عبر المغرب عن رفضه لتصريحات معادية له كان قد أدلى بها نائب رئيس المفوضية الأوروبية المكلف بالهجرة مارغريتيس شيناس، مفادها أن لمدينتي سبتة ومليلية حدودا إسبانية وأوروبية، مع الدعوة لحمايتهما.
وأكدت الرباط في رسالة موجهة إلى الاتحاد الأوروبي أن المدينتين مغربيتان.
وزعم مارغريتيس شيناس، الذي عُرف بمهاجمته للمغرب في مناسبات سابقة، في مداخلته خلال فعاليات القمة الأوروبية لوزراء الخارجية في بروكسيل أن “المغرب يستغل ورقة المهاجرين سياسيا”.
وأشار نائب رئيس المفوضية الأوروبية المكلف بالهجرة إلى أن “هذا الاستغلال حدث في البداية في الحدود اليونانية التركية، (نهر إيفروس) في عام 2020، وبعد بضعة أشهر في مدينتي سبتة ومليلية الإسبانيتين في شمال أفريقيا”.
وأبلغ المغرب في مذكرة احتجاجية، وجهتها وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج إلى سفارة الاتحاد الأوروبي بالرباط، “الرفض القاطع لتصريحات المسؤول الأوروبي مارغريتيس شيناس”.
وأرفقت الرباط المذكرة بملحق فصلت فيه “التصريحات العدائية الرئيسية لمارغريتيس شيناس حول المملكة ومدينتي سبتة ومليلية المغربيتين منذ مايو 2021”.
وأوضحت أنها “أعربت مرارا وتكرارا، وعبر قنوات مختلفة، عن رفض تصريحات مماثلة سابقة لنائب رئيس المفوضية”، داعية إلى “إنهائها بشكل قاطع للحفاظ على هدوء التعاون مع الاتحاد الأوروبي”.
كما أدانت الرباط حديث شيناس عن “استخدام المعاناة الإنسانية للمهاجرين كحجج في العمليات السياسية لإلحاق الأذى بالاتحاد الأوروبي”.
وأكد محمد الطيار الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية أنه “على الرغم من أن قضية الصحراء المغربية تشكل أولوية للسياسة الخارجية للمغرب منذ عقود، إلا أن ذلك لم يمنع الرباط من المطالبة باسترجاع مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، رغم مناورات إسبانيا المتصاعدة خاصة في السنوات الأخيرة وتكريس احتلالها للثغرين، مستغلة التركيبة الحالية للبرلمان الأوروبي، وخوف أوروبا من تسرب المهاجرين من الثغرين، فضلا عن انكباب المغرب الكامل على فضّ النزاع المفتعل في أقاليمه الصحراوية من طرف النظام الجزائري”.
وأوضح لـ”العرب” أن “تصريحات نائب رئيس المفوضية المكلف بالهجرة، المعادية للمغرب، تندرج في الإطار الذي يتناغم مع المساعي التي تقوم بها إسبانيا بمختلف مكوناتها، وبمساندة بعض الأحزاب والأطياف الأوروبية، لتكريس احتلالها لأراض مغربية، رغم إدراكها أن النظام الدولي لا يقر بسيادتها على المدينتين”.
وأضاف الطيار أن “المغرب وجه عدة مذكرات للمنظمة الأوروبية وإلى الأمم المتحدة تبين بوضوح أنه يرفض رفضا قاطعا كل محاولة تهدف لتكريس احتلال المدينتين بتوظيف ملف الهجرة غير النظامية أو فرض الأمر الواقع باستغلال انشغاله بملف قضية الصحراء المغربية، غير أن الاتحاد الأوروبي ورغم نهج الحوار الذي يعتمده المغرب في طرح قضية المدينتين وقضية الهجرة، كثف من اتخاذ مواقف معادية وقرارات مساندة للاستعمار الإسباني للمدينتين واستمراره في تمويل بنية تحية ومشاريع اقتصادية بالثغرين المحتلين، وهو ما شجع بعض مسؤولي هياكله على إصدار مثل هذه التصريحات المعادية لحق المغرب الكامل في بسط سيادته على كامل ترابه الوطني”.
وكانت وزارة الداخلية المغربية قد أكدت في رسالة إلى الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي أن “المغرب ليست له حدود برية مع إسبانيا”، وبدورها عادت الخارجية المغربية إلى تصريحات سابقة للمسؤول الأوروبي، سواء داخل منتدى أوروبي في إشبيلية، أو في حوارات مع وسائل إعلام إسبانية وأوروبية، منتقدة تكراره بأن سبتة ومليلية تمثلان “الحدود الإسبانية والأوروبية”.
واستخدم شيناس مفردات معادية للمملكة، حسب رسالة وزارة الخارجية، على غرار “أوروبا لن يتم ترهيبها”، وحينها صرح لإذاعة إسبانية عن وجود “محاولات من طرف دول أجنبية لتوظيف الهجرة كأداة”.
وتابع “لا أحد يستطيع ابتزاز الاتحاد الأوروبي، نحن أقوياء ولا يمكن أن نكون ضحايا لتلك التكتيكات غير المقبولة في أوروبا اليوم”، مضيفا “ما يحدث ليس مشكلة مدريد وحدها لكنها مشكلة الجميع”.
وأكد النعم ميارة رئيس مجلس المستشارين والقيادي البارز في حزب الاستقلال المشارك في الحكومة في أبريل الماضي أن “حزب الاستقلال يؤمن بأنه سيأتي يوم سيسترجع فيه المغرب مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، ليس بالسلاح ولكن بالحوار والمفاوضات الجادة مع الجارة إسبانيا”.
وتأتي تصريحات المسؤول الأوروبي في سياق تطور العلاقات بين البلدين، مع الدعم الإسباني لمغربية الصحراء ومقترح الحكم الذاتي، إضافة إلى زخم التعاون بينهما في مجالات حيوية، مثل مكافحة الإرهاب والتصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية.
ونتيجة التعاون المغربي – الإسباني في مجال الهجرة، سجّلت وزارة الداخلية الإسبانية تراجعا ملحوظا في عدد المهاجرين غير النظاميين الوافدين على مدينتي سبتة ومليلية، عن طريق البر في الفترة الممتدة من 1 يناير إلى 15 مايو للسنة الحالية، بنسبة تقارب 74 في المئة.
وعكس ما ردده شيناس في مسألة الهجرة أرجع مسؤولون إسبان هذه الأرقام إلى تعزيز التعاون مع المغرب في مراقبة الحدود، وذلك تفعيلا لمضامين الاتفاق الثنائي المبرم خلال الدورة الثانية عشرة للاجتماع رفيع المستوى بين المغرب وإسبانيا المنعقد في بداية فبراير الماضي بالرباط.
عن: العرب