مبهرة نائية، بعد الشغف الحضاري الإنسان الذي خصصه عشاق الكرة بمراكش لرفاق الحارس كاسياس، غير بعيد عن مسجد الكتبية، التي كم ينسى الماتادور الإسباني الشعبي اليوم، أن ذات اليد المغربية التي رفعت تلك المئذنة الخالدة كهندسة عمرانية، منذ ألف عام، هي ذات اليد التي أعلت الخيرالدا بإشبيلية سنة 1184.

عشاق الريال، إذن، الفرحون بمنجز فريقهم الاستثنائي هذا العام، لا يشبهون أبدا آباء وأمهات مدرسة الباكستان، تلك التي نزل همج القرن 21، كي يحصدوا أرواح أطفالهم وهم جالسون وراء طاولة العلم، فاختلط المداد بالدم المغدور، كي يكتب التطرف رسالة لا تليق بالإنسانية ولا بأي دين.

بهذا المعنى، فلكل، 2014، الخاصة به. حتى والجميع يكاد يغفل عن تلك الحكمة الرائقة للموسيقار محمد عبد الوهاب، التي تساءل من خلالها سؤالا استنكاريا، قائلا: "كيف نحتفي بسنة ذهبت من عمرنا؟".. وهو يقصد ضمنيا، أنها سنة أخرى إضافية تقربنا من الموت أكثر. إنه سؤال المبدع الدائم، أمام قلق الرحيل الحتمي.

2014، هي سنة المغرب إفريقيا، هي خطابا العرش والمسيرة، غير المسبوقين لغة ومبنى ورسالة، هي قصتنا مع كرة القدم من "كان" عيسى حياتو حتى فضيحة ملعب الرباط، هي رحيل أسماء نسجت احتراما بسيرتها العطرة، في ذاكرة الزمن، أشدها وطأة الرحيل المأساوي، القدري، عند ذات القنطرة للصديق أحمد الزايدي وللأستاذ عبد الله باها..

لكن سنة 2014، هي أكثر من ذلك، هي سنة نزول أول مسبار على مذنب في تاريخ البشرية، وهي خطوة علمية جبارة، في أول الطريق لمعرفة قصة تشكل الحياة، كما تفجرت من غبار المجرة الشمسية. ما يجعل الواحد منا لا يتردد، في اعتبار سنة 2014 هي سنة المسبار فيلاي والمركبة الفضائية روزيتا والمذنب "ب 67"، لأنها خطوة صغيرة للعلم، لكنها خطوة جبارة للبشرية.

(زاوية "منبر حر"، إذاعة "ميدي آن" الدولية)