Wednesday 23 July 2025
اقتصاد

مصطفى أوشن: في حاجة إلى خلق وكالة وطنية للأمن السيبراني لتحصين المؤسسات بالشركات ضد الاختراق

مصطفى أوشن: في حاجة إلى خلق وكالة وطنية للأمن السيبراني لتحصين المؤسسات بالشركات ضد الاختراق مصطفى أوشن، الخبير في الأمن السيبراني المغرب
يعتبر‭ ‬المغربي‭ ‬المصطفى‭ ‬أوشن،‭ ‬المقيم‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬مرجعاً‭ ‬معترفاً‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬لقد‭ ‬استطاع‭ ‬المصطفى‭ ‬أوشن‭ ‬أن‭ ‬يشق‭ ‬طريقاً‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬الابتكار‭ ‬التقني،‭ ‬والاستشارات‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬والتأثير‭ ‬العابر‭ ‬للحدود‭ ‬وإصدار‭ ‬ثمان‭ ‬كتب‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭.‬
يشغل‭ ‬حالياً‭ ‬منصب‭ ‬مدير‭ ‬الشبكات‭ ‬والأنظمة‭ ‬في‭ ‬أكاديمية‭ ‬كارلسباد‭ ‬بولاية‭ ‬كاليفورنيا،‭ ‬حيث‭ ‬يقود‭ ‬جهود‭ ‬تحديث‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬لشبكة‭ ‬تعليمية‭ ‬ذات‭ ‬طبيعة‭ ‬حساسة‭. ‬كما‭ ‬يدير‭ ‬شركته‭ ‬الاستشارية‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬Dark Raven Labs،‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬حلولاً‭ ‬مخصصة‭ ‬في‭ ‬تقييم‭ ‬الثغرات،‭ ‬والتحقيقات‭ ‬الرقمية،‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬السيبرانية‭ ‬لعملاء‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات‭.‬
في‭ ‬حوار‭ ‬مع‭ ‬جريدة‭ "‬أنفاس بريس‭"‬،‭ ‬يسلط‭ ‬أوشن‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬مساره‭ ‬المهني،‭ ‬رؤيته‭ ‬لمستقبل‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬وأفكاره‭ ‬حول‭ ‬تمكين‭ ‬الشركات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والكبيرة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬بيئة‭ ‬تهديدات‭ ‬رقمية‭ ‬متقلبة‭. ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬سبل‭ ‬مكافحة‭ ‬اختراق‭ ‬المؤسسات‭.‬
كما‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬توسيع‭ ‬مشاريعه‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة‭ ‬إلى‭ ‬بلده‭ ‬المغرب‭ ‬للمساهمة‭ ‬بجميع‭ ‬إمكانياته‭ ‬في‭ ‬الثورة‭ ‬الرقمية‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬المغرب
 
 
ما‭ ‬هي‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬واجهتها‭ ‬كمغربي‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬مسار‭ ‬مهني‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية؟
واجهت‭ ‬عوائق‭ ‬ثقافية،‭ ‬وشبكات‭ ‬علاقات‭ ‬محدودة،‭ ‬وأحياناً‭ ‬نظرة‭ ‬تقليل‭ ‬من‭ ‬القدرات‭. ‬لكنني‭ ‬استخدمت‭ ‬تلك‭ ‬التحديات‭ ‬كوقود‭ ‬للنجاح‭. ‬تعلمت،‭ ‬تأقلمت،‭ ‬واستمررت‭ ‬في‭ ‬التقدم‭. ‬تلك‭ ‬الرحلة‭ ‬علمتني‭ ‬أن‭ ‬أقود‭ ‬بتواضع‭ ‬وثقة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭.‬
 
ماذا‭ ‬يعني‭ ‬لك‭ ‬النجاح؟
النجاح‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬لا‭ ‬يُقاس‭ ‬بالمال‭ ‬أو‭ ‬الألقاب،‭ ‬بل‭ ‬بالتأثير‭. ‬إذا‭ ‬استطعت‭ ‬أن‭ ‬أجعل‭ ‬شخصاً‭ ‬يشعر‭ ‬بالأمان‭ ‬على‭ ‬الإنترنت،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬ألهم‭ ‬طالباً‭ ‬لتعلّم‭ ‬البرمجة،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬أقدّم‭ ‬دعماً‭ ‬لعائلة‭ ‬تضررت‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬أو‭ ‬الكوارث‭ ‬- فهذا‭ ‬هو‭ ‬النجاح‭ ‬الحقيقي‭ ‬في‭ ‬نظري‭.‬
 
كيف‭ ‬يمكن‭ ‬للمغرب‭ ‬تعزيز‭ ‬جاهزيته‭ ‬السيبرانية،‭ ‬خصوصاً‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬قطاع‭ ‬الأعمال؟
تعزيز‭ ‬الجاهزية‭ ‬السيبرانية‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬يبدأ‭ ‬أولاً‭ ‬بترسيخ‭ ‬ثقافة‭ ‬أمن‭ ‬معلومات‭ ‬حقيقية‭ ‬داخل‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬وليس‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بالحلول‭ ‬التقنية‭ ‬فقط‭. ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬استراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬تركّز‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬محاور‭ ‬أساسية:
التكوين‭ ‬المستمر‭ ‬وبناء‭ ‬الكفاءات:‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬جاهزية‭ ‬سيبرانية‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬موارد‭ ‬بشرية‭ ‬مؤهلة‭. ‬يجب‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬تدريب‭ ‬فرق‭ ‬تقنية‭ ‬داخل‭ ‬الشركات،‭ ‬وتأهيل‭ ‬الشباب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برامج‭ ‬معتمدة‭ ‬وموجهة‭ ‬لسوق‭ ‬العمل‭ ‬الفعلي‭.‬
إلزامية‭ ‬المعايير‭ ‬الأمنية:‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬إطاراً‭ ‬تنظيمياً‭ ‬واضحاً‭ ‬يلزم‭ ‬الشركات—سواء‭ ‬الصغيرة‭ ‬أو‭ ‬الكبرى—بتطبيق‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬معايير‭ ‬الحماية‭ ‬السيبرانية،‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بحماية‭ ‬بيانات‭ ‬الزبائن‭ ‬والبنية‭ ‬الرقمية‭.‬
تحفيز‭ ‬الابتكار‭ ‬والتعاون‭ ‬مع‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص:‭ ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬خلق‭ ‬حوافز‭ ‬ضريبية‭ ‬وتشجيعية‭ ‬للشركات‭ ‬التي‭ ‬تستثمر‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تشجيع‭ ‬شراكات‭ ‬بين‭ ‬الجامعات،‭ ‬والمقاولات،‭ ‬والمختبرات‭ ‬الرقمية‭ ‬لتطوير‭ ‬حلول‭ ‬مغربية‭ ‬موجهة‭ ‬للسياق‭ ‬المحلي‭.‬
إن‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬خياراً‭ ‬تقنياً،‭ ‬بل‭ ‬ضرورة‭ ‬استراتيجية‭ ‬لبقاء‭ ‬واستدامة‭ ‬الأعمال‭.‬وبناء‭ ‬بيئة‭ ‬رقمية‭ ‬آمنة‭ ‬هو‭ ‬أساس‭ ‬جذب‭ ‬الاستثمارات،‭ ‬وحماية‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬وخلق‭ ‬فرص‭ ‬شغل‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬المعرفة.‭
 
هل‭ ‬تفكر‭ ‬في‭ ‬توسيع‭ ‬أنشطتك‭ ‬بالمغرب‭ ‬أو‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا؟
نعم،‭ ‬وبشكل‭ ‬خاص‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شراكات‭ ‬تجارية‭ ‬وتنموية‭. ‬هناك‭ ‬إمكانات‭ ‬كبيرة‭ ‬غير‭ ‬مستغلة‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬الشركات‭ ‬المغربية‭ ‬على‭ ‬التوسع‭ ‬بشكل‭ ‬آمن‭. ‬سواء‭ ‬تعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالامتثال‭ ‬للمعايير‭ ‬الدولية‭ ‬أو‭ ‬بناء‭ ‬فرق‭ ‬استجابة‭ ‬للحوادث‭ ‬الرقمية،‭ ‬فأنا‭ ‬حريص‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬هذا‭ ‬النمو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاستشارات‭ ‬أو‭ ‬التحالفات‭ ‬الاستراتيجية‭.‬
كما‭ ‬أنني‭ ‬آمل‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬مدرسة‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬بالمغرب،‭ ‬لتدريب‭ ‬وتأهيل‭ ‬الشباب‭ ‬ومنحهم‭ ‬شهادات‭ ‬معتمدة‭ ‬تؤهلهم‭ ‬لدخول‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬بكفاءة‭. ‬رؤيتي‭ ‬تتجاوز‭ ‬التعليم‭ ‬النظري،‭ ‬إذ‭ ‬أطمح‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬شبكة‭ ‬تعاون‭ ‬مع‭ ‬شركات‭ ‬وطنية‭ ‬ودولية‭ ‬تتيح‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الطلاب‭ ‬فرصاً‭ ‬حقيقية‭ ‬للتدريب‭ ‬العملي‭ ‬والعمل‭ ‬المباشر‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬للهجرة‭ ‬أو‭ ‬المعاناة‭ ‬من‭ ‬البطالة‭.‬
الجميع‭ ‬يستحق‭ ‬فرصة،‭ ‬ونحن‭ ‬قادرون‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬هذه‭ ‬الفرصة‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬الوطن‭.‬
 
أنت‭ ‬غزير‭ ‬الإنتاج‭ ‬في‭ ‬إصدار‭ ‬الكتب‭ ‬حول‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭..‬إلى‭ ‬ماذا‭ ‬تهدف؟
أهدف‭ ‬إلى‭ ‬النشر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التأثير،‭ ‬وليس‭ ‬الربح‭ ‬فقط‭.‬
لقد‭ ‬ألّفت‭ ‬ثمانية‭ ‬كتب‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬اختبار‭ ‬الاختراق،‭ ‬والهجوم‭ ‬الأحمر‭ ‬(Red Teaming)،‭ ‬والاستجابة‭ ‬للحوادث‭ ‬السيبرانية‭.‬
لقد‭ ‬لاحظت‭ ‬وجود‭ ‬فجوة‭ ‬بين‭ ‬النظريات‭ ‬المتقدمة‭ ‬والتطبيق‭ ‬العملي‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭. ‬كتبي‭ ‬توفّر‭ ‬للمهنيين‭ ‬إرشادات‭ ‬عملية‭ ‬قابلة‭ ‬للتطبيق‭ ‬فوراً،‭ ‬سواء‭ ‬كانوا‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬أو‭ ‬التعليم‭ ‬أو‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الحيوية‭.‬
 
كيف‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬يُحوّل‭ ‬مشهد‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني؟
الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬يغيّر‭ ‬المشهد‭ ‬عبر‭ ‬جميع‭ ‬القطاعات‭. ‬الشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬الكشف‭ ‬التلقائي‭ ‬عن‭ ‬التهديدات‭ ‬وتحليل‭ ‬السلوكيات،‭ ‬بينما‭ ‬يستخدمه‭ ‬المهاجمون‭ ‬لتجاوز‭ ‬أنظمة‭ ‬الحماية‭ ‬التقليدية‭. ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬الدفاعي‭ ‬والهجومي‭ ‬تتقلص‭ ‬بسرعة،‭ ‬ولذا‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬المؤسسات‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬كليهما‭.‬
 
كيف‭ ‬يمكن‭ ‬للمغرب‭ ‬تعزيز‭ ‬جاهزيته‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني؟
من‭ ‬خلال‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬محاور‭ ‬أساسية:‭ ‬التعليم،‭ ‬والتشريعات،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭. ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬حملات‭ ‬توعية‭ ‬وطنية،‭ ‬وتدريب‭ ‬سيبراني‭ ‬في‭ ‬المدارس،‭ ‬ومعايير‭ ‬أمنية‭ ‬قابلة‭ ‬للتنفيذ‭. ‬وستكون‭ ‬الشراكات‭ ‬بين‭ ‬الحكومة،‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬والجامعات‭ ‬عنصراً‭ ‬أساسياً‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المعادلة‭.‬
 
ما‭ ‬الذي‭ ‬ينبغي‭ ‬للمدارس‭ ‬أن‭ ‬تفعله‭ ‬لتقديم‭ ‬مفاهيم‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬في‭ ‬مراحل‭ ‬مبكرة؟
البداية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عبر‭ ‬تعليم‭ ‬المواطنة‭ ‬الرقمية،‭ ‬ثم‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬مواضيع‭ ‬مثل‭ ‬سلامة‭ ‬كلمات‭ ‬المرور،‭ ‬وحماية‭ ‬البيانات‭ ‬الشخصية،‭ ‬وأسُس‭ ‬البرمجة‭. ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانوية،‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يبدأ‭ ‬الطلاب‭ ‬في‭ ‬تجربة‭ ‬مختبرات‭ ‬اختراق‭ ‬آمنة‭ ‬وفهم‭ ‬كيفية‭ ‬عمل‭ ‬الشبكات‭. ‬التعرض‭ ‬المبكر‭ ‬هو‭ ‬العامل‭ ‬الحاسم‭.‬
 
كيف‭ ‬أثّرت‭ ‬هويتك‭ ‬المغربية‭ ‬على‭ ‬مسيرتك‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة؟
علمتني‭ ‬المرونة‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬الصمود‭. ‬نشأتي‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬غرست‭ ‬فيّ‭ ‬احتراماً‭ ‬عميقاً‭ ‬للعلم‭ ‬وخدمة‭ ‬المجتمع‭. ‬هذا‭ ‬الإحساس‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬والعطاء‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬شكّل‭ ‬رؤيتي‭ ‬تجاه‭ ‬التعليم‭ ‬والأمن‭ ‬السيبراني‭.‬
 
يواجه‭ ‬المغرب‭ ‬موجة‭ ‬متصاعدة‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬السيبرانية‭. ‬هل‭ ‬ترى‭ ‬أنه‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬صدها؟
تمثل‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات‭ ‬تهديدًا‭ ‬للأمن‭ ‬القومي،‭ ‬والاستقرار‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وثقة‭ ‬المواطنين‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬المحرز‭ ‬في‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي،‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬المغرب‭ ‬يفتقر‭ ‬إلى‭ ‬إطار‭ ‬وطني‭ ‬شامل‭ ‬للأمن‭ ‬السيبراني‭. ‬
سأتناول‭ ‬المشهد‭ ‬الحالي‭ ‬للتهديدات،‭ ‬وأحدد‭ ‬الثغرات‭ ‬الرئيسية،‭ ‬وأقترح‭ ‬إجراءات‭ ‬استراتيجية‭ ‬لتعزيز‭ ‬مرونة‭ ‬المغرب‭ ‬السيبرانية‭.‬
في‭ ‬السياق‭ ‬العام،‭ ‬شهد‭ ‬القطاع‭ ‬الرقمي‭ ‬المغربي‭ ‬نموًا‭ ‬سريعًا‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الحكومة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬والمالية،‭ ‬والطاقة،‭ ‬والتعليم‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النمو‭ ‬تجاوز‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬وتطبيق‭ ‬السياسات‭ ‬الوقائية‭. ‬وقد‭ ‬أظهرت‭ ‬بعض‭ ‬الحوادث‭ ‬حديثة‭ ‬مثل‭ ‬هجمات‭ ‬الفدية‭ ‬(Ransomware)‭ ‬ضد‭ ‬الجماعات‭ ‬المحلية،‭ ‬وحملات‭ ‬التصيّد‭ ‬الإلكتروني‭ ‬(Phishing)‭‬التي‭ ‬استهدفت‭ ‬مستخدمي‭ ‬شركات‭ ‬الاتصالات،‭ ‬وتسريبات‭ ‬البيانات‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬التعليم،‭ ‬الحاجة‭ ‬المُلِحّة‭ ‬لاتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬سريعة‭.‬
وتبقى‭ ‬أبرز‭ ‬التهديدات‭ ‬السيبرانية‭ ‬هي‭ ‬التصيّد‭ ‬والهندسة‭ ‬الاجتماعية:‭ ‬رسائل‭ ‬احتيالية‭ ‬تستهدف‭ ‬المواطنين‭ ‬والموظفين‭ ‬العموميين‭.‬
هجمات‭ ‬الفدية:‭ ‬تشفير‭ ‬البيانات‭ ‬وطلب‭ ‬فدية‭ ‬مالية‭ ‬لفك‭ ‬التشفير‭.‬
الهجمات‭ ‬عبر‭ ‬الموردين‭ ‬المحليين:‭ ‬تسلل‭ ‬إلى‭ ‬الأنظمة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مزودين‭ ‬ضعفاء‭.‬
الأنظمة‭ ‬غير‭ ‬المحدّثة:‭ ‬استغلال‭ ‬الثغرات‭ ‬في‭ ‬المواقع‭ ‬والخوادم‭ ‬القديمة‭.‬
البرمجيات‭ ‬الخبيثة‭ ‬على‭ ‬الهواتف:‭ ‬تطبيقات‭ ‬مزيفة‭ ‬تسرق‭ ‬بيانات‭ ‬المستخدمين‭.‬
فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بنقاط‭ ‬الضعف‭ ‬الوطنية،‭ ‬فهي‭ ‬غياب‭ ‬هيئة‭ ‬مركزية‭ ‬أو‭ ‬مركز‭ ‬عمليات‭ ‬وطني‭ ‬للأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬معايير‭ ‬أمنية‭ ‬غير‭ ‬موحدة‭ ‬بين‭ ‬القطاعات‭ ‬الحساسة،‭ ‬ضعف‭ ‬التوعية‭ ‬العامة‭ ‬بممارسات‭ ‬الأمن‭ ‬الرقمي،‭ ‬غياب‭ ‬قوانين‭ ‬واضحة‭ ‬لإلزام‭ ‬الجهات‭ ‬بالإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬الاختراقات‭ ‬وضعف‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬الحكومة،‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬والجامعات‭.‬
ما‭ ‬أوصي‭ ‬به‭ ‬هو‭ ‬أولا‭ ‬وضع‭ ‬استراتيجية‭ ‬تهم‭ ‬إنشاء‭ ‬هيئة‭ ‬وطنية‭ ‬للأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬ككيان‭ ‬موحد‭ ‬لصياغة‭ ‬السياسات،‭ ‬مراقبة‭ ‬الامتثال،‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬القطاعات،‭ ‬والتعاون‭ ‬مع‭ ‬الشركاء‭ ‬الدوليين‭.‬
ثانيا‭ ‬فرض‭ ‬معايير‭ ‬وطنية‭ ‬للأمن‭ ‬السيبراني
ووضع‭ ‬معايير‭ ‬موحدة‭ ‬لجميع‭ ‬القطاعات‭ ‬الحيوية‭ ‬مثل‭ ‬الطاقة،‭ ‬والبنوك،‭ ‬والاتصالات،‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬المعايير‭ ‬الدولية‭ ‬(مثل‭ ‬NIST‬وISO 27001)‭.‬
ثالثا‭ ‬إطلاق‭ ‬حملة‭ ‬وطنية‭ ‬للتوعية‭ ‬بين‭ ‬المواطنين،‭ ‬والشركات‭ ‬الصغيرة،‭ ‬والموظفين‭ ‬الحكوميين‭ ‬عبر‭ ‬الإعلام،‭ ‬والمدارس،‭ ‬والمساجد،‭ ‬والمنصات‭ ‬الرقمية‭.‬
رابعا‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬التدريب‭ ‬وبناء‭ ‬القدرات
وتمويل‭ ‬المنح‭ ‬الدراسية،‭ ‬والمسابقات‭ ‬الأخلاقية‭ ‬في‭ ‬القرصنة،‭ ‬وبرامج‭ ‬جامعية‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭.‬
خامسا‭ ‬تعزيز‭ ‬الإطار‭ ‬القانوني‭ ‬والتنظيمي‭ ‬وتحديث‭ ‬القوانين‭ ‬الخاصة‭ ‬بالجريمة‭ ‬السيبرانية،‭ ‬حماية‭ ‬البيانات،‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬الحوادث‭ ‬وتشجيع‭ ‬الشفافية‭ ‬وتبادل‭ ‬المعلومات‭.‬
سادسا‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬والانضمام‭ ‬إلى‭ ‬مبادرات‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي،‭ ‬الإنتربول،‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لتعزيز‭ ‬تبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬وبناء‭ ‬القدرات‭.‬
هناك‭ ‬أيضا‭ ‬جانب‭ ‬الوقاية‭ ‬بتقييم‭ ‬المخاطر‭ ‬قبل‭ ‬التعاقد‭ ‬مع‭ ‬الموردين‭ ‬واستخدام‭ ‬بروتوكولات‭ ‬نقل‭ ‬آمن‭ ‬(SFTP) وفرض‭ ‬معايير‭ ‬النظافة‭ ‬الرقمية (ISO 27001)،‭ ‬فحص‭ ‬دوري‭ ‬للثغرات
وتوجيهات‭ ‬لتأمين‭ ‬أنظمة‭ ‬إدارة‭ ‬المحتوى‭ ‬(CMS)،‭ ‬التحديث‭ ‬التلقائي‭ ‬للأنظمة‭ ‬ومراجعة‭ ‬الأرقام‭ ‬السرية‭.‬
تعليم‭ ‬الأمن‭ ‬الرقمي‭ ‬في‭ ‬المدارس‭.‬
 
المؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬معرضة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرها‭ ‬للاختراق،‭ ‬كيف‭ ‬يمكنها‭ ‬مواجهة‭ ‬ذلك؟‭ ‬
يتم‭ ‬اختراق‭ ‬البيانات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سرقة‭ ‬بيانات‭ ‬العملاء‭ ‬مثل‭ ‬الأسماء،‭ ‬أرقام‭ ‬الهوية،‭ ‬الحسابات‭ ‬البنكية‭ ‬وبطاقات‭ ‬الائتمان،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬سرقة‭ ‬الهوية‭ ‬والاحتيال‭ ‬المالي‭. ‬يتم‭ ‬أيضا‭ ‬تعطيل‭ ‬أنظمة‭ ‬الدفع‭ ‬بحيث‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬الهجمات‭ ‬على‭ ‬أنظمة‭ ‬البنوك‭ ‬الأساسية‭ ‬(مثل‭ ‬شبكة SWIFT،‭ ‬أو‭ ‬تطبيقات‭ ‬الهاتف‭ ‬المحمول،‭ ‬أو‭ ‬الصرافات‭ ‬الآلية)‭ ‬إلى‭ ‬توقف‭ ‬المعاملات‭ ‬وتعطل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الحسابات‭.‬
‭‬هناك‭ ‬أيضا‭ ‬التلاعب‭ ‬بسوق‭ ‬البورصة‭ ‬أو‭ ‬تعطيله،‭ ‬بحيث‭ ‬قد‭ ‬يتسبب‭ ‬الهجوم‭ ‬في‭ ‬فوضى‭ ‬اقتصادية،‭ ‬إذا‭ ‬استهدف‭ ‬أنظمة‭ ‬التداول‭ ‬أو‭ ‬البورصات‭ ‬عبر‭ ‬هجمات‭ ‬DDoS‭ ‬أو‭ ‬تلاعب‭ ‬في‭ ‬البيانات‭. ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الاختراقات‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ذعر‭ ‬مصرفي‭ ‬وفقدان‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬لثقة‭ ‬المستخدمين‭ ‬في‭ ‬التعاملات‭ ‬الرقمية‭.‬
أما‭ ‬سبل‭ ‬الوقاية‭ ‬أو‭ ‬المواجهة‭ ‬المقترحة،‭  ‬فهي‭ ‬تشفير‭ ‬كامل‭ ‬لكافة‭ ‬المعاملات‭ ‬المالية‭. ‬ومركز‭ ‬عمليات‭ ‬أمنية‭ ‬(SOC)‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة
بتدقيقات‭ ‬أمنية‭ ‬منتظمة‭ ‬واختبارات‭ ‬اختراق‭. ‬أيضا‭ ‬اعتماد‭ ‬التحقق‭ ‬بخطوتين‭ ‬(2FA)‭ ‬للعملاء‭ ‬والموظفين‭. ‬ثم‭ ‬سنّ‭ ‬قوانين‭ ‬وطنية‭ ‬تُلزم‭ ‬بالإبلاغ‭ ‬الفوري‭ ‬عن‭ ‬الحوادث‭ ‬السيبرانية‭ ‬والتعامل‭ ‬معها‭.‬
 
هل‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬المواهب‭ ‬المغربية‭ ‬غير‭ ‬ممثلة‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬العالمي؟‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬تغيير‭ ‬ذلك؟
نعم،‭ ‬لكن‭ ‬الأمور‭ ‬بدأت‭ ‬تتغيّر‭. ‬المحترفون‭ ‬المغاربة‭ ‬يملكون‭ ‬الذكاء‭ ‬والطموح—ما‭ ‬ينقصنا‭ ‬هو‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المنصات‭ ‬العالمية،‭ ‬والتوجيه‭ ‬المهني،‭ ‬والموارد‭. ‬أشجّع‭ ‬الشباب‭ ‬المغربي‭ ‬على‭ ‬التفكير‭ ‬بعقلية‭ ‬عالمية‭ ‬واستغلال‭ ‬الفرص‭ ‬الرقمية‭ ‬لإثبات‭ ‬قدراتهم‭.‬
 
ما‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬تود‭ ‬توجيهها‭ ‬لصنّاع‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬بشأن‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني؟
الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أولوية‭ ‬وطنية—جزءاً‭ ‬من‭ ‬التعليم،‭ ‬ومن‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الحكومية،‭ ‬ومن‭ ‬ريادة‭ ‬الأعمال‭. ‬المغرب‭ ‬قادر‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬رائداً‭ ‬إقليمياً‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬إذا‭ ‬استثمرنا‭ ‬بشكل‭ ‬استراتيجي‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الآمنة،‭ ‬ونشر‭ ‬الوعي،‭ ‬والتكامل‭ ‬بين‭ ‬القطاع‭ ‬الأكاديمي‭ ‬والصناعي‭.‬
 
ما‭ ‬هي‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬تودّ‭ ‬توجيهها‭ ‬إلى‭ ‬الشباب‭ ‬المغربي‭ ‬الطموح؟
لا‭ ‬تنتظر‭ ‬الفرصة—اصنعها‭ ‬بنفسك‭. ‬تعلّم‭ ‬كل‭ ‬يوم‭. ‬كن‭ ‬أخلاقياً‭. ‬اسأل‭ ‬ولا‭ ‬تخف‭ ‬من‭ ‬الخطأ‭. ‬وتذكّر‭ ‬دائماً:‭ ‬خلفيتك‭ ‬ليست‭ ‬عائقاً،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬مصدر‭ ‬قوّتك‭. ‬استخدمها‭ ‬لتضيف‭ ‬رؤيتك‭ ‬الفريدة‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تبنيه‭.‬
 
بعض إصدارات الخبير في الأمن السيبراني مصطفى أوشن