Tuesday 20 May 2025
كتاب الرأي

محمد عزيز الوكيلي: سَبْق إخباري.. ولكن حُمولتَهُ متوقَّعَة!!

محمد عزيز الوكيلي: سَبْق إخباري.. ولكن حُمولتَهُ متوقَّعَة!! محمد عزيز الوكيلي
قبل ساعات، نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" ذائعة الصيت، خبرا مُزلزِلاً، مفاده أن هجوم "طوفان الأقصى" الذي ارتكبته حماس ضد الحدود الغزّاوية/الإسرائيلية يوم سابع أكتوبر المشؤوم، لم يكن عملية فدائية، ولا هجمة مدروسةً ومحسوبة العواقب، كما ينبغي ان تكون أي عملية من ذلك النوع، وخاصةً عندما يتم شنّها ضد جيوشٍ بالغةٍ أقصى درجات الاحترافية، كالجيش الإسرائيلي، الذي لم يستطع عرب المشرق أن ينالوا منه مجتمعين، ولا ان يزعزعوا معنوياته، رغم كل ما نُظِمَ من القصائد عن حرب أكتوبر 1973, التي يمكن القول إنها مجرد مباراة منتهية بالتعادل، لأنها بالكاد سجلت اختراقا عربيا لخط بارلييف، الشبيه بجدارنا الصحراوي الرملي، وإن كان هذا الأخير أفضل منه حداثةً وهندسةً وتجهيزاً وتسليحاً وتأميناً !!

كنت أقول، إن هجمة "طوفان الأقصى" تلك، كما جاء في ذلك السبق الصحفي، لم تكن شيئا آخر، غير كونها عملية مدبرة بين المخابرات الإيرانية وقيادات حماس، لإفساد المسار الذي كانت تتّخذه المفاوضاتُ الثلاثية السرية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، والتي كانت ستُفضي إلى نتيجتين حتميتين، جدليتين بكل معنى الكلمة، تتمثل أولاهما في إقامة أنوية أولى للتلاقي والاتصال والتفاهم بين السعودية وإسرائيل، وتقوم ثانيتهما على اعتراف أمريكي إسرائيلي بدولة فلسطين، طبقا لمشروع الدولتين، الذي ينبغي أن لا ننسى أو نتناسى أنه مشروع سعوديُّ المنشأ والمصدر... هذا على حد قول "صحيفة الوول ستريت"!!

وبطبيعة الحال، فإيران ليس أخطر عليها من مثل هذا التقارب بالذات، لأن عدوتها اللذوذة، المملكة العربية السعودية، تُشكّل أحد أطرافه الفاعلين، وبطبيعة الحال أيضاً، فمَن قال السعودية فإنه يقول بتحصيل الحاصل دول مجلس التعاون الخليجي برمته، وهو الإطار المشتمل على نحو ربع ثروات العالم قاطبة، وهذا وحده كاف ليقض مضاجع عجزة القصر الجمهوري الفارسي، وكهنته الحاقدين الحقد كله على بلاد الحرمين، فضلا عن خشيتهم من فك عقدة القضية الفلسطسنية بينما هم، ومعهم كل أذرعهم المسلحة من حماس والقسام و:النصرة و"حزب اللات"، دأبوا على المتاجرة بها، وعلى المزايدة باسمها على دول المنطقة وشعوبها، التي أبانت بعفوية وبحسن نية أنها فلسطينية أكثر من الفلسطينيين أنفسهم!!

ها قد انفضح الأمر للمرة الألف، بعد أن عَلِم الخاص والعام بأن "طوفان الأقصى" لم يكن في حقيقة أمره سوى لعبة جبانة وساقطة وخِسّيسة، من ألاعيب النظام الإيراني، لم تُثمر سوى هلاك زهاء مليون فلسطيني، بين القتلى والجرحى والمعطوبين والمشردين والمُيَتّمين، فضلا عما كرّسته من خراب ستحتاج غزة إلى أكثر من خمس عشرة سنة لإزالة أطلاله وبقاياه فحسب، فما بالنا بما ستحتاج إليه عمليات إعادة الإعمار، التي ستأخذ هي الأخرى مظروفاً زمنياً لن يَقِلّ عن العقد أو العقدين، ومظاريف مالية فلكية، لابد ان تنتهي إلى جلب استعمار من نوع آخر غير مسبوق إلى المنطقة برمتها، مما سيجعل الفلسطينيين غرباء في ديارهم، بعد أن تصبح الديار غير الديار، والوطن غير الوطن!!

الآن، فقط، يمكننا أن نفهم كيف أن شرذمة قليلة وهيّنةً من بيادق إيران في غزة، أقصد مقاتلي حماس، استطاعت أن تخترق الحدود، وتتوغل داخل التراب الإسرائيلي، دون أن تلقى في طريقها قواتٍ مسلحةً، ولا دَرَكاً، ولا حتى عسَساً من العسس المدنيين أو الاحتياطيين... وكيف أنّ تلك الشرذمة استطاعت أن تأخذ معها عشرات الرهائن من العبرانيين، رغم أننا، والعالم كله من حولنا، نشاهد على مدار أيام السنة صُوَر وفيديوهات شباب إسرائيل، وخاصةً فتياتها الحسناوات، وجميعهم يتمنطقون أحدث البنادق الأوتوماتيكية والرشاشة... فكيف غاب كل هؤلاء عن تلك الهجمة المدبَّرة وكيف سقك بعضهم في حِبالها، إن لم يكونوا على علم مُسْبَقٍ بوقوعها، وإن لم يتلقَّوْا بشكل مُسْبَقٍ أيضا أوامرَ صارمةً بالتنحِّي جانباً إلى أن تتم الهجمة بلا مُعيقات، فتكون بمثابة المبرر الجاهز والمنشود لما تلاها من التخريب والتدمير والتقتيل!!

الواقع أنني لأجل هذا كنت دائما أقول إن "طوفان الأقصى" كان مدبَّراً بعناية، وقد أكّدَتْ ذلك ما تَلَتْه من الأحداث بما فيها مسرحية قتل إساعيل هنية؛ وبَعده نصر اللات، وبعدهما السنوار، وفي ذلك كله تتجلى بصمات الإرانيين الجبناء الرعاديد... وبالتالي فما جاءت به صحيفة "وول ستريت جورنال" ليس سوى تحصيل حاصل !!

نهايته، لقد أعجبني هذا الافتضاح الجديد لألاعيب عجزة بلاد فارس ومكائدهم المؤبدة، وكذلك أعجبتني سقطات بيادقهم في براثن العار والفضيحة، لأن ذلك أعتبره شخصياً أمثلَ وأفضلَ رد على عُبّاد الكوفية المغاربة، أمثال غالي، وويحمان، وغربان العدل والإحسان، وها قد انضافت إليهم الظاهرة الصوتية بنكيران... والبقية آتية لا محالة...

عجبي!!!
 
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي متقاعد