لطالما سمعنا عن معركة هرمجدون، ذلك الصراع النهائي بين قوى الخير، والشر ،الذي أشارت إليه الروايات الدينية والأسطورية، غير أنها أصبحت رمزا لصدامات كبرى تهدد استقرار العالم حاليا.
ففي سياق هذا الواقع المتقلب، يشهد العالم حراكا شعبيا واسعا يعكس مواجهة مستمرة بين الأنظمة السياسية والاقتصادية، بينما تجد الشعوب نفسها مجرد وقود لهذه الصراعات دون أن تكون طرفا فاعلا في صياغة مستقبلها.
إذا توقفنا قليلا لنلاحظ المشهد دون الغوص في التحليلات المعقدة، سنجد أن الاحتجاجات والانتفاضات في تزايد مستمر، ترفع شعارات الحرية، والعدالة في مواجهة الفساد والاستبداد، والتفاوت الاجتماعي. هذه الحركات ليست مجرد ردود فعل معزولة، بل هي انعكاس لصراع أوسع يتجاوز الحدود الوطنية، حيث تتشابك المصالح الكبرى، وتصنع أزمات يبدو أنها تمهد لصدام عالمي أكبر.
ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية، خاصة بين القوى العظمى، باتت فكرة الصراع الحتمي أقرب إلى الواقع، خصوصا مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وامتداد تداعياتها إلى بقية أوروبا، مما يفتح الباب أمام تطورات غير متوقعة قد تعيد رسم خريطة القوى العالمية.
في هذا السياق، لا يمكن للمغرب، كدولة ذات موقع استراتيجي، أن تبقى بمنأى عن هذه التحولات العميقة.
فالتوترات الدولية، وانعكاساتها الاقتصادية والأمنية، تضع البلاد أمام تحديات كبرى، بدءا من أزمة الطاقة والتضخم، وصولا إلى إعادة ترتيب التحالفات الدولية. إن تصاعد التوتر بين روسيا وأوروبا، والتجاذبات بين القوى الكبرى، قد يعيد تشكيل النظام العالمي بطريقة غير مسبوقة، مما سيؤثر على الدول المتوسطة والنامية التي ستجد نفسها مجبرة على إعادة تحديد مواقعها في المشهد الدولي.
في ظل هذا الواقع غير المنطقي، يبقى التساؤل قائما: هل نحن أمام تغيير جذري يعيد تشكيل العالم وفق رؤية جديدة، أم أننا نقترب من لحظة انفجار عشوائي تتحكم فيها الفوضى والتلقائية؟ يبدو أن البشرية تخوض صراعا متعدد الأوجه، حيث تختلط الحروب العسكرية بالمعارك الاقتصادية، والصدامات الأيديولوجية بالتحولات الاجتماعية، مما يجعل المستقبل أكثر ضبابية من أي وقت مضى.