الجمعة 19 إبريل 2024
منبر أنفاس

العياشي الفرفار: انتظار موت أسوأ من الموت نفسه!

العياشي الفرفار: انتظار موت أسوأ من الموت نفسه! العياشي الفرفار
البارحة زرت بعض عائلات المفجوعين بالاخبار المتواثرة عن هلاك ابناءهم بعرض المحيط . 
جلست قرب الأب، بعدما قدم احد الشباب لي الكرسي الذي كان يجلس عليه وهي إشارة تقدير، الرجل أحس من خلال طريقة سلام الناس، وحديث معي أنني شخص مهم، وربما اساعده في عودة ابنه. 
بدأ يحكي لي حكايات عن الوسيطة، وأن ابنه مازل حيا واستمر في الحكي، لم يكن أمامي من خيار سوى الاستماع إليه ورفع منسوب الأمل في عودة ابنه. 
الحظات عصيبة عشتها مع الرجل، نبرة صوته تغيرت وبدأ أكثر حركة، طلب مني الانتظار وعدم الذهاب.
دخل المنزل، بعد مدة عاد يحمل في يده هاتفا اخر، طلب من الاستماع إلى حوارات طويلة مع امرأة يبدو أنها الوسيطة كانت تتكلم معهم عبر هاتف ابنه. 
وأنا استمع يتدخل و يكرر جملته الوحيدة " ولدي مازال حي "  "ولدي  مازال حي" . تيلفونو مازال خدام.
أصبحت تحت رحمة الرجل المكلوم، مازال متيقنا أن ابنه سيعود، لحظتها طلبت من أحد الشباب أن يستقبل المعزين وأن يخبرهم أن لا يقدموا التعازي، وأن يكتفوا بمجرد السؤال عن مصير الابن .
حكاية رجل يفكر بإحساسه، لأول مرة يبدو أن لن يسمع كلام القايد واخباره وأن ابنه في عداد المفقودين وأن لا يثق 
سو ى  بربه و احساسه .
حكاية الرجل المسكين ذكرتني بنفس حكاية المراة الحزينة والحكيم بودا .
المسكينة لها ابن وحيد هو كل حياتها مات بين يديها رفضت دفنه متمسكة بأمل العودة للحياة .  
جربت كل الوصفات و زارت كل العرافين والعشابين وكبار السن بلا جدوى . 
أخبرها ان الحكيم بودا قد يساعدها صعدت الجبل مسرعا نحو الحكيم أخبرته وأحس بها منحها الأمل، منحها الحياة 
أخبرها ان ابنها سيعود للحياة بشرط إحضار حبة خرذل من منزل لم يزره الموت . 
نزلت فرحة تطرق كل أبواب المدينة من اجل حبة خرذل ، وجدت الحبة لكن كل البيوت زارها الموت . 
عادت إلى الحكيم و فهمت الدرس وأن دوام الحال من المحال ودفنت ابنها وعادت إلى بيتها الصغير تحمل حزنا عظيما في قلبها . 
 ربما هي نفس الحكاية بنقطة اختلاف وحيدة أين الحكيم؟
تركت المكان وكلمات الرجل تحاصرني وأنا أطلب من الله أن يكون الابن على قيد الحياة من أجل أب توقفت حياته.