تعتمد السينما الهندية في أغلب أفلامها على الموسيقى والرقص، البعض سيظن أن المسألة ترفيهية وتسويقية محضة، مرتبطة بالأفلام التجارية أو مايسمى بأفلام الماسالا في السينما الهندية، وهذا صحيح طبعا، لكن في الكثير من الأحيان المسألة تتعدى الترفيه والتجارة الى أشياء أخرى أبعد مرتبطة بهوية الأمة الهندية التي تعتبر الرقص جزءا لا يتجزأ من كيانها وشخصيتها الجماعية، وهذا ليس جديدا فله امتداد تاريخي لآلاف السنين، بل يدخل الرقص في خانة التقديس لدى الديانة الهندوسية ولدى السيخ أيضا، ويتقرب الهندوس من إلاههم شيفا بالرقص ولهم طقوسهم الراقصة الخاصة بذلك، ومناسك الحج لدى السيخ هي عبارة عن رقصات وأهازيج، إذاً ما نراه في الأفلام الهندية من رقص له مرجع تاريخي شعبي، وجذور مرتبطة بالهوية الثقافية والوطنية والعقائدية والدينية، التي كان المسرح قبل بداية السينما في الهند، فضاء العرض العمومي الوحيد لهذا التراث الفني المقدس، وقد استمد تقنياته وفلسفته من كتاب الرقص المقدس "ناتيا شاسترا" وهو واحد من أقدم وأهم الكتب في تاريخ الفن العالمي وليس الهندي فقط، كتب قبل أكثر من 2000 سنة وأسس نظريا لمفهوم الفنون في الهند من رقص ومسرح وموسيقى... والكتاب يشرح كيف يمكن للحركة، والإيقاع، والصوت، والجسد أن تصبح وسيلة لمعرفة الذات والتعبير عن الروح، وهو لايعتبر دليلا تقنيا فقط، بل فلسفة مقدسة كاملة ترى أن:
الفن ليس متعة فحسب، بل طريق لفهم الإنسان والعالم والآلهة.
الفن ليس متعة فحسب، بل طريق لفهم الإنسان والعالم والآلهة.
والرقصات الهندية بحركاتها المختلفة والسلسة ذات المدلول الخاص والرمزي كما قلنا، أخرجت لاحقا من المعابد والمسارح لتوظف في أفلام بوليود، لكن المفهوم التقليدي والتراثي والديني للرقص تغير مع صناع الافلام الحاليين، حيث غيروا كثيرا من تصميم الرقصات وأيضا الموسيقى، وأصبحت الأفلام الهندية الحديثة تميل الى الكوريغرافيا والألحان الغربية أكثر من الرقصات التقليدية والدينية.
ولا ننسى أن مع بداية الثلاثينيات وانطلاق انتاج الأفلام الناطقة في الهند انطلقت معها هذه الأفلام الغنائية باستعراضاتها الراقصة التي اكتسحت السوق أنذاك وحازت على جماهيرية وشعبية كبيرة في الهند، لتعبر بعدها الحدود الى باقي بلدان العالم لتحقق فيها شعبية أيضا.
