تأملوا هذا الرقم الصادم..12 مليون مغربي يعتمدون في قوتهم على الدعم الاجتماعي المباشر. وهو رقم لا ينبغي قرائته كمصدر ابتهاج لقدرة الحكومة على تقديمه لساكنة معوزة، بل على العكس هذا الرقم هو "سبة" في حق المغرب والمغاربة.
فهذا الرقم يفيد أن 33% من المغاربة ينتظرون أن تجود عليهم الخزينة العامة بدعم متواضع. بمعنى آخر، فإن هذا الثلث من المغاربة "واقفين على باب الله" بدون مدخول قار وآمن وكاف يؤمن للمرء ولأسرته الحد الأدنى من الكرامة ويجنبه ذل السؤال ومد اليد.
وإذا أضفنا لهذا الرقم كون ثلث آخر من المغاربة مهدد بالسقوط في هشاشة مطلقة بالنظر لأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية المتآكلة، سنصاب بالدوار والدوخة، لأن ذلك يفيد أن 66% من المغاربة "عايشين بالسطارطير". أي أن 66% من المغاربة خارج دورة إنتاج الثروة الوطنية ومقصيون من المساهمة في تراكمها وبالتالي قطف ثمار إعادة توزيعها على كافة مكونات الأمة.
أما المغاربة الآخرون المنتمون إلى "الطبقة المتوسطة"، فمعظمنا يعي أن هذا الوصف مجرد زور وبهتان، على اعتبار أن "الطبقة المتوسطة"( خاصة المنتمية للسلم الأسفل في هذه الخانة)، ما فتئت تتعرض لنهش جيوبها وانهيار قدرتها على توفير مدخراتها، منذ أزمة كورونا إلى اليوم، لدرجة أن مغاربة الطبقة الوسطى"يقطعون دم جوفهم" لضمان تعليم أبنائهم وسداد أقساط شققهم بشكل يجعل معيشتهم "ضنكا". وبالتالي فالواقع يظهر أن فئة قليلة جدا من المغاربة من تنعم باليسر وبرخاء ورغد العيش في رفاه الثروة الوطنية.
المؤسف أن المغرب حصل على الاستقلال منذ 69 سنة، ومع ذلك لم يفلح بعد في إرساء أسس عدالة اجتماعية ومجالية تترجم استفادة معظم فئات المجتمع ومجالاته الترابية من التوزيع العادل لهذه الثروة.
يكفي أن نستشهد بالأرقام المؤلمة التي سبق الكشف عنها بخصوص عدد المغاربة الفقراء الذين يعانون فقرا مدقعا، إذ في ظرف ثلاث سنوات سقط 797.000 مغربي في خانة الفقر المدقع، لينضافوا إلى 1.360.000 مغربي يشكون من الفقر المدقع (أي ما يمثل 4 % من المغاربة).
ففي كل عام، وبدل أن يرتقي المغاربة من خانة الفقر المدقع إلى خانة الطبقة الضعيفة أو المتوسطة، لتتوسع قاعدة الرخاء في المجتمع، نجد العكس هو الذي يقع. فالمغاربة البسطاء أو المنتمون إلى الطبقة المتوسطة تتدهور أوضاعهم وينزلون في السلم الاجتماعي بدرجات متقهقرة.
الأرقام الصادمة المرتبطة بثلاث سنوات، تبين نزول 265.666 مغربيا كل سنة إلى خانة «الفقر المدقع»، أي ما يعادل سكان مدينة من حجم المحمدية (أو سكان مدينتين من حجم العرائش)، يشطب عليها من «رادار اليسر» لتلج إلى «نادي البؤس والهشاشة».
إذا سارت الأمور على هذا المنوال، فإن المغرب سيتوفر في متم 2026، على 1.328.333 مواطن فقير فقرا مدقعا إضافيا، أي حوالي 4% من مجموع السكان، لينضافو إلى المخزون le stock المتراكم من الفقراء، فيصبح عدد الفقراء الأشد فقرا بالمغرب هو: 2.700.000 مغربي، أي ما يشكل 8% من المجموع العام للسكان، وحينها سيصبح جل المغاربة في حاجة الى دعم اجتماعي مباشر.
وإن تحقق ذلك من الأحسن أن يتم الشروع من الآن في التحضير لتوأمة المغرب مع باقي الدول المفلسة في العالم مثل جنوب السودان ومالاوي والصومال والنيبال وبنغلاديش واليمن وهايتي وما شاكلها من مجتمعات دكت الهشاشة سكانها دكا.