في جميع كورنيشات العالم.. لا تحلو نسائم بحره إلاّ مع غروب الشمس حتى وقت متأخر من الليل.. هي عادة كل مصطافي المدن الساحلية وزوّراها من مختلف الفئات والأعمار.. حتّى أنك تجد داخل هذه المدن لجن مؤسساتية تشتغل طيلة الفصول الثلاثة من أجل الصيف وعلى جميع المستويات و الأصعدة لما يحمل من رواج اقتصادي بأبعاد اجتماعية ثقافية ذات الصلة بالمدينة نفسها كجزء من إشعاع الوطن..
وقد لا تخرج بعد المدن المغربية في الشرق كما في الشمال عن هذه الدينامية التسويقية بأبعادها التنموية والترفيهية بالرغم من محدودية إمكانياتها المادية واللوجستيكية كشاطئ السعيدية ومارتيل وواد لاو والجديدة والصويرة.. وكلها شواطئ تحوّلت عبر الجماعات الحضرية إلى منتجع يجمع بين نسائم البحر بفقرات التنشيط المتنوعة والمناسبة لمختلف الأعمار والأذواق..
أمّا الإنارة والنظافة ومختلف الخدمات الحضرية الأخرى فهي تحصيل حاصل.. بل يكاد المرء يلاحظ هذا الفرق الشائع بين مفهوم الجدّية بجانب الكفاءة وحسّ المسؤولية عند البعض هناك.. اذا استطاعوا من خلال هذه القناعة ان يحولوا بعض نقائص الطبيعة إلى نقط قوة.. وبين جماعة أكادير التي استطاعت بفعل الإهمال واللامسؤولية ونقص في الكفاءة أن يجعلوا من بين جمل كورنيشات العالم أسوأ مكان بالمدينة..
وإذ كانت عادة أغلبية أبناء المدينة قليلة النزول إلى كورنيش( توادا) فإن اول زيارة له خلال هذه الفترة الصيفية نهاراً كما في الليل سيصطدم بهذه الفوضى التي عمت ساحل البحر يجعل الزائر تحت سلطة محتلي الشاطئ عبر استنبات المظلات الشمسية والإجبار على كرائها.. مباشرة بعد سلطة محتلي البارگينغ ومواقف السيارات بمختلف دروب وازقة المؤدية إلى الشاطئ.. دون أن نعرف مدى صحة وجودة هذه المطاعم المتنقلة بين المصطافين ذهابا وإياباً..
لكننا نعرف غياب الجماعة الحضرية في هذه اللحظة لكونها ما زالت في سكرات ونشوة نجاح تظاهرة بوجلود الدولي.. ذاك النجاح الذي يشفع لها - أي الجماعة الحضرية - ان تترك أغلبية الدروب الموصلة لكورنيش توادا مظلمة بشكل كامل في بعض المناطق أوجزئي وخافت في مناطق أخرى ...
هذا النجاح الوهمي يشفع لها أيضا ان تترك بعض المقاهي بهذا الكورنيش تحيط واجهتها بازارات ولحاف وبشكل عشوائي بئيس تعطى الانطباع لأي زائر انك بموسم مولى ابراهيم.. خاصة وانت تمر أمام إزعاج موسيقى صاخب.. إلى جانبه تقرأ لوحة إشهارية لإحدى المطاعم تخبر المارة بعدم تقديمها للخمر وكان باقي المقاهي الأخرى تقوم بذلك وهذا ما يتعارض مع قوانين البلد دون أن تجد اي تدخل للمصالح للبلدية والولائية ذات الصلة..
هي معطيات وأخرى تجعلك تستبعد كل البعد إمكانية خلق برنامج تنشيط لزوار للمدينة وضيوفها الذين يقضون عطلتهم هنا بين الشمس صباحا والظلام ليلا.. وبينهما ابتزاز واستغلال بمختلف الخدمات المطلوبة.. ما دام بعض من سقط بهم السقف نحو المسؤولية خارج التغطية بشكل كلّي ..
أما أبناء المدينة فكل الفصول هي متشابهة منذ أن اختبأ ذوو القرار بوسط المملكة وراء مشروع التهيئة الحضرية لأكادير باعتباره مشروعا ملكيا...
ناسين أن الملك قد نبّه هؤلاء المسؤولين الترابيين حد التوبيخ :
فيما يلي مقتطف من نص خطاب الملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى الثامنة عشرة لتربعه على العرش" فعندما تكون النتائج إيجابية، تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون، إلى الواجهة، للاستفادة سياسيا وإعلاميا، من المكاسب المحققة..أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الاختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع كل الأمور إليه..".
لقد ساءت الأمور بمدينتنا حد أننا صرنا نطالب فقط خروجنا من الظلام... غير ذلك سراب يحسبه أصحاب السرب ماءً.