فلما كانت جميع الدراسات والمؤشرات تشير إلى أن هذه المنطقة مهددة بشح المياه في الفرشة المائية،
أين كان المسؤول؟
ولماذا انتظر حتى حلت الكارثة؟
وأين الحلول الاستعجالية؟
التخبط والارتجالية من أهم السمات البارزة في تدبير هذا الملف، فاللجوء إلى حل المشكلة بمشكلة أكبر منها، ربما هو خير دليل على قصور النظر في تدبير الأزمات الطارئة، مما يبيّن تدني المستوى في اتخاذ القرار الصائب. كل هذا سببه الزبونية، والتعيينات المشبوهة، وتكليف من لا دراية له بناءً على "باك صاحبي"، وتهميش الكفاءات.
أزمة الماء بمدينة قلعة السراغنة هي أزمة تدبير وتسيير، أزمة غياب الفعالية والرؤية الاستباقية. فحوض أم الربيع أُعلن منذ مدة أنه من بين الأحواض الثلاثة التي ستعرف شحاً في فرشتها المائية، ومخزونها يتناقص سنة بعد أخرى، وهذا أمر غير خافٍ على المسؤول المحلي ولا الجهوي.
غياب الاهتمام الجدي، والبعد عن الانشغالات الجوهرية للمواطن في المنطقة، وقلة حيلة من أُسند لهم الأمر، هي أسباب معاناة المواطن السرغيني.
جلّ المسؤولين لم يهتموا بالأمر، فقد كانوا منشغلين بتنمية ثرواتهم ومشاريعهم، حتى صاروا من أغنى أغنياء المنطقة، يتسابقون على الكراسي متناسين ما تعيشه الساكنة وما يتهددها من مآسٍ.
فالمسؤولية تكليف، وليست كذبًا وتزييفًا وفرملة لقطار التنمية ووضع العراقيل في طريقه.
الجهود التي تُبذل على الصعيد المركزي والتخطيط للدفع بعجلة التنمية لا تجد من يلتقطها أو آذانًا صاغية على الصعيد الجهوي، إلا التفكير في صرف الميزانيات بالكيفية التي يعلمها من يهمهم الأمر فقط.
الدراسات المنجزة من طرف المصالح المختصة نبّهت إلى أن هذه المنطقة كانت مدرجة ضمن المناطق المهددة بندرة المياه، فلا عذر لمن يتحجج ويريد أن يختبئ وراء سنة جافة أو ظرف طارئ أو قوة قاهرة، ولا حجة لمن يريد أن يربط مسؤوليته بالمدة القصيرة التي قضاها في المنصب.
تدبير الشأن العام هو استمرارية ترتبط بالمؤسسات لا بالأشخاص، فالشخص زائل، والمرافق العمومية دائمة ومستمرّة. فليتحمل كل واحد مسؤوليته، أو ليفسح المجال لمن هو أهل له، وكفى من اعتلاء صهوة المناصب من أجل الفونتازيا...