كيف تطور نموذج الجمال الأنثوي عبر السنين؟ وهل مفهوم الجمال الأنثوي متحول أم ثابت؟ وكيف تصنع مواقع الموضة والشاشة، في وقتنا الراهن، معايير الجمال عند المرأة؟، وكيف تتغير معايير الجمال من شعب لآخر ؟. أسئلة وأخرى طرحتها حلقة جديدة من حلقات البرنامج التلفزي "على مرمى خبر"، الذي تعده وتقدمه الزميلة سناء العاجي على شاشة M24.
وللنقاش والتحليل استضافت القناة في هذه الحلقة الكاتب والفيلسوف موليم العروسي، حيث سيشير في مقدمة البرنامج إلى الفرق بين الجمال الفني والجمال الطبيعي، فجمال الإنسان يدخل في خانة الجمال الطبيعي، وهذا الأخير له بعد انتربولوجي وتاريخي كبير، وهو ليس بالتابث، وبذلك فمهوم الجمال الطبيعي عند الإنسان متحول جغرافيا وتاريخيا ومكانيا، وقد يخضع للثقافة والتقاليد والعادات، فكل ما نراه في مجتمعنا نحن في الأنثى جميلا قد يبدو قبيحا في مجتمع آخر.
وأشار العروسي ردا على ما إذا حطّمت السوشيل ميديا معايير الجمال المثالي، أشار العروسي أن الجمال الأنثوي على مدار العصور ارتبط بجوانب متعدّدة من حياة الإنسان وبيئته. فإذا رصدنا واقعنا الراهن، سنجد أنّ الثورة الهائلة في مجال وسائل التواصل، للمد الجارف للتيك التوك الذي يحمل فكرا وذوقا صينيين، قد بدأ بنشر معاييره الصينية حتى في الجمال، بل أصبح النموذج المحتدى به في بلدان أخرى، وقد يصبح غدا هو النموذج المثالي، في عصر أضحى النموذج الغربي هو المسيطر، وغزا العالم وهيمن على باقي الثقافات الأخرى، فمثال النموذج التركي في هذا الصدد، قد يصبح معيارا مهيمنا للعرب، من خلال ما يبث على الشاشة، من جمال امرأة التركية وجمال الرجل التركي، ولنمط العيش، داخل الفضاءات المغلقة، وفي العمل، وفي الفضاءات الخارجية، وطريقة الاستهلاك للأشياء، فالسوشيل ميديا لها هذه القوة الثقافية الرهيبة، لكي تُحدث اليوم تحوّلاً لافتاً في معايير هذا الجمال. وكأنّ ما صاغته العقود السابقة من علاقة وثيقة بين جمال المرأة وجسدها المثالي، صار منتهياً الصلاحية.
ونحن أمام عصر دكتاتورية مقاييس الجمال، أصبحت الموضة هي التي تصنع لنا معيار هذا الجمال النسائي، بدل أن تصنع المرأة الموضة. واعتبر العروسي أن الموضة لن تتوقف منذ ظهورها عن الاصطدام بالمعايير الجمالية والأخلاقية والدينية للمجتمعات، فما شهدته أوروبا منذ قرون خلت، حيث كانت ملابس النساء الأوروبيات ملابس محتشمة، أصبح اليوم متجاوزا وقبيحا، ويحمل معايير أخرى، أيضا وسائل التواصل والانترنت وغيرها، أصبحت تفرض على المتلقي هذه المعايير الجديدة، أكثر بحرية وانطلاق أرحب، وهنا الإشارة إلى قوة الثقافة في هذا الصدد، وهنا أيضا الجانب الاستهلاكي والاستغلالي للجسد البشري، خاصة لدى المرأة. وأشار العروسي أن العملية برمتها تتجاوز عيادات التجميل إلى تدخل وسائل أخرى محفزة على الاستهلاك، من ملابس وسيارات وغذاء ونمط عيش..
وعليه ما تأثير السينما والفن ومواقع التواصل على تصورنا للجمال ولأجساد النساء؟، وهل يمكن اليوم الإفلات من شروط التقييم الجديدة لأجساد النساء وجمالهن، حسب التصورات المجتمعية السائدة وحسب شروط مواقع التواصل وعيادات التجميل؟، ألا يمكن أن نعطي للمرأة الحق في أن تكون بمعاييرها هي، وليس بمعايير السوشيل ميديا؟. أسئلة وأخرى ناقشتها سناء العاجي مع الكاتب والفيلسوف موليم العروسي في هذا الفيديو..