Wednesday 18 June 2025
فن وثقافة

أقلمون: ترحيل معرض الكتاب للرباط يجب أن يكون نقلة نوعية للحفاظ على طابعه الدولي

أقلمون: ترحيل معرض الكتاب للرباط يجب أن يكون نقلة نوعية للحفاظ على طابعه الدولي عبد السلام أقلمون
26 سنة بين أحضان الدار البيضاء كانت كفيلة بأن يلفه سكانها، المعرض الدولي للكتاب يغادر العاصمة الاقتصادية صوب الرباط، قرار نزل على بعض مواطني البيضاء كالصاعقة، لكن في المقابل اعتبره آخرون خطوة إيجابية ستدعم من جديد ألقاب العاصمة الإدارية للمملكة، بعد انتزاعها لقب العاصمة الثقافية على المستوى الإفريقي والعربي.
وفي هذا السياق تسلط "أنفاس بريس" الضوء على موقف عبد السلام أقلمون، بصفته كاتبا وأستاذ بالتعليم العالي، بشأن ترحيل المعرض
 
كيف تلقيت قرار نقل المعرض الدولي للكتاب من عقر داره البيضاء إلى العاصمة الرباط؟
بخصوص ترحيل المعرض الدولي للكتاب إلى العاصمة الرباط بعد سنوات من إقامته بالدار البيضاء، سوف يثير بلا شك جملة من ردود الأفعال المتنوعة.
 فالارتباط بالأمكنة انفعال نفسي خلدته الكثير من الأعمال الأدبية، وأبرزت أن الإنسان لا يمكنه أن يتمثل العالم خارج الزمان والمكان، وهذا الأخير هو محضن للذاكرة وخزان لحركة الحياة.
 فلذلك سيكون طبيعيا أن يستشعر سكان البيضاء أن أروقة بيضاء كانت تحف جنبات مسجد الحسن الثاني تضلل بأجنحتها المتراحبة صناع الحياة الثقافية، سيكون طعم الفقد عالقا بوجدانهم كلما عبروا ذلك المكان خصوصا في ذلك الزمان المحدد لاستضافة المعرض، سيدق ناقوس الفراغ ليعلن لهم جميعا أن ارتياد عوالم الألوان والأوراق، وأكوام الأسرار المعرفية المبثوثة فيها، قد طارت إلى مكان آخر، إلى الرباط مدينة الأنوار، لتزداد اشتعالا وضياء بمعرض الكتاب.
 سوف يتساءل الرواد والمرتفقون والمرتبطون والمستفيدون... عن سبب هذا الترحيل، فيكون الجواب المقنع وحده هو ما يجب، وأنا واحد ممن ألفوا هذا الزمكان الثقافي: المعرض الدولي للكتاب الدار البيضاء، وتنتابني أحاسيس الهجرة والانتقال، وأنا أشد الرحال إلى الزمان الثقافي في مكانه الجديد: الرباط:
      ودع هريرة إن الركب مرتحل           وهل تطيق وداعا أيها الرجل
كان توديع هريرة مفروضا ولم يكن اختيارا، لكن الذي سيبذل في الرباط لإخراج مظهر من مظاهر الزمان الثقافي المغربي في حلة مبدعة، هو وحده سيمحو رواسب التعلق بأروقة البيضاء، وسوف يفعل الاعتياد فعله، وسوف يطيق الرجل وداع هريرة. 
 
هل ترى أن تبرير نقله بالميزانية أو بمكانة الرباط الثقافية، تبرير مقنع؟ 
لا يمكن تبريره فقط بالميزانية، أو الرغبة في احتياز علامة إشهارية متميزة لفائدة مدينة على حساب أخرى، ولا الانسجام مع الملاءمة الترابية التي منحت الرباط وسم الأنوار، لأن البيضاء بدورها لا تقبل وسما نقيضا، الذي سيبرر هذا الترحيل أو الذي سيسوغه هو أن يكون الحدث في الرباط نقلة نوعية في الشكل والمحتوى لا يشبهها شيء آخر، وجعل هذه المحطة تستحق اسم "دولية" بما ستوفره من إبهار حقيقي للفت الانتباه إلى أن الثقافة والعلم والكتاب هي روح الأمم وتستحق أروقتها أن يبذل من أجلها الكثير من الجهد والابتكار.
 لا بد أن يكون انتقال المعرض إلى الرباط نقلة تعلن أن مغربا ثقافيا جديدا هنا لا يقبل غير التميز في شكله ومحتواه، لابد من صدمة إبداعية تخلق الدهشة في قلوب الزائرين، وتجعلهم جميعا يعلنون أن المعرض الدولي للكتاب هنا حدث استثنائي، فتكون الرباط قلبا لا ينبض في ذلك الزمن بغير العلم والمعرفة والثقافة، وسوف تسر البيضاء وكل ربوع المملكة بأن هذا الشكل من الاحتضان الثقافي لا يليق بغير عاصمة الأنوار. 
أما الدار البيضاء فمدينة الديناميكا الاقتصادية المزدهرة، وستجد في أحدات صناعية وتكنولوجية ما ترد به التحية للرباط، فتزهر أروقتها بالزوار من كل حدب وصوب، ليكون التنافس ملحمة للتحالف من أجل مغرب عظيم.