Tuesday 12 August 2025
فن وثقافة

الدكتور محمد صالح العماري، مدير مركز الثقافة العربية"الحضارة" بروسيا الاتحادية: المغرب بلد التسامح والتعايش والحوار الحضاري

 
 
الدكتور محمد صالح العماري، مدير مركز الثقافة العربية"الحضارة" بروسيا الاتحادية: المغرب بلد التسامح والتعايش والحوار الحضاري الدكتور محمد صالح العماري وإلياس التاغي (يسارا)

في أعقاب الحفل الختامي، يوم الجمعة 8 غشت 2025، للدورة التكوينية الصيفية حول اللغة العربية والثقافة المغربية التي تنظمها كلية أصول الدين بتطوان بشراكة وتعاون مع مركز الثقافة العربية "الحضارة" بروسيا الاتحادية، كان لنادي اللغات والتواصل الحضاري بكلية أصول الدين اتصال مع الدكتور محمد صالح العماري، مدير مركز الثقافة العربية "الحضارة" بروسيا الاتحادية، فكان الحوار التالي:

 

1. بداية، نرحب بكم، د. محمد صالح العماري. ونشكركم على قبول الدعوة. نود في مستهل هذا الحوار أن نعرِّف القارئ العربي عموما، والقارئ المغربي خصوصا، على مسيرتكم العلمية والمهنية.

كيف كانت بداياتكم، وما هي أبرز المحطات التي أثرت في تشكيل اهتمامكم باللغة العربية وتعليمها للناطقين بغيرها؟

في البداية اسمحوا لي أن أتقدم لكم بالشكر الجزيل على هذه الاستضافة الكريمة لتسليط الضوء على مسيرة عمل مركز الثقافة العربية" الحضارة" في روسيا الاتحادية.

وبالرد على سؤالكم المتعلق بسيرتي الشخصية، فسأحاول التطرق إليها باختصار، لأن موضوعنا الأهم هو مركز الثقافة العربية " الحضارة".

أنا من أسرة يمنية ميسورة الحال، تلقيت تعليمي الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدينة عدن، وحينها كانت تستهويني النشاطات العامة في المدرسة، فأصبحت عضوًا لأول منظمة "طلائع" للأطفال أسست فيما كان يسمى حينها باليمن الديمقراطية، وبعدها تدرجت حتى أصبحت عضوًا لاتحاد الشباب الاشتراكي اليمني، وأصبحت قياديًا في لجنة المديرية، وبعدها انتخبت عضوًا لمنظمة الحزب الاشتراكي اليمني، وهذا ما سهل لي الحصول على منحة دراسية ممولة من الدولة للدراسة الجامعية في الاتحاد السوفيتي، فسافرت في العام 1982م للدراسة في الاتحاد السوفيتي، وانتهيت من الدراسة الجامعية في العام 1988م، فعدت إلى عدن وعينت نائبًا لمدير ثانوية الجلاء في محافظة عدن، عملت في الثانوية حتى عام 1994م، ثم توجهت لدراسة الدكتوراه في روسيا الاتحادية بدعوة من أكاديمية علوم جمهورية تتارستان، بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، واصلت دراستي حتى عام 1997م، وحينها طلب مني تدريس اللغة العربية في الجامعة إلى جانب دراستي في مساق الدكتوراه، وهنا بدأت تتكون اهتماماتي باللغة العربية وقضاياها، لكني أنهيت دراسة الدكتوراه، وعدت إلى اليمن لمواصلة عملي بوزارة التربية والتعليم. وبعد سنتين من عملي في الوزارة وصلتني دعوة من رئاسة جمهورية تتارستان للعمل في المؤسسات التعليمية الحكومية في تدريس اللغة العربية، كون البلد كانت قد اتجهت للانفتاح على العالم، وكون تتارستان إحدى جمهوريات روسيا الاتحادية التي يسكنها الغالبية من المسلمين، فقد ارتأت القيادة الروسية أن تكون تتارستان هي بوابة روسيا إلى الشرق وبالذات العالم العربي والإسلامي. ومن العام 2002 بدأت عملي كأستاذ للغة العربية في جامعة قازان الفيدرالية وحتى اليوم.

 

2. كيف نشأت فكرة تأسيس مركز الثقافة العربية "الحضارة" بروسيا الاتحادية؟

في حقيقة الأمر، فكرة تأسيس مركز الثقافة العربية " الحضارة" جاءت نتيجة مزاولتنا تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها. وكان هناك ثلاثة من المعلمين العرب وهو أنا والدكتور تقي الدين الصمادي من الأردن وأمير الحاج من السودان، وحينها أسسنا المركز ونظمنا بعض الفعاليات، ولكن كان المركز لا يحمل الصفة القانونية حتى أتى يوم وحدثني الأكاديمي ميرزا محمودوف، وهو مشرفي على رسالة الدكتوراه، وهو شخصية كان لها وزن كبير في جمهورية تتارستان، وقال لي: "الرئيس استدعاني يوم أمس فذهبت إليه فطلب مني تأسيس مركز للثقافة العربية، وأنا كما ترى شخص مشغول جدًا ومتقدم في العمر، فإذا كانت لديك الرغبة والاستعداد لهذا العمل سأعطيه الموافقة وإذا لا ترغب فأنا سأعتذر له".

كان ردي بالموافقة وحدثته عن أن المركز هو موجود، ونحتاج فقط للصيغة القانونية، فتكلف بالمهمة ونظم اجتماعا رسميا للمجلس العلمي للمعهد التتاري الإقليمي، وتمت الموافقة من قبل المجلس على تأسيس المركز، وحصلنا حينها على مكتب وقاعات دراسية في مبنى المعهد، وبدأنا بتنظيم كورسات مسائية لتعليم اللغة العربية وتنظيم العديد من النشاطات الهادفة لنشر اللغة والثقافة العربية.

 

3.متى انطلقت أولى أنشطة المركز، وما طبيعتها؟

أنشطة المركز بدأت من العام 1999م، عندما ظهرت فكرة تأسيس المركز، وكانت متعلقة أساسًا بالترويج للغة العربية والثقافة العربية بين أوساط الشباب في جمهورية تتارستان، فقمنا بتنظيم أيام الثقافة العربية، والمسابقات الكبرى باللغة العربية والثقافة، وأقمنا بعض المعارض التي تبرز العالم العربي بصورته المشرقة عكس ما تروج لهه آلة الإعلام الغربية من مظهر سوداوي لثقافتنا وحضارتنا وحياتنا المعاصرة، ونظمنا بعض الحلقات النقاشية والمحاضرات والمؤتمرات.

 

4. ما هي الرسالة الأساسية التي يسعى المركز لإيصالها؟

الرسالة التي يسعى المركز لإصالها هي:

أ) تعزيز التنمية المستدامة وتوطيد التفاهم المتبادل والثقة والتعاون الشامل والصداقة بين شعوب روسيا والدول العربية؛

ب) تعريف شعوب جمهورية روسيا الاتحادية بتاريخ وتطور شعوبنا، وبالإنجازات التي تحققت في مجالات الثقافة والتعليم والرياضة والاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا.

ج) كسر الصورة النمطية التي يقدمها الإعلام الغربي عن الشعوب العربية على أنها شعوب متخلفة، إرهابية، غير قبلة للتغير أو التقدم.

 

5. هل ممكن أن تحدثنا عن شراكات وتعاون المركز مع مؤسسات وجامعات عربية وغير عربية؟

نعم، للمركز شراكات واسعة مع العديد من المؤسسات التعليمية والمراكز والفعاليات الثقافية، كان لدينا علاقات تعاون من العام 1997م، أي مع بوادر فكرة تأسيس المركز حتى عام 2010م مع جامعة تشرين في مدينة اللاذقية الجمهورية العربية السورية، وعلاقات تعاون مستمرة مع الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية بوزارة الخارجية لجمهورية مصر العربية منذ أكثر من 17 سنة، وعلاقات مع جامعة القاهرة ممثلة بكلية الدراسات العليا للتربية، ومع مهرجان أسوان لسينما المرأة. وهناك علاقات متميزة مع جامعة السلطان قابوس في عمان ممثلا بمكتب التعاون الدولي، وكلية الآداب، وعلاقات طويلة المدى مع جامعة عبد المالك السعدي ممثلة بكليتي الآداب والعلوم الإنسانية وكلية أصول الدين حتى الوقت الحاضر. وتربطنا علاقات مع أكاديمية إسطنبول للغات.

 

6. متى بدأت الشراكة بين مركز الثقافة العربية "الحضارة" وكلية أصول الدين بتطوان؟

من العام 2011م وحتى العام 2014م، كان طلابنا يتلقون دورات التطبيق الصيفية بمجال اللغة العربية والثقافة المغربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية. ومن العام 2015 حتى الوقت الحاضر يتلقى طلاب المركز هذه الدورات في كلية أصول الدين.

 

7. كم عدد الدورات التكوينية التي تم تنظيمها في إطار هذا التعاون الأكاديمي والثقافي النوعي؟

إذا لم تخني الذاكرة، فإن المركز بالتعاون مع جامعة عبد المالك السعدي قد نفذ 16 دورة تكوينية، إلى جانب دورات تبادل الخبرات بين المعلمين والإداريين، والمشاركة الفاعلة لأساتذة عبد المالك السعدي في المؤتمرات الدولية التي نظمت في مدينة قازان، والمشاركة السنوية في تحكيم المسابقة الدولية في اللغة العربية والثقافة التي ينظمها مركز

"الحضارة" بمشاركة مع معهد العلاقات الدولية والتاريخ والدراسات الشرقية والإسلامية في جامعة قازان الفيدرالية.

 

8. منذ انطلاق هذه الشراكة، كم بلغ عدد الطالبات والطلبة الذين استفادوا من برنامج الدورة التكوينية الصيفية حول اللغة العربية والثقافة المغربية بالمغرب؟

بالنسبة لعدد الطلاب المشاركين في تلك الدورات فقد بلغ 576 طالبا وطالبة و14 معلمًا ومعلمة.

 

9. ما هي الأهداف الأساسية التي تسعى هذه الدورة التكوينية الصيفية إلى تحقيقها، خاصة فيما يتعلق بتعليم اللغة العربية وتعريف الطالبات والطلبة من روسيا الاتحادية بالثقافة المغربية؟

1. تنمية المهارات اللغوية؛

2. تعميق المعرفة الثقافية المتعلقة بالشعب المغربي؛

3. الاندماج مع البيئة المغربية وفهم عاداتها وتقاليدها؛

4. تعزيز الفهم الحضاري والتاريخي للشعب المغربي؛

5. تشجيع التواصل بين الثقافات؛

6. تحفيز الرغبة في مواصلة تعلم اللغة العربية والمزيد من معرفة الثقافة المغربية؛

7. نقل ثقافة الشعوب الروسية ونشرها بين الشباب المغاربة لتعزيز أسس التواصل والتفاهم المتبادل.

 

10. أخيرا، ما الرسالة التي يسعى مركز الثقافة العربية "الحضارة" إلى نقلها عن المغرب من خلال تنظيم مثل هذه الدورات التكوينية؟

من خلال هذه الدورات، يهدف مركز الثقافة العربية " الحضارة" إلى تقديم صورة شاملة وحية عن المغرب، باعتباره بلدًا غنيًا بالتنوع الثقافي واللغوي والحضاري، يجمع بين الأصالة والانفتاح. و يسعى المركز إلى تعريف طلاب روسيا بعمق اللغة العربية كما تستعمل في المغرب، وبالخصوصيات اللغوية والثقافية التي تجعل الهوية المغربية مميزة، من فنون وتراث وعادات وتقاليد، إضافة إلى إبراز دور المغرب التاريخي كجسر للتواصل بين إفريقيا وأوروبا والعالم العربي. وبهذا يزرع المركز في أذهان المتعلمين صورة المغرب بلد التسامح والتعايش والحوار الحضاري.

 

حاوره: الطالب الباحث إلياس التاغي

منسق نادي اللغات والتواصل الحضاري

التابع لشعبة اللغات والثقافة والتواصل بكلية أصول الدين بتطوان.