الأحد 28 إبريل 2024
في الصميم

من وحي ملف "إيسكوبار".. التطهير هو الحل!

من وحي ملف "إيسكوبار".. التطهير هو الحل! عبد الرحيم أريري
إلى حدود اليوم هناك 24 برلمانيا مغربيا أدين قضائيا أو محل متابعة قضائية، أي ما يمثل حوالي 5% من مجموع "ممثلي الأمة" بقبة البرلمان المغربي!
 
حتى في الإكواتور (دولة العصابات)، وفي كولومبيا، (مملكة الكوكايين)، وفي جنوب إفريقيا (قلعة التمزق الإثني والعرقي والعنصري)، لا نجد هذا العدد الضخم من تورط البرلمانيين في الفساد أو اختلاس المال العام أو تهريب المخدرات، مما يقتضي من عقلاء البلد إجراء وقفة لتقييم "الخيار الديمقراطي المغربي". إذ لا "خيار ديمقراطي" بدون ديمقراطيين. ولا "خيار ديمقراطي" بمنتخبين فاسدين وأحزاب ترعى المهربين والمختلسين وآكلي المال العام.
 
أما إذا أضفنا إلى هذا المعطى الدامي، معطى آخر، يتمحور حول وجود حوالي 250 مسؤولا جماعيا (رؤساء ونواب رؤساء)، محط مساءلة قضائية ومتابعة، فسنصاب بصدمة، لأن الأمر يهم 16% من الجماعات الترابية للمغرب.
 
كيف للمرء أن يطمئن لمستقبل بلده وهو يرى 5% من البرلمانيين متورطين حتى أخمص القدمين في الفساد؟

كيف للمواطن أن يطمئن لتدبير شؤونه اليومية في الحي أو المدينة التي يسكن فيها، وهو يعاين كيف "يتجرجر"مسؤولو 16% من الجماعات المحلية بالمغرب في المحاكم والملاحقات القانونية؟!
 
هل العيب في الدولة التي "تساهلت" مع ترشيح هذه السلالة المتعفنة في الانتخابات؟ أم العيب في الأحزاب التي تحولت أغلبها إلى وعاء سهل الاختراق من طرف الفاسدين ومحترفي نهش لحم الشعب؟ أم اللوم يتحمله الناخب العازف عن المشاركة، أو يتحمل اللوم ذاك الناخب الذي باع مصيره بـ "زرقلاف"؟! أم اللوم يقع على هلامية وهشاشة المعمار المؤسساتي الرقابي بالمغرب؟!
 
أيا كان الجواب، فالمعطى مؤلم وقاس. ومن العار أن المغرب المصنف في أسوأ مؤشرات التنمية على المستوى الأممي منذ عقود ( تعليم، صحة، دخل فردي، وفيات الأطفال، بنية تحتية، إلخ...)، يضيف اليوم إلى سجله مؤشرا آخر قاتما، ألا وهو :" مؤشر العقم في إفراز نخب وطنية صادقة"، ذات جينات "كاميكازية" انشغالها الأساسي هو أن"تنتحر" لتجويد عيش المغاربة وخلق الثروة بالبلاد والرفع من الناتج الداخلي الخام، ولاتحتكم هذه النخب الصادقة، إلا للقانون والتدافع المشروع لخدمة المصلحة العامة.
 
في عالم هندسة المياه، وحينما تتعرض محطة المياه الشروب لتلوث خطير بسبب حادث طبيعي أو إجرامي، يعمد المهندسون إلى تدخل استعجالي يتجلى في القيام بتطهير المحطة (assainir)، لعودة الأمور إلى سابق طهارتها (rétablir le bon fonctionnement de la station)، لتأمين تزويد السكان  بالماء النقي والصافي. 
 
تأسيسا على هذا المثال، على العقل العام للدولة أن يحذو حذو المهندسين لتطهير الحقل السياسي والإداري والحزبي بالمغرب من كل الخونة وناهبي المال العام، ومن"السلالات الملوثة (بفتح الواو) والملوثة (بكسر الواو)، لتأمين تزويد المغاربة بمسؤولين "أخيار" و"صافيين"، شغلهم الشاغل هو التخطيط واليقظة لمواجهة أعداء الخارج الذين يحوكون المؤامرات ضد وحدتنا الترابية من جهة، والتخطيط والتعبئة لتلحيم الجبهة الداخلية عبر محاربة الفقر والجهل والبطالة وضمان التوزيع العادل للثروة بين المجالات الترابية من جهة ثانية.