السبت 27 إبريل 2024
مجتمع

ندوة بمكناس تسلط الضوء على الأدوار الدينية والسياسية والحضارية للمدارس المرينية

ندوة بمكناس تسلط الضوء على الأدوار الدينية والسياسية والحضارية للمدارس المرينية جانب من اللقاء
قال محمد البركة، أستاذ التاريخ في ندوة حول المدارس المرينية نظمتها المديرية الإقليمية للثقافة بمكناس بفضاء المكتبة الوسائطية بالمركب الثقافي محمد المنوني بتاريخ 13 ماي 2023 بمناسبة شهر التراث إن المدارس المرينية لا ينبغي أن ينظر إليها من الجانب الوظيفي فقط أي الجانب التعليمي، مشيرا بأن هذا الجانب لا ينفي باقي الأبعاد الأخرى ( البعد الفكري، البعد السياسي ) من خلال إعداد النخبة وتأهيلها اقتداء بالدولة الموحدية أو انطلاقا من المشروع المريني الذي كان يحتاج إلى بناء شرعية انطلاقا من احتضانه للفقهاء والصلحاء وللشرفاء.

وأكد البركة أن النظرة الى المدارس المرينية باعتبارها ذلك الوعاء الذي يؤدي أداء وظيفيا بل هي أكثر من ذلك، فهي من حيث موضعها وتعددها أو تفردها أو من حيث وحداتها أو من حيث الجانب الجمالي الذي يعد غنيا بها، وهو الأمر الذي يتطلب نظرة شمولية تحتاج الى تخصصات متعددة وليس تخصصا واحدا، ولا تحتاج إلى الارتكان الى النص التاريخي بل من الضروري اختبار النص التاريخي وخاصة أن النموذج لازال حاضرا، وأن المدارس لازالت معاينة.

وفيما يتعلق بالمدارس المرينية بمكناس، شدد البركة على أهمية عدم فصل الحديث عنها عن الدولة المرينية بفاس، ففاس كانت العاصمة بالمقابل كانت مكناس الوصيفة أي دولة الوزارة، وموقعها السياسي الاعتباري هذا – يوضح البركة – جعلها تحتضن ثاني مدرسة مرينية في مجموع المدارس المرينية بالمغرب، فبعدما أسس أبو يعقوب يوسف مدرسة الحلفاويين بفاس سنة 675 هجرية، بدأ الحديث عن بناء مدرسة بمكناس تسمى مدرسة الشهود كما كانت تسمى بمدرسة القاضي والمدرسة الفيلالية .

وأشار البركة أن مدرسة الشهود تميزت بالبساطة رغم تعدد الوحدات ( قاعات، غرف، صحن، قاعة للصلاة..) لكنها لم تكن بذاك الجمال والزخرفة التي تميزت بها المدرسة الجديدة ( المدرسة العنانية ) مما جعلها بمثابة تحفة فنية والتي تعكس سياق مرحلة ناضجة زاخرة غنية بالنسبة للدولة المرينية، على عكس ما سيكون عليه الأمر بالنسبة لمدرسة العدول ( تسمى كذلك بمدرسة سيدي عبد الله بن أحمد أو سوق الخضارين) التي جاءت في مرحلة ضعف الدولة المرينية، وهو الضعف الذي انعكس على طبيعة المدارس.

ولاحظ البركة أن كل المدارس المرينية بمكناس كلها تتحلق حول المسجد الجامع، والغريب في الأمر بحسب البركة هو أن أول مدرسة تقع في شرق المسجد بين آخر مدرسة تقع في غرب المسجد، وكأن الأولى كناية عن شروق الدولة بينما التالية كناية عن غروب الدولة، فمدرسة العدول تقع في غرب المسجد الجامع ( الجامع الكبير ) وهي آخر ما بناه بنو مرين واهتموا به حتى أنها اندثرت لدرجة جعلت مؤرخ المدينة ابن غازي لا يعرفها ولم يعرض لذكرها على خلاف من كان قبله وهو لسان الدين بن الخطيب الذي تحدث عن المدارس الثلاث .

كما وقف البركة على وجود ممرات بين المدارس وبين أبواب المسجد والتي تضمنتها بعد الحوالات الحبوسية، وقد أشارت بعض الحوالات الحبسية الى وجود أوقاف خاصة بتنظيف هذه الممرات، لضمان خروج الطالب من المدرسة بعد وضوئه الى المسجد في ظروف جد نظيفة، وهو ما يؤكد أن الدولة المرينية لم يكن اهتمامها بالمدارس أمرا ثانويا، حيث أسست الدولة المرينية المدارس في 14 مدينة ( تلمسان، مكناس، فاس، سلا، الرباط، سجلماسة، مراكش، القصر الكبير، آسفي، أنفا..) حتى أن عددها تجاوز 42 مدرسة، وهو ما يعد مشروعا ضخما، لكنها اهتمت بها بشكل أكبر في فاس لأن الأمر يتعلق بعاصمة الدولة، كما أن بناء المدارس يعد فرصة لاحتواء المعارضين الذين كانوا داخل هذا الفضاء وخاصة بمدينة فاس، وهو ما يؤكد – حسب البركة - توظيفها في الجانب السياسي .
 
المدرسة البوعنانية بفاس