بقلم الدكتور أنور الشرقاوي بتعاون مع الدكتورة سلمى الحسّاني أخصائية أمراض المفاصل والروماتيزم - مراكش
تبدأ القصة غالباً بهدوء… ألم بسيط في أسفل الظهر، يُنسب إلى التعب أو الجلوس الطويل أمام الحاسوب.
لكن خلف هذا الألم "البريء"، قد يكمن مرضٌ التهابي مزمن يُدعى السُّبونديلوأرثريت، يصيب آلاف الشباب المغاربة دون أن يدركوا خطورته.
ألم الظهر… ليس دائماً عادياً!
هذا ليس "وجع مكتب" ولا نتيجة وضعية جلوس سيئة.
فالتهاب الفقرات والمفاصل مرض يهاجم العمود الفقري شيئاً فشيئاً، فيسبب آلاماً تشتدّ ليلاً وتخفّ مع الحركة!
وفي الصباح، يشعر المريض وكأن ظهره متيبّس لا يتحرك.
وفي الصباح، يشعر المريض وكأن ظهره متيبّس لا يتحرك.
غالباً ما تبدأ الأعراض بين سنّ العشرين والأربعين، أي في فترة النشاط المهني، وممارسة الرياضة، وبناء الأسرة.
وإذا لم يكتشف مبكراً، فقد يتحول إلى حالة مزمنة تُقيد حركة المريض وتؤثر على جودة حياته.
مرض يتجاوز المفاصل
لا يقف المرض عند حدود العظام.
فقد يمتد ليصيب العين (بالتهاب مؤلم واحمرار)، أو الجلد (في شكل صدفية)، أو الأمعاء (بأمراض التهابات مزمنة كداء كرون أو التهاب القولون التقرّحي) يحذر البروفسور عبد الله المغراوي رئيس الجمعية المغربية لأمراض الروماتيزم SMR.
فقد يمتد ليصيب العين (بالتهاب مؤلم واحمرار)، أو الجلد (في شكل صدفية)، أو الأمعاء (بأمراض التهابات مزمنة كداء كرون أو التهاب القولون التقرّحي) يحذر البروفسور عبد الله المغراوي رئيس الجمعية المغربية لأمراض الروماتيزم SMR.
هذه الأعراض المختلفة تُربك الأطباء الغير المتخصصين أحياناً وتؤخر التشخيص.
التشخيص بين الخبرة الطبية وتقنيات التصوير الحديثة
يلعب طبيب الروماتيزم دوراً محورياً في اكتشاف المرض.
فإلى جانب الفحص السريري الدقيق، تُعدّ صورة الرنين المغناطيسي (IRM) لمنطقة الحوض الأداة الأهم للكشف عن الالتهاب في مراحله الأولى.
أما التحاليل المخبرية، فتبحث عن وجود العلامة الجينية HLA-B27 التي تُساعد في تأكيد التشخيص.
ويُميّز الأطباء بين عدة أنواع من السُّبونديلوأرثريت:
الشكل المحوري الذي يصيب الظهر والحوض،
الشكل الطرفي الذي يهاجم الركبتين والكاحلين والكتفين،
وأشكال أخرى ترافق أمراض الجلد أو الأمعاء.
علاجات تُعيد الحياة للحركة
بفضل التقدّم الطبي، تغيّر مصير المرضى بشكل كبير.
الأساس يبقى النشاط البدني المنتظم والعلاج الفيزيائي ونمط الحياة الصحي.
الأدوية المضادة للالتهاب تُخفف الألم، بينما العلاجات البيولوجية الحديثة مثل مضادات TNF وIL-17 ومثبطات JAK تُوقف الالتهاب من جذوره، وتسمح للمريض باستعادة حياة طبيعية.
لكن شرط النجاح هو المتابعة الطبية المنتظمة.
فكل تأخير في التشخيص قد يؤدي إلى تيبّس دائم في العمود الفقري وصعوبة في الحركة.
الوقاية بالتشخيص المبكر
الرسالة الطبية واضحة:
"كل ألم في الظهر يستمر أكثر من ثلاثة أشهر، يوقظ المريض ليلاً ويتحسّن بالحركة، يجب أن يثير الشك بوجود التهاب في الفقرات."
فمجرد زيارة لطبيب الروماتيزم يمكن أن تنقذ سنوات من المعاناة.
فالوقت في هذا المرض ليس مجرد عامل زمني… بل علاج في حدّ ذاته.
التشخيص المبكر يعني الحفاظ على الظهر، على الحرية، وعلى متعة الحركة يؤكد.الدكتور عبد الله المغراوي.
ابقَ واقفاً... وابقَ في حركة!