Monday 24 November 2025
فن وثقافة

مؤتمر دولي بكلية الحقوق بقلعة السراغنة يدعو إلى وضع ميثاق وطني للهوية الرقمية

مؤتمر دولي بكلية الحقوق بقلعة السراغنة يدعو إلى وضع ميثاق وطني للهوية الرقمية جانب من أشغال المؤتمر

دعا المشاركون في المؤتمر الدولي الأول "للتكنولوجيا والرقمنة: صون الهوية الثقافية الوطنية" الذي نظمته ما بين 20 و22 نونبر 2025 كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمدينة قلعة السراغنة، بتنسيق وشراكة مع مؤسسة كش بريس الإعلامية بالمغرب ومركز عناية الثقافي والفكري إلى وضع ميثاق وطني للهوية الرقمية يحدد المبادئ الناظمة لحضور المغرب الثقافي في الفضاء الرقمي، ويضمن حماية اللغات الوطنية، والذاكرة المشتركة، ورموز الهوية الجماعية

كما أوصى المؤتمر الذي تميز بمشاركة نخبة من الأكاديميين والباحثين الخبراء، في بيان ختامي، بحماية الهوية الثقافية الوطنية، بإطلاق برنامج وطني للأمن الثقافي الرقمي لرصد التهديدات الموجهة للهوية، ومقاومة نزعات التذويب الثقافي، وتعزيز السردية المغربية في الفضاء الافتراضي، وتعزيز الإنتاج الثقافي الرقمي المحلي من خلال دعم المنصات، وصنّاع المحتوى، والمشاريع السردية الرقمية التي تعكس التنوع الثقافي المغربي.

 

التفكير النقدي

وفي مجال التربية والتعليم والجامعة، شدد المشاركون على ضرورة إعادة تصور وظيفة المدرسة في عصر الذكاء الاصطناعي عبر إدماج التربية على التفكير النقدي، والذكاء العاطفي، والتربية الرقمية، بدل الاقتصار على المعارف التلقينية وإحداث وحدات جامعية ودراسات عليا متخصصة في فلسفة التكنولوجيا، والقانون الرقمي، وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، لإنتاج معرفة نقدية قادرة على مواكبة التحول الرقمي مع تطوير مناهج مجددة لدمج المهارات الرقمية والابتكار ضمن المسارات الدراسية بشكل يراعي الخصوصية الثقافية.

وبالنسبة للتشريع والحقوق الرقمية، أوصى المؤتمر بتحيين الإطار القانوني الوطني، ليشمل حماية الذكاء الاصطناعي الموجه للحياة اليومية، وحقوق المستخدمين، ومسؤوليات الشركات الرقمية الدولية والمحلية وتعزيز حماية المعطيات الشخصية وضمان الحق في الخصوصية والحق في النسيان الرقمي، بما يتناسب مع تحديات اقتصاد البيانات الضخم، فضلا عن إقرار مدونة للأخلاقيات الرقمية تُوازن بين حرية التعبير، ومحاربة خطاب الكراهية والتضليل والتحرش الرقمي.

 

مرصد وطني

ودعا المشاركون في مجال الحقول المعرفية والفكرية إلى تشجيع البحث في أثر التكنولوجيا على الهوية والإنسان من منظور فلسفي وأنثروبولوجي وسوسيولوجي، لتكوين وعي نقدي جماعي تجاه التحولات الرقمية الكبرى وإنشاء مرصد وطني لتأثير الرقمنة على القيم الاجتماعية يراقب تحولات الذوق، وأنماط الاستهلاك الثقافي، وأشكال التعبير الجديدة وإدماج البعد الديني والمقاصدي في فهم التكنولوجيا بما يضمن التوازن بين الحداثة الرقمية والثوابت الروحية للمجتمع.

وعلى مستوى اللغة والتراث والمعرفة، دعا المؤتمر إلى رقمنة التراث الوطني بمختلف مكوناته (العربي، الأمازيغي، الحساني، اليهودي المغربي...) وتوفير مكتبات رقمية مفتوحة للباحثين والعموم وتعزيز استعمال اللغة العربية والأمازيغية في الوسائط الرقمية ودعم تطوير الذكاء الاصطناعي باللهجات واللغات الوطنية فضلا على تشجيع مبادرات السرد الرقمي التي توثق الذاكرة الجماعية وتعيد كتابة القصص الوطنية بلغة العصر.

 

إصلاح الإعلام

ودعا المؤتمر على صعيد الإعلام والاتصال والمجتمع، إلى إصلاح شامل للمنظومة الإعلامية الوطنية بإدماج الذكاء الاصطناعي كأداة للتدقيق والتحليل، ومنع احتكار المنصات الأجنبية لفضاء التداول العمومي والتربية على المواطنة الرقمية لمحاربة السلوكيات غير الأخلاقية (التنمر، التشهير، التشويه)، ولترسيخ قيم المسؤولية في التواصل الرقمي وتعزيز حضور الخطاب العلمي حول الرقمنة في الإعلام، لمحاربة الخرافة الرقمية ونظريات المؤامرة.

أما بالنسبة للحكامة والسيادة الرقمية، شدد المشاركون على تقوية السيادة الرقمية للمغرب عبر تطوير أدوات وطنية للذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والمعالجة اللغوية، والتخزين الآمن للبيانات اعتماد استراتيجية وطنية للأمن السيبراني ترتكز على التوقع والوقاية وحماية البنية التحتية الرقمية للبلاد ودعم الابتكار المحلي بتشجيع المقاولات الرقمية الناشئة، والحاضنات الجامعية، وتبسيط مساطر التمويل.

 

الوعي الرقمي

كما أكد المشاركون في محور العدالة الرقمية والمساواة إلى تقليص الفجوة الرقمية بين الجهات عبر تعميم البنيات التحتية الرقمية، وضمان الولوج المنصف للتكنولوجيا في القرى والمجالات الهشة، وتمكين النساء والشباب من الفرص الرقمية الجديدة عبر برامج للتكوين والبحث والابتكار وتطوير خدمات الدولة الرقمية لضمان الشفافية، وتقوية الثقة في المؤسسات، وتحسين علاقة المواطن بالإدارة.

وجاء في البيان الختامي، أن المؤتمر يوجد في موقع مبادر لوضع "أجندة وطنية" لحماية الهوية المغربية في زمن الذكاء الاصطناعي، التي تجمع بين المقاربة الثقافية والسياسية والحقوقية والتقنية، وتتناغم كذلك مع طبيعة المداخلات التي قدّمتها. حيث عبر المشاركون عن الأمل أن تتواصل الجهود في مواكبة هذه التوصيات وتعزيزها، بما يخدم ترسيخ الوعي الرقمي وحماية الهوية الوطنية في زمن التحولات المتسارعة، وأن تستعيد النسخة الثانية من هذا الحدث العلمي زخم النقاش وجرأة الأسئلة، وأن تمضي أبعد في الرهان على بناء ثقافة تكنولوجية راسخة، قادرة على تحويل الرقمنة من تحدٍّ إلى فرصة لبناء مستقبل معرفي ومجتمعي أكثر اتزانًا.