Saturday 25 October 2025
Advertisement
اقتصاد

رياض وحتيتا: تعويم الدرهم.. خطوة مدروسة أم انتحار اقتصادي 

رياض وحتيتا: تعويم الدرهم.. خطوة مدروسة أم انتحار اقتصادي  رياض وحتيتا
في الوقت الذي يعيش فيه المغرب واحدة من أكثر المراحل الاقتصادية والمناخية تعقيداً في تاريخه الحديث، يعود إلى الواجهة الحديث عن المرحلة الأخيرة من تعويم الدرهم كخيار اقتصادي “إصلاحي” يهدف إلى تحرير العملة وربطها بالسوق العالمية. غير أن هذه المسألة، في ظل الأزمة الراهنة التي تعصف بالبلاد، يمكن اعتباره انتحاراً اقتصادياً بكل المقاييس، نظراً لحساسية الظرفية التي تجمع بين جفاف خانق واختلالات اقتصادية متراكمة.
لا يزال الاقتصاد الوطني يتعافى بشكل جد متباطئ من أزمات متتالية، بدأ من جائحة كورونا مروراً بموجات التضخم، فضلاً عن سنوات متتالية من الجفاف، خاصة هذا الأخير الذي عمّق هشاشة البنية الاقتصادية للمغرب، وأثر بشكل مباشر على القطاع الفلاحي الذي يُعد العمود الفقري للاقتصاد الوطني.
فالجفاف لم يقتصر تأثيره على الإنتاج الزراعي فحسب، بل امتد إلى قطاعات مرتبطة به كالصناعة الغذائية والنقل والخدمات، مما أدى إلى تراجع المداخيل، وارتفاع البطالة، وتفاقم العجز التجاري.
وفي ظل هذا الوضع الحرج، يجد الاقتصاد نفسه أمام تحديات كبيرة تتطلب سياسات واقعية مندمجة توازن بين الاستقرار المالي ودعم الإنتاج الوطني، بدل اللجوء إلى قرارات نقدية محفوفة بالمخاطر مثل تعويم العملة، التي قد تزيد من الضغط على المواطن وتضعف مناعة الاقتصاد أكثر فأكثر.
في النظريات الاقتصادية، يُعتبر تعويم العملة وسيلة لتقوية تنافسية الصادرات وتحقيق التوازن في الميزان التجاري. غير أن هذه النظرية لا تنجح إلا في اقتصاد قوي، متنوع الإنتاج، قادر على التصدير. ففي زمن الجفاف والأزمات، حماية العملة الوطنية ليست ترفاً، بل ضرورة للحفاظ على التوازن الاجتماعي والاقتصادي.
كيف لنا أن نفكر في تعويم العملة في ظرفية نستورد فيها كل حاجياتنا من أغنام ولحوم وشعير وقمح بالعملة الصعبة؟ إن مجرد طرح هذا الخيار في وضع اقتصادي يعتمد بشكل شبه كلي على الواردات، يعكس مفارقة خطيرة في الرؤية الاقتصادية فالقطاع الفلاحي، وهو القلب النابض للاقتصاد الوطني، سيكون أول المتضررين من أي قرار بتعويم الدرهم. فالفلاح يعتمد على المدخلات المستوردة: البذور، الأسمدة، المبيدات، الآلات، المحروقات… ومع تراجع قيمة الدرهم، سترتفع كلفة الإنتاج، في وقت يعاني فيه القطاع من ضعف تسويق.
 
رياض وحتيتا، خبير فلاحي