الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

الصديق معنينو: «الثقب الأسود»

الصديق معنينو: «الثقب الأسود» الصديق معنينو

ماذا يجري في منطقة الشرق الأوسط؟ وما هي أسباب الخلافات الحادة بين بعض دول الخليج وبينها ومصر؟ فجأة ظهرت على صفحات وسائل التواصل مواجهات عنيفة فيها سب وقذف ووعد ووعيد... فما أسباب هذا التشنج وما هي خلفياته؟

نهاية عهد

انعقد في المرة الأخيرة، في الإمارات العربية المتحدة مؤتمر قمة ضمّ قادة بعض دول الخليج ومصر والأردن... ما أثار الانتباه هو غياب السعودية مما دفع الملاحظين إلى القول «هناك تدهور في العلاقات بين دول المنطقة».... ما أن انتهت القمة حتى صرح وزير المالية السعودي«إن زمن الإعانات والهبات والودائع قد انتهى...» وقال أحد المقربين من القيادة السعودية.. «مصر قبل 1952 كانت أكثر إنتاجا» ومعنى ذلك أن الثورة من عبد الناصر إلى السيسي غير منتجة.. وقال آخر... «مصر لم تغادر عباءة العكسر الذي يسيطر على كل مفاصل الدولة...» وطالب برلماني كويتي... «علينا أن نمنع كل مساعدة أو هبة بل نُطالب باستعادة الديون والأموال المودعة...».

مدينة فرعونية

يقول أحد الخبراء... «قدمت دول الخليج، خلال العشر سنوات الماضية، أي منذ الإطاحة بالإخوان، أكثر من تسعين مليار دولار دعماً لمصر لمواجهة مشاكلها المالية...» ويضيف آخر... «هذه المساعدات لم يتم استغلالها بما يعود بالنفع على الاقتصاد المصري.... جزء استخدمته الرئاسة المصرية لبناء عاصمة جديدة بمصاريف باهضة بلغت أربعين مليار دولار.... جزء تصرّف فيه الجيش... وجزء ثالث اختفى نهائيا»... وكتب ثالث.. "هناك فرامل تحول دون التنمية والرفاه منها الإدارة المصرية المتخلفة والدولة العميقة المحافظة والنهب المبرمج» هذه العوامل جعلت المساعدات الحاتمية لدول الخليج تذهب أدراج الرياح".

الرياض أولا

يقول السعوديون... «إن بلادنا في حاجة إلى أموالنا - وعلينا أن نغير من سياستنا ونهيء المملكة للمستقبل..» وفي منافسة قوية مع الإمارات، يُسارع ولي العهد لإعداد الرياض لاحتلال المركز الأول باستقطاب أكبر الشركات، من بينها تلك التي استقرت في دبي وأبو ظبي... وقال السعوديون... "ابتداء من السنة القادمة كل شركة غير مستقرة في الرياض، والتي ستتحول إلى أكبر سوق مالي في المنطقة، لن تستفيد من إنجاز المشاريع الضخمة التي تستعد لها المملكة..".

الخضوع لله

تيقن المصريون أن السعودية لم تعد على استعداد لتقديم مساعدات مالية... وأنها لن تستجيب لوصية صندوق النقد الدولي بضخ أربعة عشر مليار دولار في خزينة القاهرة... بل وجهت التهمة لمصر بعدم الجدية ومطالبتها بإبعاد الجيش بل وصلت بعض الأصوات إلى المطالبة بإسقاط النظام.... انتفض المصريون لما اعتبروه تحديا ورددوا... «مصر لا تخضع إلا لله»... بل هاجم مدير صحيفة يومية «عرب الخليج»... ووصفهم بأنهم «حفاة عراة"...

رهائن الجيش

وتقول صحيفة الإيكونوميست البريطانية... «يتولى الجيش في مصر مسؤوليات اقتصادية ومالية تجعله يُسيطر على حوالي نصف الاقتصاد المصري... للجيش معامل ومصانع وفنادق وشركات تصدير وتوريث وأخرى للنقل والخدمات وما إلى ذلك... هذا الاستحواذ يجعل من الجيش منافسا رئيسيا، وغير طبيعي لكل مستثمر مصري أو أجنبي.... ويقول خبير «هذه الوضعية تمنع مصر من التقدم وتجعلها رهينة بين أيدي الجيش.... وبذلك تتحول مصر إلى «ثقب أسود» يبتلع المساعدات دون البوح بمصيرها مطالباً دائماً بالمزيد...

الثكنة

إن مثل هذه الحملات الإعلامية العنيفة ليست جديدة على العلاقات بين الدول العربية... ودون فتح جروح قديمة كان الظن أنها اندملت لابد من القول... «إن شعوباً عربية تُواجه مشاكل حياتية قد تعصف بالاستقرار والهناء، لذلك فالدعم ضروري، بل واجب، على أساس أن يُستعمل بحكمة بما يعود بالخير على الطبقات التي تعاني من الضيق».... إن للجيش دوراً في الحفاظ على الوحدة والدفاع على الوطن ولا مجال له لا في السياسة ولا في الاقتصاد... إن الله ابتلانا في مغاربنا بجيش يتحكم في دواليب ومصير شعب، جار وشقيق... وشنقريحة وأمثاله يجب أن يعودوا إلى ثكناتهم.