الثلاثاء 30 إبريل 2024
سياسة

هل يكفي أن يرد فقط وزير الأوقاف على تدليس بنحمزة بشأن الفوائد البنكية؟!

هل يكفي أن يرد فقط وزير الأوقاف على تدليس بنحمزة بشأن الفوائد البنكية؟! أحمد توفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ومصطفى بنحمزة
لا زالت خرجات الأستاذ مصطفى بنحمزة وبالصفة الدينية الرسمية، في مواقع التواصل الإجتماعي، تثير كثيرا من الجدل والنقاش العمومي. حيث سنقف هذه المرة على رؤية بنحمزة للمال التي تفتقد إلى منهجية "السبر والتقسيم"، حسب أصول الفقه، وحسب تحليل السرديات.

1- من ذلك ما قاله حينما سئل، هل يتعامل مع البنوك في إطار السلف ؟ فأجاب بأن "الناس إذا رأت الفقيه يتعامل بالفوائد البنكية لا يتعاملون معه، لأن الربا معروف". واستمر قائلا :"هل تشك في أن الفوائد البنكية سببت أزمة في بعض الدول الأوربية، وفي أمريكا الناس طردوا من بيوتهم، لأن البنوك ليس فيها رحمة. وحينما جاءت الفرصة لأخذ القروض بدون فوائد الناس أخذت، وأنا بدوري أخذت من البنوك التشاركية".

هكذا إذن تكلم  بنحمزة بلا تحفظ، وهو يتكلم من موقع حمل الصفة الرسمية، دون أن يعنيه ما يمكن أن يسبب تدليس كلامه، في أزمة للأبناك المغربية، حيث يمكن أن تمتنع شريحة واسعة من وضع ودائعها المالية بالأبناك التقليدية، خاصة في ظل الوضعية الحالية للأبناك المسكونة بهاجس توفير السيولة المالية اللازمة .

تسيب بنحمزة هذا، على خلفية النهج الأصولي في خلق الأزمات والانتعاش منها، دفع بوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، إلى الوقوف في وجه مسعى هذا المخطط، بعد يومين من تصريح  بنحمزة، وفي حضرة أمير المؤمنين، من خلال درس حسني، بقوله: "إن بعض المتكلمين في الدين، قد أحرجوا ضمير المسلمين بالقول: إن الربا هو الفائدة على القرض بأي قدر كانت "، فثارت ثائرة بعض طائفة بنحمزة الإديولوجية، واتهموا وزير الأوقاف بالتجاسر على المجلس العلمي الأعلى. 

ومن جهة أخرى انتصر بعض العلماء المغاربة لوزير الأوقاف، منهم الفقيه المقاصدي عبد الرزاق ورقية بتدوينته:" لا إجماع على مناط الربوية في الفلوس قديما، فبالأحرى الأوراق المالية في عصرنا، وقاعدة للزمن حظه من الثمن هي المعتمدة في جميع الأبناك "، مقتديا بما قاله مفتي جمهورية مصر الشيخ علي جمعة بشأن الفوائد البنكية.

2- ومما أثار الجدل أيضا، تصريح مصطفى بنحمزة بأنه أخذ قرضا من البنوك التشاركية، فشكك كثير من الناس في صحة ذلك، واعتبروا قوله دعاية لهذه الأبناك ، خاصة وأن أهل الشرق يعلمون أنه إحتضن "أمنية بنك " بوجدة، ووهب له مقرا في وسط المدينة، تعود ملكيته للجمعية الخيرية التي يترأسها بنحمزة .

لقد اعتبر الكثير  ذلك، مجرد دعاية،لأن بنحمزة في نظرهم، لا يحتاج إلى قروض بنكية كيفما كان نوعها، لأنه يعتبر من المستثمرين الكبار بالعقار، وبمدارس التعليم الخصوصي -رغم أنه ينصح أبناء الكادحين بالدخول للتعليم العتيق  - وبالمصحات الخاصة. وأبناؤه يستثمرون في القاعات الرياضية والمسابح الإسلامية الراقية، والمطاعم الفاخرة بالدار البيضاء.  وكل هذا معلوم عند الكبير والصغير بالجهة الشرقية.

ولأن شخص بنحمزة  "متمول" ،فإنه يصرح في كل خرجاته عن المدونة بقوله :"المال ديالي، أنا نجمعو وأنت تفرقو، إياك ما يحسب ليك أن هذا مال الدولة ، هذا مال ديالي ، وتدخل بيني وبين ولدي ما تسلكش ".

ما معنى ما تسلكش في لغة بنحمزة؟ ومن يقصد بهذا التهديد؟، هل الدولة أم ماذا؟، وماذا في استطاعته أن يفعل؟. كيفما كان الحال، هذه لغة الفتنة ولغة التحريض والحرب، وليس لغة الحكمة والموعظة الحسنة على نهج العلماء والدعاة الربانيين. ونخشى من عواقبها على أمن البلاد ومؤسساته،  أدام الله حفظها وعزها.

لكن بنحمزة في حمأة صولاته،نسي أن المال الذي يصفه ب "ديالي"، هو حسب رؤية الإسلام للمال، ترجع ملكيته الحقيقية لله تعالى، وأن الإنسان مجرد مستخلف فيه. ومن حق الأمة أن تعيد توزيعه حسب المصلحة التي تضمن كرامة الإنسان. وبهذا يكون بنحمزة أبعد ما يكون، في عقليته العقارية الاستثمارية، التي تجاوزت الليبرالية المتوحشة، حتى في إرادة دفن موتى أهل وجدة، على الطريقة الوهابية، ضدا على إرادتهم، وعلى تاريخ البلاد، -هو أبعد ما يكون- عن روح الإسلام ومقاصده السامية السمحة.

وبالجملة، فأهل الشرق يرجعون كثرة خرجات بنحمزة المستفزة للدولة بالخصوص، إلى خلفية الابتزاز،حتى لا يتم افتحاص شبهات خزائن قارون التي يتربع عليها. أو ليكتسب على الأقل صورة الرجل الذي لا يخشى لومة لائم  لدى الرأي العام، في حالة ترتيب المتعين على تلك الشبهات. وهو ما تمهد له من الآن طائفته الإديولوجية، من عناوين التمجيد المصاحبة لخرجاته.

ويبقى الأجمل في هذا البلد الأمين، أن المجتمع من خلال تعبيراته الحية ، في يقظة تصديه لمخطط حرب الإخوان والوهابية والشيعة، على وحدته المذهبية، إنما يدافع عن قيمه وخصوصيته المعتدلة والمنفتحة على المشترك الإنساني، مصداقا لقوله(ص):"لا يزال أهل المغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة.."!