الثلاثاء 16 إبريل 2024
كتاب الرأي

بن يونس المرزوقي: من حادثة الطفل ريان لمونديال فريق وليد الرݣراݣي...أيقونتي وحدة المشاعر والطموح

بن يونس المرزوقي: من حادثة الطفل ريان لمونديال فريق وليد الرݣراݣي...أيقونتي وحدة المشاعر والطموح بن يونس المرزوقي
أثبت المغرب خلال سنة 2022، صحة إحدى النظريات التي تُرجع تشكل الشعوب والأمم، وبالتالي نشأة الدولة، إلى تنامي ذلك الوجدان المشترك، الذي يجعل مجموعة بشرية تتقاسم المآسي والأفراح.. الإيجابي والسلبي.. الحلو والمر..
تأكد ذلك في بلادنا.. خلال هذه السنة 2022..
لم يكن ذلك للمرة الأولى، فقد سبق أن أبان الشعب المغربي عن تلاحمه في أحداث حزينة وأخرى مفرحة..
كان ذلك عند استقلال البلاد.. وعند المسيرة الخضراء.. وعند مشاركات الفريق الوطني في مباريات دولية.. وعند الفوز بميداليات في ألعاب القوى.. وغير ذلك كثير..
وكان ذلك أيضا عند زلزال أݣادير.. وعند وفاة المرحومين محمد الخامس والحسن الثاني.. وعند زلزال الحسيمة.. وغير ذلك كثير أيضا..
ولكنه هذه المرة وقع لكي لا يفتح المجال للتراخي في العلاقات المجتمعية والإنسانية..
كان ذلك مع بداية السنة.. في فاتح فبراير..
اختفى الطفل ريان.. ليُعثر عليه عالقا داخل بئر ضيق وعميق بجانب منزل عائلته..
وكان لك بداية لأحداث شدت أنظار العالم كله لبلادنا..
خمسة أيام كاملة.. عاشتها مختلف الفئات الاجتماعية والمهنية ببلادنا..
الوقاية المدنية.. الهلال الأحمر المغربي.. خبراء التربة وحفر الآبار والأنفاق.. المهندسون.. الطوبغرافيون..
السلطات المحلية والإقليمية والجهوية والوطنية..
الآليات والمعدات.. الحفر اليدوي.. عموديا وأفقيا..
متابعة عالمية.. بث مباشر مستمر وتغطيات من كل أصناف الإعلام..
المتطوعون من كل مكان.. ومن كل الأعمار..
ومتابعة مباشرة من جماهير غفيرة من كل أنحاء التراب الوطني..
تفاعل من كل الفئات.. السياسيون.. الأطباء.. الفنانون.. الرياضيون..
وطنيا ودوليا..
اهتمام ومتابعة ملكية..
تفاعل رؤساء دول ورؤساء حكومات ووزراء..
خمسة أيام متتالية قطعت أنفاس مختلف فئات الشعب المغربي..
وبعدها أُعْلِن عن وفاة أيقونة وحدة المشاعر..
وبنفس التضامن..
في إطار النسخة 22 من مونديال كأس العالم.. من 20 نوفمبر لغاية 18 دجنبر 2022..
ألهب الفريق الوطني وجدان وشعور المغاربة..
فخرجوا.. مرة أخرى.. بمختلف فئاتهم لإعلان فرحتهم..
وتحولت الفرحة الوطنية.. لفرحة عربية.. أفريقية.. إسلامية.. بل كسب الفريق الوطني تعاطفا عالميا..
ومرة أخرى.. نفس ما وقع بخصوص مأساة الطفل ريان..
شعور قوي بالتضامن والأمل المشرق..
خرج ملك البلاد.. وكل الأمراء ليعبروا بدورهم عن ابتهاجهم بمنجزات الفريق الوطني..
وشد المغرب أنظار العالم مرة ثانية..
وأصبح وليد الرݣراݣي أيقونة الطموح..
لقد أيبح المغرب مصدرا لقيم جديدة.. كاد أن يطويها النسيان..
قيم التضامن.. والتآزر.. والتآخي من جهة..
قيم "النية".. و"رضاة الوالدين".. وعمق مشاعر الأمومة من جهة أخرى..
إن أحداث هذه السنة قد أعادت للأذهان نقاشا وجوديا..
فرغم تداعيات جائحة كورونا على المستوى المعيشي للفئات الفقيرة والهشة.. بل كل الفئات الاجتماعية..
ورغم ارتفاع أسعار الطاقة وتعميقه لانحدار المستوى المعيشي..
ورغم المواقف المتزايدة والمتصاعدة ضد السياسة الحكومية..
ورغم كل هذا وذاك..
تأكد مرة أخرى أن الروابط بين مكونات الشعب المغربي لا يُمكن إلا أن تزداد وتتقوى.. لتجعل منه شعبا متراصا..
وليس هذا ببعيد عن شعب موحد أصلا وراء ملك البلاد، وحول الوحدة الترابية والوطنية..
بقي فقط أن نستخلص الدروس مما وقع..
ذاك من مسؤولية الطبقة السياسية التي عليها أن تعي جيدا أن تلاحم الشعب المغربي في المآسي وفي الأفراح، يُمكن أن يتحول لتلاحم حول نموذج مجتمعي مقبول وقابل للتطبيق..
بن يونس المرزوقي أستاذ باحث/كلية الحقوق وجدة