الجمعة 19 إبريل 2024
جالية

هذه تفاصيل استعداد مغاربة اسبانيا لاستقبال شهر رمضان

هذه تفاصيل استعداد مغاربة اسبانيا لاستقبال شهر رمضان يشكل شهر رمضان في إسبانيا مناسبة لأفراد الجاليات المسلمة المقيمة بهذا البلد لدعم وتعزيز قيم التسامح والتضامن والعيش المشترك في بلد الاستقبال
يستعد مغاربة اسبانيا لاستقبال شهر رمضان بدء من شهر شعبان، إذ يكتسي الشهر الفضيل خصوصية لديهم تجسدها منظومة متكاملة من العادات والتقاليد، تعكس تقديسهم لهذا الشهر، وتجندهم لتأثيثه بممارسات ذات طابع تعبدي وسلوكي واجتماعي، ورغم البعد عن الوطن فاستعداد الأسر المغربية لاستقبال رمضان لا يختلف عما دأبوا عليه في المغرب.
أبدى سعيد فرحه للاهتمام باستعدادات المسلمين لرمضان في هذا البلد الأوروبي، موضحا كيف أن رمضان بالنسبة للمسلمين في اسبانيا فرصة موسمية ذات جوانب متعددة، فهي برأيه مناسبة خاصة بالمسلمين تبرز ما يختصون به عن غيرهم من صيام شهر كامل، مع بروز قوة التكافل الاجتماعي لدى المغاربة، بشكل يلفت نظر غير المسلمين ويثير إعجابهم.
وعلل الفاعل الجمعوي بمدينة بوركوس (شمال اسبانيا) استعداد المغاربة لاستقبال رمضان في شهر شعبان، بكونه " باب للوفاء بعهود المؤمنين مع الله من صلاة وطاعات، فتبدأ عملية اعداد المساجد وتنظيف الجدران والأرضيات ووضع آخر اللمسات والترتيبات ".
وبلغة العارفين يضيف سعيد "هذه الأيام المميزة بروحانيتها وطقوسها الاستثنائية، ننتظرها بشوق كبير، فرمضان يملؤنا بوافر الإحسان والزهد والترفع والتعبد، فكيف لا نستعد له من شهر شعبان ".
أحمد شاب مغربي في العقد الثالث، جاء إلى اسبانيا منذ سبع سنوات، خبر أجواء هذا البلد الإيبيري الذي يقطنه مليوني مسلم ونيف، يقول " بدأت رحلتي من الجنوب الاسباني واشتغلت بمختلف الضيعات الفلاحية، هناك قبل أن استقر بمدينة بيلباو، وعن أجواء التي تسبق رمضان، يرى أنها روحانية داخل الأسر المغربية منذ حلول شعبان، حيث يقوم البعض بصوم أيام من هذا الشهر نظرا لفضلها الكبير استعدادا لرمضان "، مستطردا "هي عادة مغربية يتقاسمها مغاربة اسبانيا سواء كان في الشمال أو الجنوب ".
ومن أهم الملاحظات التي تسأتر بالاهتمام يقول أحمد : "هو الاقبال الكبير للشباب المغربي على الصلوات بالمساجد ، عادة حميدة تدخل البهجة في النفس ، وتؤكد على أن المغاربة يحافظون على دين آبائهم وأجادهم " .
في السياق ذاته ، تعتقد فاطمة أن المناسبة تستحق هذا الاستقبال والتهليل ، ففيه تستحضر الأسرة أهمية الشهر الفضيل وما يعززه من قيم إيجابية ، ترسم ذكريات جميلة للحظات حلوة لها مذاقها الخاص .
وتعترف هذه الخمسينية بوجود فرق كبير بين الاستعداد لرمضان في المغرب ، عنه في بلد الإقامة قائلة :" رمضان في المغرب ماكاينش بحالو" وتستحضر كيف كانت " تجتمع كل نسوة العائلة في شهر شعبان ، للتعاون على تحضير حلوى الشباكية التي لا تخلو منها المائدة المغربية طوال شهر رمضان ، في أجواء من الفرح والزغاريد وبمشاركة الصغار أيضا ".
وفي الوقت الذي تمنع فيه ظروف الغربة فاطمة من تحضير بعض الحلويات ذات النكهة الرمضانية بمعية مختلف مكونات الأسرة الكبيرة ، فإنها عوضت هذا التقليد باستدعاء جاراتها المغربيات اللواتي يقطن بالقرب منها بمدينة " بلد الوليد "، ليتعاون على صنع بعض الأطباق والحلويات الخاصة بهذا الشهر الفضيل .
" الاعداد لرمضان له طقوسه المميزة " بهذه الكلمات لخصت رشيدة -العاملة بإحدى معامل مدينة "سانتاندير" - ، رأيها عن المناسبة .
تملك رشيدة محلا تجاريا ، ومع اقتراب رمضان ، تتفنن في عرض الحلويات والرغائف المتنوعة، وصنوف الحلويات التي تعدها منزليا قبل أن تعرضها للبيع.
تشرح رشيدة كيف أن إقبال المهاجرين المغاربة والعرب عامة يتزايد على اقتناء أنواع الحلويات والمأكولات الخفيفة إلى جانب الشهيوات الأخرى التي تتفنن في طرحها للعموم خلال شهر رمضان، غير أن " السفوف " وحلوى " الشباكية "، كمكونين رئيسيين لا غنى عنهما في المائدة الرمضانية، لهم زبناء من النوع الخاص الذين يطلبون الطلبية في منتصف شعبان " تعلق رشيدة .
وترى السيدة نعيمة أن " الصائم بعد نهار طويل من الصبر وتربية النفس يحتاج إلى مكافأة مجزية من الأطايب وقت الإفطار، فتتفنن سيدة المنزل بتحضير ما لذ وطاب، لذا عليها أن تحضر أولا قائمة باحتياجات مطبخها، وتتسوق بذكاء قبل حلول الشهر الفضيل، بعد أن تقوم بعملية جرد لما تحتويه ثلاجتها وخزائن المؤونة .
تقول نعيمة "عند اقتراب شهر رمضان المبارك، نشتري كل ما نحتاجه، وحتى إن لم تسعفنا الذاكرة في تذكر أحد المكونات، فإن مكالمة واحدة الى المغرب كفيلة بأن تجعلنا نتذكر"، وتضيف " أقصد الميركادو(السوق ) وأبتاع المكونات التي أحتاجها لإعداد الشباكية من زنجلان ، لوز ، قرفة ، وعسل ..، " ونفس الشيء لـ " سلُّو"، أقوم بتحضير "القْوامْ"، وأحتفظ به في مكان جاف حتى يحافظ على طراوته ومذاقه ..
مائدة الحسين، تضم كل الشهيوات المغربية، ويتوسطها " طاجين الحوت "، فهو مواضب على اقتناء الأسماك بشكل يومي طيلة شهر رمضان، وتقوم زوجته بتهيئتها وطبخها وتقديمها للأسرة كل يوم ، مرفوقة بكؤوس الشاي المنعنع .." يقول الحسين " الشهيوات نهيئها حسب الطلب اليومي لأفراد السرة ، كالمسمن والبغرير والبريوات ورزة القاضي .."
يعمل الحسين "سودور" بإحدى الشركات في مدينة " فيتوريا "، ويبذل قصارى جهده وفقا للإمكانيات المتاحة له ، ليمر شهر رمضان الكريم في ظل ظروف تساعده على تحقيق مقاصده وأداء فرائضه على أكمل وجه ، يقول في هذا الصدد " في المغرب الجو العام يساعدك على الصوم ، لأن النظامَ اليومي يتغير خلال رمضان، وبالتالي حتى نظام العمل والمدارس يتغير، أما هنا ، فساعات العمل والدوام المدرسي تبقى كما هي وعليك أن تتابع حياتك وفق النظام اليومي المعتاد ، مما قد يجعل الصوم ووقت الإفطار صعبا لمن يشتغل ساعات طويلة أو بدوام مختلف كل يوم ".
حسب عمر ، يبدو الوضع في اسبانيا مختلفا ، فيما يتعلق بوفرة المنتجات الغذائية المستعملة بكثرة في شهر رمضان ، وكذلك الجودة ، " فكل شيء أصبح متوفرا هنا في المحلات التجارية المغربية "، وهو ما يتيح للمهاجرين المغاربة إمكانية الحفاظ على عاداتهم الغذائية التي ألفوها في المغرب ، مؤكدا أن التفاصيل " التحضيرية " في مختلف بيوت المغاربة هي التي تضفي الروحانية والسكينة مع مايرافقها من أجواء الفرح لدى الصغار والكبار ، أما الأسواق و المحلات التجارية في اسبانيا فتوفر جميع أشكال الأطعمة التي يمتاز بها هذا الشهر الكريم من 'ملوي' و' شباكية ' وجميع أنواع الخبز والحلويات المغربية وأصناف التمور المتعددة ".
إلى ذلك ، لا يمكن اختزال الأجواء ، التي تسبق شهر رمضان ، والتي تعكس تمسك الأسر المغربية بالتقاليد الأصيلة ، في الجانب المتعلق بالطهي ، على الرغم من أن الأسرة توليه اهتماما كبيرا، إذ يسعى المغاربة المقيمون بإسبانيا إلى إضفاء طابع خاص على هذا الشهر الفضيل من خلال حرصهم على أداء الشعائر الدينية من صيام و صلاة و قيام، وتشجيع أبنائهم على أدائها، و احترام خاص بأدائهم للصلوات جماعة بالمساجد و المراكز الإسلامية .
و تعمل العديد من جمعيات المجتمع المدني على تحضير برامج دينية و ثقافية متنوعة لمواكبة هذا الشهر الفضيل ، و ذلك بغية خلق أجواء روحانية مليئة بالإيمان و الخشوع حيث محاضرات للعديد من الأئمة لشرح المضامين السامية لصوم شهر رمضان الكريم ، كما تحرص العديد من الجمعيات على تنظيم إفطارات جماعية و مساعدة الأسر المهاجرة المعوزة على تحمل مصاريف هذا الشهر الفضيل ، وتكتظ جنبات المساجد بالمصلين خلال صلاة العشاء والتراويح ، وتشتهر أسماء بعض المساجد دون غيرها إما لدور المسجد أو لسيرة الإمام الذي يؤم المصلين ، ومن بين هذه المساجد التي يتوافد عليها المصلين بكثرة في مدينة بوركوس "مسجد السنة "بمنطقة كامونال .
جانب آخر يقدمه هذا المسجد، وهو العمل الخيري والاحساني ، فهو وجهة لكل المغاربة الذين لم يسووا بعد وضعيتهم القانونية ، ومسلمون من جنسيات مختلفة ، حيث يحصلون يوميا على وجبة الافطار مجانا طيلة رمضان.

بوبركوس : م - ش