Saturday 18 October 2025
Advertisement
سياسة

خالد مصلوحي: ما قاله الدكتور العشعاشي في حق بن بركة خيانة للتاريخ

خالد مصلوحي: ما قاله الدكتور العشعاشي في حق بن بركة خيانة للتاريخ خالد مصلوحي يتوسط بن بركة ورشيد العشعاشي
استضافت إذاعة "ميد راديو" ضمن برنامج "بدون لغة خشب " الدكتور رشيد العشعاشي ليمارس أبشع أشكال التزييف باسم "المفكر "، وليحاول بخطابٍ تزييفي تبرير واحدة من أفظع الجرائم السياسية في تاريخ المغرب: اغتيال المهدي بن بركة.
 
العشعاشي لا يتحدث بصفته رجل فكر، بل مزوِّرٌ للوقائع. لقد حرّف التاريخ حين تحدّث عن “تخابر المهدي مع الجزائر وكوبا”، وكأن الوطنية تُقاس بمعاداة التحرر. نسي أو تجاهل أن المهدي بن بركة كان من كبار مهندسي الاستقلال، ومؤسس طريق الوحدة، وأحد من استقبلوا محمد الخامس بعد عودته من المنفى.
 
نسي أنه كان من بين الذين وضعوا لبنات الدولة الوطنية الحديثة، ومن الذين آمنوا أن استقلال الأوطان لا يكتمل إلا بحرية المواطنين.
من واجب كل من يعرف التاريخ أن يذكّر هذا المتفلسف الجديد أن إقالة حكومة عبد الله إبراهيم سنة 1960 كانت لحظة الانكسار الديمقراطي الأولى في المغرب المستقل.
وأن دستور 1962 جاء ليُضعف الإرادة الشعبية ويكرّس هيمنة الحكم الفردي  على حساب دولة المؤسسات.
ثم جاءت انتخابات 1963 المفبركة بأغلبية “الفديك” لتعلن نهاية التجربة الديمقراطية الوليدة.
في هذا السياق بالضبط، اختار المهدي بن بركة طريق المعارضة الوطنية الديمقراطية. لم يحمل السلاح، بل حمل الكلمة والفكرة والمشروع. دافع عن دولة المؤسسات لا دولة الأشخاص.
 
وعندما ضاقت عليه الأرض بالمضايقات، ومحاولة الاغتيال في واد الشراط ،انتقل الى الخارج، ، حاملًا الفكر الوطني التحرري  إلى العالم.
ومن المنفى، ظلّ صوت المهدي يرتفع من أجل مغربٍ ديمقراطي منفتح على العالم الثالث وحركات التحرر.
وللتاريخ، لا بد أن يُقال:
حين بعث الملك الراحل الحسن الثاني مستشاره إلى المهدي بن بركة، كانت المبادرة تهدف إلى طي صفحة الماضي وبناء حكومة وطنية جامعة.
وقد وافق المهدي على العودة، لكنه طلب مهلة لعقد المؤتمر العالمي لدول العالم الثالث، ذلك المشروع الأممي الذي كان يرعاه إلى جانب ناصر وكاسترو وتيتو.
لكن أيادي الظلام كانت أسرع من صوت الحوار.
فتمّ اختطاف المهدي يوم 29 أكتوبر 1965 بفرنسا، لتُغتال معه مرحلة كاملة من الأمل الوطني.

ولذلك فإن ما قاله العشعاشي ليس مجرد رأي، بل خيانة للحقيقة التاريخية، ومحاولة فجة لتبرير القتل وتبييض وجه قاتم من ماضي المغرب السياسي.

أن يقال إن اغتيال بن بركة “أنقذ المغرب ومكّنه من الحرية”، فذلك قولٌ سفيه سياسيًا، ومعيب أخلاقيًا.
لأن اغتيال المهدي لم يكن بوابة الحرية، بل نقطة بداية سنوات الرصاص، ومؤشّر انحدار في القيم السياسية والإنسانية.
 
إننا لا ندافع عن مناضل وطني ، بل عن ذاكرة وطنية وعن مشروع مغرب ديمقراطي قُطع قبل أن يزهر.  للتذكير تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة والذي حظي بموافقة ملكية ، قد قدم المعطيات والوقائع المرتبطة بملف الشهيد بن بركة و أعتبرته ضمن ملف حالات الإختفاء القسري المفتوحة و التي لا يطالها التقادم ، كما أن شهادات العميل السابق للكاب1 أحمد البخاري كان قد فضح بعض المتورطين في جريمة اختطاف و اغتيال الشهيد بن بركة و من بين هؤلاء الجلادين الأخوين العشعاشي فلذلك نجد أن " الدكتور" يحاول " تبييض" آل العشعاشي رغم أن العديد من ضحاياهم ( ومنهم من لازال على قيد الحياة) يجمعون على عدوانيتهم و دمويتهم  و تفننهم في تعديب المعتقلين السياسيين . 
ولأن التاريخ لا يُكتب بالأكاذيب، نقول للعشعاشي ومن على شاكلته:
من يُبرّر الجريمة، يشارك فيها،
ومن يُزوّر التاريخ، يخون الوطن مرتين.