السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

كريم مولاي:هذا ما يجب على النظام الجزائري أن يتعلمه من قطر والمغرب

كريم مولاي:هذا ما يجب على النظام الجزائري أن يتعلمه من قطر والمغرب كريم مولاي
شدت دولتا قطر والمغرب أنظار العالم والعربي منه على وجه الخصوص في الأسابيع القليلة الأخيرة، قطر بسبب جدارتها في استضافة بطولة كأس العالم، والبرهنة واقعيا أنها أقوى من أن تخضع لابتزاز الغرب حتى وإن كان هذا الغرب قويا كما هو معروف.. أما المغرب فقد أدهشت العالم بقدرتها على التحدي كرويا وإزاحتها لفرق كبيرة بحجم إسبانيا والبرتغال وبلجيكا، وبعثت أملا جديدا لدى العرب بأنه بالإمكان المنافسة والانتصار دوليا فقط بقليل من العزيمة والإرادة والثقة بالذات..
وشاهد العالم جميعا بما في ذلك العرب، كيف تستثمر قيادات عربية أموالها في بناء قدراتها الذاتية، فقطر الدولة الصغيرة حجما الكبيرة إرادة، أدارت بطولة عالمية واستضافت ملايين البشر من مختلف أصقاع العالم، من دون أن إسلام معتدل متسامح يحفظ عن مبادئها ولا عن ثوابتها الدينية، وقدمت صورة نادرة لإسلام معتدل يحفظ أمن واستقرار الناس ويضمن للجميع المتعة بمباريات رياضية فعالة..
وبينما تتنافس دولنا الغنية، وفي مقدمتها الجزائر على تقديم نفسها للغرب بوجه حداثي في الوقت الذي تحكم فيه شعبها بالحديد والنار، قدم الفريق المغربي لكرة القدم صورا نادرة ليس فقط في المنافسات صعب رؤوس الأمهات مرورا بالدعاء والتوجه إلى الله، فضلا عن الأخلاق العالية الرفيعة، اكتشف العالم مغربا عربيا أمازيغيا مسلما، حتى وإن كان جزء كبير من لاعبي منتخبه من المغتربين في الدول الأوروبية.. 
ولكم تألمت كجزائري أولا وكواحد من أبناء منطقتنا المغاربية ثانيا ثم كأحد مواطني دولنا العربية، أن الجزائر التي ترأس القمة العربية منذ استضافتها للدورة الأخيرة في نوفمر الماضي، بدل أن تحتفي بهذه الإنجازات العربية المشرفة من قطر والمغرب، عمدت إلى ضرب هذه الصورة وتبخيسها..
أفهم جيدا أن النظام الحاكم في الجزائر يغيضه أن ينجح الآخرون حيث فشل هو، فقد نجح المغرب في تأمين بنية تحتية متطورة مكنت مواطنيه من تأمين حياتهم على الرغم من الأزمة الاقتصادية التي مر بها العالم خلال السنوات الماضية عقب انتشار وباء كورونا ثم تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، فضلا عن الحرب الباردة التي يفرضها النظام الجزائري عليه محليا وإقليميا ودوليا..
كما نجحت قطر في جمع قلوب العرب والمسلمين خلفها أولا في الدفاع عن ثوابت الأمة وقيمها، ثم في تقديم صورة مشرقة عن الدولة المتسامحة التي لا مكان فيها للحقد والكراهية والبغضاء.. حتى أن العالم جميعا شاهد أمير دولة قطر الشيخ تميم وهو ينزل لتقبيل يد والده الأمير الوالد الشيخ حمد في صورة رائعة تلخص قيمة الوالدين التي ربطها المولى عز وجل بعبادته على خلاف نظامنا الجزائري الذي يترجم فعليا قوله تعالى: "كلما جاءت أمة لعنت أختها"..
هذه النجاحات فشل النظام الجزائري في إنجازها يوم مكنه العرب من استضافة قمتهم، فبدل أن يستثمرها لتحقيق شعار لم الشمل العربي، جعلها محطة أخرى لتعميق الانقسام والتشرذم.. وبدل أن يقف إلى جانب فلسطين الجريحة ويرفع عن أهلها المحاصرين المعاناة، دفع من قوت الجزائريين لسلطة التنسيق الأمني عبر بوابات الاحتلال..
وهذا هو الدرس الذي يجب على النظام الجزائري أن ينصت إليه بكثير من التواضع والاهتمام، ليس المهم أن تجد نفسك على أرض حباها الله بكثير من الثروات الباطنية فتنفقها يمينا وشمالا من أجل بث الفوضى والعبث لإثبات الذات، وإنما المهم أن تكون لديك القدرة المادية وقبلها الإدراكية في توظيف هذه النعم من أجل حفظ أمن واستقرار الجزائر وتحقيق الرفاه لأبنائها وجعلها بلادا جالبة للاستقرار وليست طاردة لأبنائها وخيرة شبابها..
 
كريم مولاي، خبير أمني جزائري / لندن