على بعد أيام قليلة، نودع 2022 بكل نجاحاتها، وإخفاقاتها على المستوى السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي وكذا الديبلوماسي.
وفيما يعتبر قرار مجلس الأمن الدولي شهر أكتوبر 2022 بتمديد بعثة المينورسو، والدعوة لاستئناف التفاوض، تجسيد للدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، أكد عبد الفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، في تصريح لجريدة «الوطن الآن» الأسبوعية، على أن السنة التي سنودعها بعد أيام، تعتبر سنة فارقة بالنسبة لأداء الدبلوماسية المغربية على المستوى الإقليمي والدولي، وذلك بالنظر للنجاحات الهائلة كما، ونوعا، عززت قوة الموقف التفاوضي للمملكة المغربية حول قضية الوحدة الترابية، وزادت في ثقل المملكة في علاقات التعاون مع العديد من الدول، ولاسيما تلك التي كانت إلى يوم أمس قلاعا تناصر خصوم المملكة.
وأضاف الأستاذ والباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أنه في الوقت الذي تحول فيه المغرب إلى دولة رائدة خلال المشاورات الإقليمية، والدولية، لمصداقيته ولكونه شريك مجرب، وموثوق فيه، فإن دبلوماسية الجزائر أخفقت حتى مع دول كانت حليفة لها على المستوى الإفريقي والدولي، مما كرس عزلتها خاصة بعد عنادها في تصعيد الأزمة الدبلوماسية مع المغرب، ورفض مبادرات للوساطة العربية، والإفريقية الرامية إلى إعادة تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الجارين.
ولفت المتحدث ذاته، إلى أن هذه نجاح الأداء الدبلوماسي المغربي، جسد أيضا بالمقابل، الإخفاق الدبلوماسي الجزائري، من خلال تزايد حشد التأييد الإفريقي بالحضور الفعال للمغرب في مختلف أجهزة الاتحاد الإفريقي، مما قطع الطريق عن صدور مواقف داعمة لأطروحة الجزائر الانفصالية، بل بات الاتحاد الإفريقي ينتصر للمشاريع التنموية، والاقتصادية والاجتماعية التي يقترحها المغرب خدمة للقارة الإفريقية. وشدد في هذا الإطار بكون الملك محمد السادس، رائد للهجرة في إفريقيا.
من جهة أخرى، يقول رئيس مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، إن المغرب، عزز مصداقيته بالعلاقات المتوازنة مع مختلف الدول، فعلى المستوى العربي والإسلامي كرس التأكيد على ضرورة احترام مبدأ السيادة والوحدة الوطنية للدول، ومنها الوحدة الترابية للمملكة وتدعيما لذلك تعمل دول عربية، وإسلامية للمشاركة في التحشيد الدولي لصالح مبادرة الحكم الذاتي.
وأضاف بأن أحد أكبر الاختراقات الدبلوماسية المغربية تمت على مستوى الاتحاد الأوربي، ولاسيما في مواقف دولية الأكثر تأثيرا في سياسته الخارجية، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي تطور فيه الموقف الألماني بتأييده لمبادرة الحكم الذاتي، معتبرا إياها حلا واقعيا مستداما للنزاع حول الصحراء، فإن الموقف الإسباني شكل الحدث حين اعتبر أن الحكم الذاتي هو الحل الأكثر واقعية، ومصداقية، لإيجاد تسوية سياسية لنزاع الصحراء.
ويعد هذا الاختراق، حسب المتحدث ذاته، فتحا مهما توالت بعده المواقف الأوربية المؤيدة لمقاربة الحكم الذاتي، كما هو الحال بالنسبة للموقف البرتغالي، والموقف الهولندي، والموقف البلجيكي، والموقف الصربي وغيرها من الدول ذات الوزن السياسي الدولي الكبير.
وفي السياق ذاته، أفاد الفاتيحي، أنه بخلاف ذلك انحسر أداء دبلوماسية الجزائر وجبهة البوليساريو، فقد خسرا الرهان على كل المستويات، بل حتى على مستوى انسجام قيادة صنيعتها جبهة البوليساريو التي تعيش أسوء أيامها قبيل انعقاد مؤتمرها حيث سارعت عدة قيادات التي تمثل إحدى أعمدتها على إلى إعلان استقالتها.
وزاد قائلا: «بالتزامن مع الاختراقات الدبلوماسية الجديدة على مستوى دول أمريكية، فإن دبلوماسية افتتاح قنصليات عامة بجهتي الصحراء الداخلة والعيون تواصلت بشكل مكثف، مما يجعلها خطوة جد مهمة لصالح الموقف التفاوضي للمغرب، وكذلك لصالح هذه الدول التي هي اليوم تحتفل بذكرى افتتاح قنصلياتها بالصحراء تقديرا للمكتسبات المحققة».
ويعد القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي حول الصحراء، يقول الفاتيحي، تتويجا لجهود الدبلوماسية المغربية على الصعيد الدولي، حيث يدعو مجلس الأمن إلى ضرورة إيجاد حل سياسي، واقعي وعمل ومستدام عبر آلية الموائد المستديرة التي ابتكرها المبعوث الشخصي السابق هورست كوهلر، وسيواصل عقدها المبعوث الشخصي الحالي إلى الصحراء ستيفان دي ميتسورا لولا الرفض الجزائري وجبهة البوليساريو لحضورها.