الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

قيلش: الدولة الاجتماعية غير منفصلة عن الدولة الديموقراطية ودولة المؤسسات

قيلش: الدولة الاجتماعية غير منفصلة عن الدولة الديموقراطية ودولة المؤسسات عبداللطيف قيلش
لا شك أن المغرب يشكو من أعطاب بنيوية، مثلت إعاقات مركبة أمام تقدمه وتنميته المستدامة. ولتجاوز هذه الإعاقات يستوجب الأمر الإرادة السياسية لفتح مسارات التخطي والتجاوز. إن المداخل متعددة ومرتبطة عضويا لا تقبل التجزيء.
وفي هذا السياق تشكل المسألة الاجتماعية قضية محورية بتعدد أبعادها، تتطلب تصورا واضحا وإجراءات عملية وملموسة بالنظر للأوضاع الاجتماعية المتدهورة نتيجة السياسات المتبعة من طرف الحكومات المتعاقبة، وهي سياسات تترجم إملاءات المؤسسات المالية المانحة المرتكزة على التقشف؛ وتقليص الكتلة الأجرية؛ وبالتالي تقليص المناصب المالية، وتهميش القطاعات الاجتماعية؛ والمضي قدما نحو خوصصة وتسليع الخدمة العمومية.
إن هذا الوضع المختل ازداد تفاقما إبان الجائحة وبعدها بالنظر لتداعياتها. إغفال العامل الدولي المتمثل في الحرب الروسية -الأكرونية وعامل الجفاف؛ ماأدى إلى المزيد من إرتفاع الأسعار واتساع التفاوتات الاجتماعية والمجالية.
ومن ثمة فإن الحاجة الملحة للدولة الاجتماعية لمواجهة التحديات المطروحة ومعالجة مختلف المعضلات.
والدولة الاجتماعية ليست أرقاما ولا ميزانيات ،فالكلفة المالية ضرورية ومهمة ولكن ينبغي أن تكون في قلب الرؤية الشمولية للسياسات العمومية ،التي ينبغي أن تتأسس على مركزية الإنسان ومحوريته في فلسفة نسقية. ومن هذا المنظور فالإنسان لا يمكن اختزاله في بطاقة ،فهو متعدد الأبعاد، إنه العيش الكريم والسكن اللائق والحرية والعدل والمواطنة وجودة منظومة التعليم وجودة منظومة الصحة ، والحقوق السياسية والمدنية ،والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الاجتماعية والعدالة المجالية.
كل رؤية اختزالية لمفهوم الدولة الاجتماعية يحولها إلى خطاب للاستهلاك ويفرغها من مضمونها؛ وبالتالي كل نقاش حول قانون المالية يسجن نفسه في لغة الأرقام، دون الخوض في مناقشة مرتكزات وفلسفة قانون المالية هو سقوط في نقاش بنفس المنطق الذي بني به.
إن الدولة الاجتماعية غير منفصلة عن الدولة الديموقراطية دولة المؤسسات ودولة الحق والقانون ودولة الحريات.
إن دروس الجائحة أظهرت أنه لا مناص من مواجهة إشكالية التخلف والتأخر التاريخي؛ لامتلاك مقومات الوجود والصمود، ولعل المقوم المركزي هو المعرفة؛ فهي صانعة الثروة ومن تم يشكل التعليم أحد التحديات الكبرى لبلادنا؛ فإذا لم تحدث القطيعة مع الاختيارات التاريخية على مستوى التصور وعلى مستوى التدبير، بما يعيد الاعتبار للتعليم العمومي ولنسائه ورجاله، عبر إصلاح شمولي ببعد استراتيجي يقطع مع المنطق الظرفي للمقاربات السابقة. المعنى فمفهوم الدولة الاجتماعية مفهوم مركب.
 
عبداللطيف قيلش، باحث في العلوم السياسية